لا بد لنا من التوقف قليلا عند محطة مهمة من تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. هذه المحطة تتعلق بما ورد عن قيام كل من وزير الخارجية السوري فاروق الشرع و نائبه وليد المعلم بإعطاء معلومات خاطئة للجنة، ومحاولة تضليل التحقيق.
ان هذه التهمة التي يسوقها تقرير ميليس في حق الشرع و المعلم انما تشكل نقطة سلبية للغاية تحسب عليهما بإعتبارهما يمثلان واجهة النظام السوري في الخارج. و الحال ان اعلاميا عربيا كبيرا لفتني البارحة الى هذه المسألة عندما اتصل بي هنا في جدّه ليناقشني في المقالة التي كتبتها البارحة . و اعتبر ان الخلاصات الاولية التي اوردتها حول التقرير افتقرت الى عنصر على جانب كبير من الاهمية . فإتهام وزير خارجية بلد ما عمليا ب" تتعمد الكذب" في مراسلاته مع المجتمع الدولي تعتبر نقطة ضعف كبيرة في صدقية الحكومة التي يمثل . و ذهب الاعلامي المذكور الى ابعد من ذلك بقوله ان الشرع بالتحديد قد تضرر الى ابعد الحدود بعدما دمر تقرير ميليس صدقيته وزير للخارجية يفترض ان يحافظ عليها و يدافع عنها في كل الظروف من اجل ان تمكنه هذه الصدقية من خدمة القضية التي يدافع عنها بفاعلية. و لعل قضية النظام السوري في موضوع اغتيال رفيق الحريري هي من الصعوبة بحيث كان على الشرع ان يتحاشى التفريط بالقليل من الصدقية التي ينطلق منها ممثلا لنظام معزول متهم بشكل او بآخر بارتكاب جريمة اغتيال مصنفة ارهابية من قبل المجتمع الدولي.
و رأى الاعلامي العربي الكبير ان الشرع الذي سبق وا رتكب اخطاء في الممارسة و التحليل و اعلان المواقف لم يكن في حاجة الى هذا التقييم السلبي في حقه من قبل لجنة تحقيق دولية مكلفة بالتحقيق من قبل اعلى مرجعية دولية في وقت يتجه النظام الذي يمثله الى مزيد من العزل من جراء قرب انتقاله من تصنيف الدولة الراعية للارهاب ( اميركيا ) الى الدولة التي تمارس الارهاب . و هذه مسألة غاية في الخطورة في مرحلة يتميّز فيه مسار النظام بأنه انحداري من دون انقطاع.
ان مسلسل اخطاء الشرع بات محط تندر في الوسطين الاعلامي و الدبلوماسي العربيين. و قد اثبت عن قصور في الرؤية و التحليل الصائبين ، حتى ان وزراء خارجية عربا عدة يسرون في مجالسهم الخاصة انهم يتجنبون الاختلاط به ،معتبرين انه ينتمي الى عالم خيالي لا يمت بصلة الواقع . لا بل ان بعضهم يرى فيه احد العناصر الرئيسية التي تسببت في اندفاع الرئيس بشار الاسد و نظامه الى مراكمة الاخطاء القاتلة و مفاقمة ازمات النظام في زمن قياسي لا يتعدى السنة الواحدة. وقد يكون من المفيد سؤال فاروق الشرع عن وصفته السحرية التي مكنته من تحقيق انجاز منقطع النظيرألا وهو توحيد العالم ضد النظام السوري و تبديد ارث حافظ الاسد بأبخس الاثمان.