السبت:24. 12. 2005
أندرو ماسلوسكى
من يحتفل بالكريسماس فى أمريكا؟
يعتبر الكريسماس أحد الأعياد المسيحية الأساسية، حيث يعيش في أمريكا حوالي 160 مليون مسيحي يشكلون 75% من إجمالي سكان الولايات المتحدة وذلك طبقا لدراسة أجريت عام 2001. ورغم الصبغة المسيحية للاحتفال، إلا أن غالبية الشعب الأمريكي من غير المسيحيين تمارس تقريبا نفس العادات والطقوس في هذه المناسبة نظراً لأهمية هذا العيد وللمظاهر التجارية المتعلقة به.
المناظرات السياسية في أمريكا وأعياد الميلاد
يرجع الجدل الدائر حول أعياد الميلاد إلى الخلاف والتوتر بين الذين يحتفلون بهذه الأعياد وبين الذين لا يحتفلون بها ومن أشهر المجادلين في هذا المضمار هو بيل أوريلى Bill Orsquo;Reilly الصحفي والمحاور التليفزيوني لبرنامج أوريلى فاكتور OReilly Factor الذي يعرض على قناة فوكس نيوز الإخبارية يومياً من الاثنين إلى الجمعة والبرنامج مدته ساعة واحدة وينتمي لتيار المحافظين الاجتماعيين وهو برنامج إخباري في الأساس، وقد قام أوريلى مؤخراً، في برنامجه، باتهام quot;التقدميين العلمانيينquot; الذين يسعون- على حد زعمه ndash; إلى طرد عيد الميلاد أو الكريسماس من دائرة اهتمامات المواطن الأمريكي، فهو يقول أن هؤلاء العلمانيين يريدون أن يقلصوا تأثير أعياد الميلاد في المجتمع الأمريكي ويقضون على بقايا القوة المسيحية، ويضيف أوريلى قائلاً quot;إن أهمية الجدل الدائر حول أعياد الميلاد أو الكريسماس يرجع لكونه المكون الأساسي في الحرب الثقافية بين الأمريكيين التقليديين والأمريكيين التقدميين، ولكن ما هي طبيعة هذه الحرب الثقافية على وجه التحديد؟
ففي الساحة القانونية هناك الكثير من الأمريكيين الذين يعارضون وضع الرموز المسيحية كالصلبان في الأماكن العامة سواء أثناء الكريسماس أو خلال أي وقت أخر في السنة زاعمين أن ذلك يعد خرقاً لمبدأ فصل الكنيسة عن الدولة.
وإحدى هذه القضايا رفعتها جمعية الملحدون الأمريكيون American Atheists Association ضد هيئة قوات الشرطة في ولاية يوتاه Utah State Troopers الذي نصبوا الصلبان على جانبي بعض الطرق السريعة في ولاية يوتاه وذلك تخليداً لذكرى زملائهم الشهداء، وتقوم حجة الملحدين على أن هؤلاء يمثلون هيئة حكومية وليس لديهم الحق في وضع الرموز الدينية في الطرق العام.
ويدافع أعضاء هيئة تروبرز The Troopers، بأن النصب التذكارية التي شيدت تمثل رغبة أسر ضحايا قوات الشرطة في الولاية وأن الصلبان مستخدمة عالمياً في تشييد النصب التذكارية وهى ليست رموز دينية سافرة.
ويشتد الجدل حول استخدام الرموز المسيحية ووضعها في الأماكن العامة خلال موسم أعياد الميلاد وذلك لأن كثيرا من المدن والمقاطعات الأمريكية تضع أشجار أعياد الميلاد واللوحات المسماة بلوحات الميلاد- التي تصور السيدة العذراء حاملة السيد المسيح وهو طفل صغير- وذلك في وسط المدينة أو مدخلها وهذا في الغالب يثير حفيظة أصحاب الديانات الأخرى وخاصة اليهود الذين يرون أن شجرة عيد الميلاد تزاحم شجرتهم المقدسة ذات السبعة أعضاء المعروفة باسم المنوراه Menorah والتي تستخدم كزينة في عيد الهانوكاه اليهودي الذي يأتي في توقيت قريب من عيد الميلاد.
وخلاصة القول أن أوريلى يتفاعل مع ما يراه هجوم ماكر على أعياد الميلاد والمسيحيين في أمريكا والذي يسعى لمحو أهمية هذا العيد وتهميش دور المسيحيين، وهو يعتقد أن هذه الهجمات تحدث على سبيل المثال عندما تستخدم بعض الشركات عبارة (الأعياد السعيدة) في إعلاناتها الموجودة في أماكن التسوق وذلك بدلا من عبارة كريسماس سعيد أو Merry Christmas بينما ينتقد البعض هجوم أوريلى على عبارة quot;الأعياد السعيدةquot; وذلك لأن الاحتفال بعيد هانوكاه اليهودي وعيد الكوانزاه Kwanzaa للأمريكيين الأفارقة يتزامنان تقريبا مع ميعاد الاحتفال بأعياد الميلاد، مثلهما كأعياد رأس السنة العلمانية.
وهم يجادلون بأن عيد الكريسماس هو واحد من ضمن أعياد عديدة يتم الاحتفال بها في نهاية شهر ديسمبر ولذلك لابد من استخدام عبارة أكثر شمولية مثل quot;الأعياد السعيدةquot; وذلك عند التعامل مع كافة فئات الشعب الأمريكي.
المسلمون والعرب الأمريكيون والتجربة المسيحية
طبقا لإحصائيات اللجنة العربية الأمريكية لمناهضة العنصرية Arab Anti-Discrimination Committee فإن معظم العرب المقيمون في أمريكا هم من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين وطبقا لإحصائيات المعهد العربي الأمريكي هناك 66% من هؤلاء العرب يعتنقون الديانة المسيحية بينما الـ 24% الباقية هم مسلمون وبعض المذاهب المسيحية الأخرى مثل الأرثوذكس الذين يحتفلون بأعياد الميلاد يوم 7 يناير، ومن الجدير بالذكر أن الكثيرين من المسلمين الأمريكيين يحتفلون بالكريسماس، فهم يشترون شجرة الكريسماس ويزينونها ويوزعون الهدايا على بعضهم يوم عيد الميلاد.
وبغض النظر عن اختلاف العقائد والأديان فمعظم الأمريكيون يشاركون في احتفالات أعياد الميلاد وذلك بسبب كونه أحد المظاهر الدينية أو مناسبةquot; طيبةquot; للاجتماع بالأهل والأحباب.
يهرع ملايين الأمريكيين إلى محال التسويق لشراء مستلزمات أعياد الميلاد وذلك في اليوم التالي لعيد الشكر، وعلى مدى السنوات الماضية دارت مناقشات عديدة في الولايات المتحدة حول أهمية عيد الميلاد أو الكريسماس Christmas ، فهل هو موسم للتسوق لمعظم الأمريكيين وهل ما زال ينطوي على دلالة دينية؟ هذه بعض الأسئلة التي تطرح على طاولة النقاش فيما يتعلق بأعياد الميلاد في الولايات المتحدة وخاصة مع حلول شهر ديسمبر أو موسم أعياد الميلاد كما يحلو للبعض أن يسميه.
كيف يتم الاحتفال بأعياد الميلاد في أمريكا
تم اعتبار عيد الميلاد أو الكريسماس أجازة رسمية في الولايات المتحدة عام 1870، ومنذ ذلك التاريخ أصبح شهر ديسمبر هو شهر أعياد الميلاد فهو لا يقتصر على الاحتفال بيوم الخامس والعشرين فقط ، بل يبدأ معظم الأمريكيين الاحتفال مع بداية الشهر وذلك بزيارة الأقارب والأصدقاء فهو شهر ملئ بالفرحة والسرور، حيث تقوم المدارس بعرض مسرحيات أعياد الميلاد و تكثر حفلات أعياد الميلاد في المكاتب والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ويعتبر الأمريكيون هذا الشهر هو شهر quot;لم الشملquot; حيث يجتمع الأهل والخلان وإن كانوا لا يلتقون إلا نادراً، فإن يوم عيد الميلاد يجمعهم في جو من البهجة والدفء الأسرى.
وجرى العرف أن يزين الأمريكيون واجهات منازلهم بالزينة الكهربائية والمصابيح الملونة كما يشترون الأشجار الخضراء الصغيرة لتزيينها ووضعها داخل بيوتهم وتقوم العائلات الأمريكية بتزيين شجرة عيد الميلاد بالمصابيح الملونة وبعض الزينة الأخرى الفضية والأجراس الصغيرة ويخبئون هدايا أعياد الميلاد لأفراد الأسرة تحت شجرة عيد الميلاد وذلك عشية عيد الميلاد.
وتختلف طقوس فتح الهدايا من أسرة إلى أخرى فبعض الأسر تقوم بفتحها عشية عيد الميلاد quot;Christmas Eve ، بينما يقوم البعض بفتحها صباح يوم الكريسماس نفسه.
وفى هذين اليومين يذهب العديد من العائلات الأمريكية إلى الكنائس لحضور القداس والاحتفال بميلاد السيد المسيح الذي يعتبر مخلص البشرية في نظر أصحاب الديانة المسيحية.
ويعتبر الكريسماس من الأعياد الممتعة بالنسبة للأطفال في أمريكا الذين ينتظرون في شوق ولهفة الحصول على هدايا أعياد الميلاد من الشخصية الخيالية التي تدعى سانتا كلوز أو بابا نويل Father Christmas ، وكما تقول الروايات فإن سانتا كلوز يحضر الهدايا إلى الأطفال الذين سلكوا سلوكاً حسناً على مدار السنة.
التعليقات