أهم خبراء الشئون السعودية بأمريكا راتشل برونسون:

القرار الأهم والمنتظر للملك عبد الله "اختيار من سيخلف ولي العهد الأمير سلطان"

لا أحد على وجه الأرض يعرف المتطرفين الاسلاميين كما يعرفهم الأمير تركي الفيصل

تعمل الباحثة راتشل برنسون Rachel Bronson في مجلس العلاقات الخارجية بمدينة نيويورك، وهي من أهم الخبراء الأمريكيين في الشئون السعودية. عملت برونسون من قبل في مركز السياسات الدولية والإستراتيجية بواشنطن. درست برونسون اللغة العربية لعدة سنوات، وتكتب حاليا كتابا هاما يتعلق بالعلاقات السعودية الأمريكية. حصلت راتشل برونسون على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كولومبيا المرموقة بمدينة نيويورك عام 1997. وهذا نص مقابلة أجراها معها برنارد جويرتزمان من مجلس العلاقات الخارجية.

سؤال
هل تعتقدين أن تولي ولي العهد السعودي الأمير عبدا لله (الحاكم الفعلي خلال العشر سنوات الماضية) للعرش السعودي بعد وفاة الملك فهد الذي صارع المرض طويلا سيعني الكثير على مستوى السياسات الداخلية السعودية، وهل سيؤثر ذلك على العلاقات السعودية الأمريكية؟

راتشيل برنسون
اعتقد أن تولي الأمير عبد الله للعرش السعودي سيعني الكثير من التغيير على مستوى السياسات الداخلية في المملكة، أكثر مما يعني من تغيير على مستوى السياسة الخارجية السعودية. فالملك عبد الله كما ذكرت كان الحاكم الحقيقي للسعودية منذ عام 1995 عندما أصيب الملك فهد بأول جلطة دماغية. ومنذ ذلك الوقت يتعامل معه قادة العالم ويعرفونه على المستوى الشخصي، لذلك لا أتوقع حدوث الكثير من التغيرات. الملك عبد الله أجتمع مع الرئيس الأمريكي بوش في كروفورد في شهر أبريل (نيسان) الماضي، لذلك أتوقع علاقات سلسة على أعلى المستويات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية خلال الأعوام القادمة. داخليا اعتقد أن تولى الملك عبد الله العرش سيمنحه ثقلا في دفع بعض القضايا في طريق الإصلاح الاجتماعي والسياسي. وسيلقي الملك عبد الله الكثير من المعارضة من الأسرة الحاكمة فيما يتعلق ببرامج الإصلاح، لكن تغيير منصبه سيمنحه قوة إضافية.
بالنسبة لقضايا الإصلاح التي توجد على رأس قائمة الرئيس بوش، وصول الأمير عبد الله لسدة الحكم هو تغيير محمود، وهو يتمتع بسمعة طيبة.

سؤال
منذ أحداث 11 سبتمبر أصبح الأمير عبد الله مهتما أكثر بالشئون الخارجية وتمثل ذلك في مبادرته بخطة سلام بين العرب وإسرائيل صادقت عليها جامعة الدول العربية عام 2001، هل سيظل الملك عبد الله مهتما بالشئون الخارجية؟


راتشيل برنسون
من المعروف أن الملك عبد الله يركز أكثر على القضايا الإقليمية بدرجة أكبر من الملك فهد الذي كان يهتم أكثر بالسياسة العالمية. ويعكس هذا اختلاف في الأولويات بين الاثنين وذلك نتيجة لاختلاف ظروف فترة حكم كلا منهما. عندما تولي الملك فهد الحكم كانت السعودية منغمسة كلية في محاولة إيقاف الزحف السوفيتي في أسيا، والنفوذ الليبي في أفريقيا. وكانت الأموال السعودية تستعمل كثيرا في أفريقيا ووسط آسيا ... بل أحيانا في بعض الحالات بأمريكا الوسطى.

سؤال
فيما يتعلق بالعراق، الشيء الوحيد الذي نسمع عنه هو أن السعودية مصدر الكثير من المسلحين الذين يأتون عبر حدودها. هل تعتقدي أن السعوديين سوف يساعدوا العراقيين في هذا الشأن بإيقاف هذا التسلل من أراضيها؟


راتشيل برنسون
لا أعتقد أننا سنرى الكثير من التغيير على مسرح العلاقات السعودية العراقية حيث أن الملك عبد الله هو الذي كان يحكم المملكة بالفعل منذ عام 1995. وهذه القرارات التي تتعلق بالعراق كانت دائما وستظل قراراته، غير أن ما يمكن أن نراه هو تعاونا أكبر مع الولايات المتحدة بشأن الحرب على الإرهاب. ومع استمرار الحوار بشأن تسلل المسلحين السعوديين للعراق، يهتم الأمريكيون بالمتسللين من السعودية للعراق، ومن ناحية أخري تهتم السعودية بالمسلحين الذين يأتون من داخل العراق ومعهم أسلحة مهربة بكميات كبيرة. واعتقد بأننا سنرى المزيد من التعاون السعودي الأمريكي بخصوص هذه القضية. في نفس الوقت الذي يتولى فيه الملك عبد الله عرش السعودية، سيشغل الأمير تركي الفيصل أبن أخو الملك ورئيس المخابرات السعودية السابق منصب سفير السعودية لدى واشنطن. وأعتقد أن هذا مؤشرا واضحا على الجدية التي يعالج بها السعوديون قضيه الحرب على الإرهاب، ورغبتهم في العمل معا وعن قرب مع الأمريكيين في هذا المجال.

سؤال
منذ أسبوعين تم الإعلان بهدوء عن اختيار الأمير تركي الفيصل ليحل محل الأمير بندر بن سلطان الذي شغل منصب سفير المملكة لسنوات طويلة... ما مغزى هذا الاختيار؟


راتشيل برنسون
شغل الأمير بندر منصب سفير السعودية منذ عام 1983، أما الأمير تركي الفيصل شخصية مثيرة للجدل على الرغم من كونه اختيارا جيدا، فهو يعرف الكثير من قادة التطرف الإسلامي منذ أيام أفغانستان عندما قام بدعمهم. ويعرف الأمير تركي شخصيا أسامة بن لادن. ومنذ أن كان على رأس جهاز الاستخبارات السعودية منذ عام 1979 حتى 2001 كانت له الكثير من الاتصالات بجماعات التطرف الإسلامي. وعلى الرغم من اتصالاته تلك كان الأمير تركي واحدا من القلائل التي تنبئوا بمخاطر تلك الجماعات المتطرفة للولايات المتحدة والسعودية قبلما يراها الكثير من أقرانه. وكما يجعله ماضية شخصية مثيرة للجدل، يجعله هذا الماضي شخصية فعالة وقوية. ولا أحد على وجه الأرض يعرف هؤلاء المتطرفين كما يعرفهم الأمير تركي الفيصل. وعندما شغل الأمير تركي مؤخرا منصب سفير السعودية لدي المملكة المتحدة كان هذه منصبا هامشيا له، فذلك المنصب أقل أهمية من منصب مدير جهاز الاستخبارات، ألا أنه يحضر معه لواشنطن هذه المرة فهما جيدا للجيل الثاني من الإرهابيين، هؤلاء الذين ولدوا وترعرعوا في أوروبا وخاصة بريطانيا.
خلال خدمته في بريطانيا، حاول تركي الفيصل أن يؤثر على عدد من الأئمة المتطرفين في بريطانيا. ويحضر معه الأمير تركي كل هذه الخبرات إلى واشنطن التي تهتم أكثر من أي شيء آخر بالحرب على الإرهاب. وأعتقد أن تعيينه في واشنطن علامة جيدة تشير إلي أن الملك عبد الله ملتزم بدور كبير في هذه الحرب على الإرهاب، وهذا بوضع رجاله المقربين في هذه المناصب الحيوية.
وبخصوص الإصلاح وهو قضية هامة تهتم بها إدارة الرئيس بوش، فإن تولى عبد الله العرش تعتبر إشارة حسنة، فكثيرا ما أظهر نفسه كأحد الذين يميلون لتبني نهج الإصلاح أكثر من بقية أخوته. وهو يسعى دائما لبناء جبهة وطنية داخلية متماسكة عن طريق فتح قنوات للحوار الوطني. لذا تتنفس واشنطن الصعداء لوصول الملك عبد الله للعرش، حيث أنه سيوجه مقاومة ضئيلة من إخوته في سعيه لخطوات إصلاحية إضافية.

سؤال
الكل كان يعرف في العربية السعودية أن الملك فهد كان شديد المرض خلال العقد الأخير، هل كان هناك دهشة لوفاته؟


راتشيل برنسون
لا لم يكن في موت الملك فهد مفاجأة شديدة، وانتقال السلطة تم بهدوء شديد. ما ننساه هنا أن السعودية كانت تمر بأزمة سياسية لم يتم الإفصاح عنها خلال السنوات العشر الماضية.

سؤال
ماذا يجب علينا أن نتوقع الآن؟


راتشيل برنسون
القرار الذي يجب أن يترقبه الجميع والذي سيصبح من الميراث السياسي للملك عبد الله هو من سيتم اختياره لتولي منصب ولي العهد بعد الأمير سلطان وزير الدفاع وولي العهد الحالي. من الصعب وإن لم يكن مستحيلا تنحية أي شخص يعينه الملك عبد الله. الملك فهد اختار عبد الله كي يخلفه، واختار سلطان كي يخلف عبد الله. الآن الملك عبد الله لدية السلطة ليختار من يخلف سلطان وهو قرار شديد الأهمية.

سؤال
ما هي أهم القضايا في أجندة الولايات المتحدة الحالية تجاه المملكة العربية السعودية؟


راتشيل برنسون
أعتقد أن الولايات المتحدة تطلب ثلاثة أشياء من السعودية. أولهم التعامل بجدية في الحرب على الإرهاب الدولي بما يتضمن الاستمرار في مراقبة وتجفيف منابع تمويل الإرهاب. السعوديون أظهروا تحسنا بخصوص هذه القضية وبالتحديد منذ أحداث 11 سبتمبر، ولكن مايزال أمامهم طريق طويل في الحرب على الإرهاب. تريد واشنطن أيضا من الرياض أن تتعاون بشدة في مجال منع المتسللين من دخول العراق.
ثانيا تريد الولايات المتحدة أن ترى المزيد من التوجه الإصلاحي السياسي والاجتماعي في السعودية، وهو يصلح له الملك عبد الله. أما القضية الثالثة فهي النفط، ووصلت أسعار النفط مؤخرا لمستويات لا ترغب فيها واشنطن. غير أن السعودية ليست المتهم الرئيسي في ذلك، وهناك عدة عوامل أدت لارتفاع الأسعار منها زيادة الطلب بصورة مخيفة من الهند والصين. وعلى الرغم من أن النفط سيكون من أهم أولويات العلاقات بين السعودية وأمريكا، إلا أن الطرفين يجمعهما مصلحة في الحفاظ على أسعار مستقرة.