الأربعاء:04. 01. 2006

علي العبدالله

انتهى عام 2005 والسوريون قلقون على مستقبل بلدهم ومستقبل أولادهم. فالنظام الذي يحكم سوريا ويتحكم بهم منذ عقود أدخل البلاد والعباد في عنق زجاجة ولم يستطع، بأساليبه المعهودة، اقناعهم بأنه قادر على اخراجهم من هذه الورطة.

بدأ النظام عام 2005 باجتراح أسلوب ldquo;سياسيrdquo; جديد في التعامل مع حراك الطيف الديمقراطي المعارض، بعد أن تعامل مع مطالب المعارضين طوال السنوات الماضية على قاعدة قولوا ما تشاءون وأنا افعل ما أشاء، أسلوب ارسال مئات الطلبة البعثيين المسلحين بالعصي والمعززين بالعشرات من عناصر الأمن لمهاجمة المعتصمين من أبناء الطيف الديمقراطي المعارض وتفشيل أنشطة وفعاليات هذا الطيف، كما حصل في يوم 9/3/2005 ضد الاعتصام الاحتجاجي الذي نفذته قوى الطيف الديمقراطي المعارض ضد استمرار حالة الطوارئ لأكثر من أربعين سنة متواصلة، وقيام هؤلاء الطلبة بالصراخ في وجه المعتصمين ldquo;يا عملاء الأمريكانrdquo; والاعتداء بالضرب على عدد منهم. وقد تكرر ذلك في مناسبات تالية. هو على كل حال أسلوب قديم استخدمته الرأسمالية في الولايات المتحدة ضد الاضرابات العمالية منذ عقود تحت عنوان تكسير الاضراب. ناهيك عن إلغاء أي احتمال للتعاطي الايجابي مع المعارضة الديمقراطية والذي تجلى في اغلاق منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي وفي حملة الاعتقالات التي طالت عددا من نشطاء هذا الطيف.

وحتى عندما اشتدت الضغوط الخارجية عليه لم يتخل النظام عن سلوكه ومواقفه من مطالب الاصلاح والتغيير، التي طرحتها قوى الطيف الديمقراطي السوري، وهو سلوك أثار قلق حتى العرب الذين زاروا سوريا وقدموا للنظام النصح بالتعاطي الايجابي مع قوى المعارضة الديمقراطية عملاً بمقتضى قواعد الصراع السياسي الذي يفرض تبريد الخلافات الداخلية وإقامة جبهة قوية تساعد على مواجهة الخارج، خاصة ان المعارضة الديمقراطية السورية لم تقبل بمبدأ الاستقواء بالخارج وأنها تطرح مطالبها بأسلوب علني وسلمي (وفد الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب، والأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، وأمانة مؤتمر الأحزاب العربية .. إلخ). بل إن النظام ذهب إلى مزيد من التصلب، وقرن تصلبه باستخدام العنف كما حصل مع أعضاء منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي الذين منعوا من ممارسة نشاطهم الشهري (محاضرة في يوم السبت الأول من كل شهر)، وrdquo;اللجنة المؤقتة لإعلان دمشقrdquo; التي منعت من الاجتماع علناً في مكتب عضو اللجنة حسن عبد العظيم، وفض اعتصام عدد محدود من المواطنين السوريين أمام مجلس الوزراء في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يوم 10/12/ 2005 بالقوة. بالإضافة إلى تحويل سياسة تخوين المعارضة الديمقراطية من مجرد شعار يردده الطلبة البعثيون في وجه أنصار المعارضة الديمقراطية في الاعتصامات إلى موقف رسمي للنظام بإعلان ذلك الموقف من قبل رئيس الجمهورية وعلى الهواء مباشرة في خطابه يوم 10/10/2005 من على مدرج جامعة دمشق.

لقد أمل السوريون بعد طول انتظار بانفراج ما وعلى أي مستوى من تحسن مستوى المعيشة، قاد التوتر السياسي إلى ارتفاع الأسعار بسبب انهيار سعر الليرة السورية، ومحاربة الفساد الذي يتفاقم يوما بعد يوم ومحاربة البطالة، مرورا باطلاق الحريات الديمقراطية وإطلاق معتقلي الرأي وإغلاق ملف المنفيين قسراً أو طوعاً. ولكن دون طائل، حيث لايزال النظام يتمسك بسياساته ويكرر رفض مطالب المجتمع السوري منكرا وجود ضرورة لحوار وطني ldquo;لأننا لسنا قبائل متصارعةrdquo;، ويرفض أخذ عامل الوقت في الحسبان، فقانون الأحزاب الذي وعد بإصداره لن يأخذ طريقه إلى الصدور في وقت قريب، ناهيك عن اعتبار وزارة الداخلية الجهة المخولة بإصدار التعليمات التنفيذية لهذا القانون، ومواجهة الضغوط الخارجية عبر وسائل الإعلام والمظاهر الخادعة مثل خيمة وطن ونشر الصور والأعلام ومكبرات الصوت العملاقة وبث الأناشيد الوطنية والحماسية في شوارع العاصمة.

* كاتب سوري