الأربعاء:04. 01. 2006

ذاكرة المستقبل
جمعة اللامي


ldquo;إن الطريقة الوحيدة لجمع الناس فيما بينهم، هي إنزال الطاعون عليهم. انظر فيما حولكrdquo;

(كامو - ldquo;الطاعونrdquo;)

بعد نحو أربع صفحات، يتحدث من خلالها الراوي، عن مدينة ldquo;وهرانrdquo; الجزائرية، والتي يسميها (هو): ldquo;فرنسيةrdquo;، يكتب البير كامو، في بداية روايته الشهيرة: ldquo;الطاعونrdquo;، ما يلي: ldquo;خرج الدكتور ldquo;برنار ريوrdquo; صباح 16 نيسان/ابريل من عيادته فعثر بجرذ ميت في وسط سطيحة الدرج. فأزاحه على التو من غير اكتراث له، وهبط السلمrdquo;.

هنا اشارة البداية الى الطاعون الذي يعتقد بعض زملاء ldquo;برنار ريوrdquo; أن أوروبا خلت منه، ولا داعي الى القول مرة أخرى ان الدكتور ldquo;ريوrdquo; يعتقد ان ldquo;وهرانrdquo; فرنسية، وبالتبعية فإن الجزائر أوروبية.

بواب العمارة العجوز ميشال، حيث يسكن الدكتور ldquo;ريوrdquo;، لا يصدق ان جرذاً في المبنى الذي يحرسه، وهو يجادل الدكتور كثيراً في هذا الصدد، ldquo;لأنه يشكل للبواب فضيحةrdquo; حسب الراوي.

ldquo;الجرذrdquo; يعني ldquo;الطاعونrdquo;.

المواطن النمساوي، الدكتور كمال سيد قادر، وهو كردي من محافظة ldquo;اربيكrdquo; الكردستانية، وهي من وجهة نظري محافظة عراقية، عادل الى بلاده كردستان، بعد سنوات اغتراب طويلة، ومكث في ldquo;كوردستانrdquo; كما يحب ان يسميها الأكراد، او ldquo;كردستانrdquo; كما نسميها، وسبق لنا ذلك - نحن العرب، فترة قليلة ثم كتب عدة مقالات حول ldquo;فساد اداريrdquo; في هذا الأقليم الذي تحرر من الدكتاتورية البائدة، ويحظى بحماية امريكية معروفة للجميع، وبدعم من جهات أخرى يعرفها العراقيون حق المعرفة.

قال كمال سيد قادر، الأكاديمي النمساوي، المواطن الكردي، ان ثمة ldquo;فساداً في كوردستانrdquo; وهذا أمر خطير جداً، لأنه يحب وطنه، ولأنه تغرب حينما كانت بلاده تحت سيطرة دكتاتورية فاسدة، وحين عاد، وبلاده متحررة، ومحمية من قبل أقوى قوة في كوننا الأرضي، وجد فيها فساداً كبيراً.

لم يقل كمال سيد قادر، شيئاً آخر ذا بال. لم يقل انه لا يجوز انفصال كردستان عن العراق. لم يقل إن المواطن الكردي يتم حقنه بكيفيات معادية للعرب أجمعين. لقد تحدث عن ldquo;فساد ذميمrdquo; في هذه المحافظة التي تتبع السيد مسعود برزاني رئيس اقليم ldquo;كردستانrdquo; أو ldquo;كوردستانrdquo;، لا فرق.

ولأنه قال بوجود ldquo;فساد في كردستانrdquo; حكم عليه قاض ldquo;كردستانيrdquo;، او ldquo;كوردستانيrdquo;، لا فرق، بالسجن ثلاثين سنة، بينما ترتفع اصوات زملائه واصدقائه، وبينهم عرب، تدعو السيد مسعود برزاني لإطلاق سراحه.

ماذا لو قال زميلنا كمال سيد قادر، الاكاديمي والمناضل ان ldquo;كوردستانrdquo; حل بها ldquo;طاعونrdquo; لا قبل للأكراد به؟ ربما سوف يتم شنقه. من يدري؟

وما نريده، نحن زملاؤه واصدقاؤه، ألا يبقى في سجنه الكردي، او ldquo;الكورديrdquo;.. لا فرق!


[email protected]