كاري هارت
ترجمة : بشرى الهلالي


منذ العام 1998-وربما لسنوات قبل ذلك- كان اسقاط صدام حسين هو الحلم الذي يراود المحافظين الجدد وذلك بغية استخدام الدولة العراقية كعميل جديد لبناء قاعدة عسكرية وسياسية امريكية يتم من خلالها تهدئة الوضع المعقد والمتأزم في الشرق الأوسط. وبالتغاضي عن مدى معقولية او صحة هذه النظرية، حيث انها ليست بالنظرية التي قد يرغب قادة التاريخ الامريكيون العظماء تبنيها علاوة على انها ليست بالتي يحتاجون الى السرية في تنفيذها.
وبما انهم فشلوا في هذا المشروع، كما تنبأ بعضنا، فالسؤال اذن الآن: ماذا بعد؟
اما ماتبقى لدينا فهو ان الجزء المهم المتبقي من هذه الخطة السرية قد لا يشكل انقاذا لنا- وممايثير الدهشة، هو ان هذه الحيلة لم تجذب الا انتباه نفر قليل من الشعب الأمريكي. فهذه الخطة، على اقل تقدير، تساعد على تثبيت مظهرحكومة(ديمقراطية) جديدة في بغداد، حتى ولو كانت هذه الديمقراطية- من وجهة نظر الكاتب فريد زكريا -كمصطلح هي ديمقراطية (رجعية)..كما تهدف الخطة الى انشاء قواعد عسكرية امريكية على اسس ستراتجية على امتداد البلد ومن ثم اقناع الحكومة (الديمقراطية) الجديدة بدعوتنا للبقاء في العراق.
وهكذا، دارالجدال مؤخرا ليس فقط حول امكانية البقاء او المغادرة وانما حول الفترة الزمنية المتبقية وتحت أي ظروف يجب ان نغادر hellip;ومن الخطأ الإفتراض بأية نسبة بأن الأشياء تجري بهذه البساطة...ثمة سطر من حوار سينمائي يقتبسه صديقي، فرانك ماكويز، السياسي المحارب، الذي يعشق الإقتباس..يقول: quot;إنهم رجال يائسون وسوف ينتهون الى لاشيء quot;. هذا ماقيل خلال سنوات فضيحة ووترغيت وكلنا نعرف مالذي كان يتحدث عنه، وهو نفسه مايجري اليوم...اما بالنسبة لنا نحن الذين حذرنا من ضرب عش الزنبور، مفترضين ببساطة، إن أي سؤال حول التوقيت سيعني ان الفيت كونغ الجدد الذين جرونا الى فيتنام اخرى في الصحراء لايمكن خداعهم بهذه البساطة..
إن أية محاولة لإكتشاف فيما اذا كانت أمريكا تبني الآن قواعد عسكرية دائمة ام لا تشكل خيبة أمل...فالقليل الذي حاول الجواب مباشرة على هذا السؤال يواجهه بمراوغة وارتباك حول معنى quot; دائم quot;..و هذا هو الأختبار النهائي لأهداف حكومة بوش الحقيقية في العراق... في الحقيقة، اذا اردنا بناء قواعد دائمة،فquot; المغادرةquot; تعني ببساطة تقليل عدد القوات وتحديد الألوية الدائمة الأمريكية في العراقhellip; وفيما اذا عاد الأمر اليك أي quot; المساومةquot;، فربما تسارع الى انعاش ذاكرتك حول تجربة فرنسا الكارثية في الهند الصينية او حتى بعض جوانب الإحتلال البريطاني في العراق.
وعندما كان الكونغرس يؤدي واجبه بالأشراف الدستوري، وحيث كان الضغط باستعمال القوة لا يشكل مصدر الخوف، في ظل ظروف كهذه، تغدو عملية تقرير فيما اذا كانت حيلة المحافظين الجدد ناجحة، مجرد تمرين بسيطhellip;وسيكون للجان الكونغرس موظفون رسميون في الدولة والبنتاغون لاجابة الأسئلة المباشرة حول خطط الولايات المتحدةhellip;quot; هل نبني او لانبني قواعد عسكرية في العراق و، اذا كنا نبني، فلأي غرضquot;؟
لكن هذا الكونغرس كما جرى التوضيح هو مجرد مؤسسة منحازة، وليست فرعاً من الحكومة، وهدفها ليس إداء واجباتها بمراقبة الفرع التنفيذي وابلاغ الشعب الأمريكي. ومن الواضح، ان التقارير كان لها نفس المفعول بالنسبة للسكرتير الصحفي للبيت الأبيض (لا يوجد أدنى امل بجواب نزيه).
وبعيدا عن التلاعب اللغوي بالألفاظ، دعنا نعرف كلمة quot; دائميquot;.. انها تعني: ثابت. صلب، مستمر، ودائمي.وبمعنى ادق، فانها تعني صب خرسانة ولحيم الفولاذ ، وليس مجرد خيم وحفر مرحاض للجند.
من العارعلى أي أمريكي ان لايثق بالقادة. لكن المحصلة الحالية أعطتنا اكثر من سبب كاف لعدم الثقة. وعندما يقول الرئيس :quot;عندما ينهضون أي quot; العراقيونquot; فاننا سوف نتراجعquot;..فاننا ندعو لتعريف واضح لمعنىquot; تراجعquot;ومعنى quot; دعم القطاعاتquot; كبديل بلاغي للسياسة.. ومكافئ لسحر السحرة الذين يجيدون اخفاء الآس في الأكمام.
لايحتاج فن الخداع الى اكاذيب متقنة. ربما تكذب ndash;ببساطة-لغرض عدم البوح بالحقيقة،،فن الحيلة. أي من خلال التشويش الهادف وبخلط الأوراق التي نفذت اثناء التوجه نحو حرب العراق، وكذلك سياسة..قشر وارقص.. التي رافقت تدهور الأوضاع، فهل هناك من يعتقد بان سحر المحافظين الجدد خارج حدود الخداع؟


الكاتب، سيناتور امريكي سابق، كان مرشحا رئاسيا مرشحا لمرتين.