الإثنين:23. 01. 2006

ذاكرة المستقبل

جمعة اللامي


ldquo;إذا انفصل الإنسان عن القانون والعدالة، فإنه يكون أحط الحيواناتrdquo;

(أرسطو)

خلال العقود الأربعة الماضية، كانت التهمة المفضلة، والجاهزة، لدى دوائر الأمن ldquo;غير العراقيةrdquo;، من أجل إبعاد أي مواطن عراقي خارج أراضيها، أنه ldquo;عراقيrdquo;.

وكانوا يقولون لنا في تلك المكاتب المعروفة: ldquo;إذا كنتم مع المعارضة، فأنتم مدانون. وإذا كنتم مع النظام، فأنتم مدانونrdquo;. معادلة غريبة، والأغرب منها ما مرّ على العراق في تلك العقود، وما يمرّ على مواطنين عرب خارج بلدانهم، وفي داخل العراق مع الأسف هذه الأيام.

حكاية المواطن الفلسطيني ldquo;عيسى خضر طهrdquo;، الذي غادر العراق بوثيقة سفر عراقية، وبتأشيرة ldquo;سفر وعودةrdquo; عراقية، وبتذكرة ldquo;الخطوط الجوية العراقية مكتب الكاظميةrdquo; بعدما وفد الى العراق طفلاً سنة 1948.. مثال قوي وصارخ على ابتزار آلام الفلسطينيين، ونموذج على التباسات كثيرة يجرها اندماج بعض الفلسطينيين خارج فلسطين في المجتمعات العربية، لتتحول هذه العملية النبيلة الى سلاح ضدهم، بينما يتمتع الذين لعبوا على حبال السياسة العربية بكل الامتيازات.

أعود الى تلخيص حكاية المواطن الفلسطيني ldquo;عيسى خضر طهrdquo;، لأنها واحدة من حكايات عربية كثيرة، ولعل في الإعادة إفادة، ولعلّ في التكرار خبرة، يفيد منها القادة العراقيون الجدد في تعاملهم مع الفلسطينيين المقيمين في العراق.

في سنة ،1948 قامت الملكة ldquo;عاليةrdquo; بإعلان حماية العراق على سكان ثلاث قرى فلسطينية تتبع مدينة حيفا، وهي: ldquo;إجْزمrdquo; وrdquo;جْبَعْrdquo; وrdquo;عين غزالrdquo; وعددهم (3000) نسمة، ونقلهم الجيش العراقي بسياراته الى العراق.

من بين هؤلاء، كانت عائلة ldquo;عيسى خضر طهrdquo;. وكان وضعهم فريداً في العراق، فلم تكن لهم أي علاقة بوكالة غوث اللاجئين، وكانت لهم علاقة وثيقة بالشأن العراقي الداخلي، وخصوصاً لجهة الانتساب الى الحركات القومية في العراق.

تعلم ldquo;عيسى خضر طهrdquo; في مدارس العراق، وصار صحافياً في العراق، ثم انتقل الى المحاماة في العراق، واشترى أرضاً وبنى بيتاً في ldquo;حي العدلrdquo; في بغداد، وكان على غير وفاق مع ldquo;الجناحrdquo; البعثي الحاكم في العراق، حتى عندما تصالح معه ضحاياه بالأمس.

غادر هذا المواطن الفلسطيني العراقي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بغداد، بتأشيرة ldquo;سفر مُرَجعةrdquo;، برقم: 6690-،16063 وبتاريخ 18-10-،2005 وحين عاد الى بغداد بتاريخ 17-1-،2006 جرى إبعاده مع زوجته السورية، لأن وزير الداخلية العراقي أصدر في وقت لاحق قراراً بمنع دخول العرب الى العراق، أي أن الرجل عوقب بأثر رجعي على ذنب لا يعرفه.

وجّه ldquo;عيسى خضر طهrdquo; رسالة ldquo;تظلمrdquo; الى رئيس الجمهورية جلال الطالباني، ورئيس الوزراء الدكتور إبراهيم الجعفري، يناشدهما فيها العودة ldquo;الى بلادي العراقrdquo;.

أنا المواطن العراقي البسيط، الذي سُجنت من أجل كردستان 7 سنوات، واتهِمْتُ، ظُلماً، بالانتماء الى ldquo;حزب الدعوةrdquo;، أناشد الطالباني والجعفري، إعادة هذا اللاجئ الفلسطيني الى منفاه العراقي.