الخميس: 2006.10.05

تخلّف نظام الرصد وكثرة مصادر الاطلاق وتهريب الخبرات وازدراء العدو تضعف الردع ...


ستيفن بيتر روزن ـlaquo;فورين أفيرزraquo; الاميركية

بات الأمن القومي الأميركي مرتبطاً بالحدّ من انتشار السلاح النووي، بعد إعلان برنامجي التسلح النووي الإيراني والكوري الشمالي. ولا ريب في ان الوجه الذي يتناول عليه الأميركيون المسألة، سواء كانوا محافظين ودعاة تغيير الأنظمة أو معتدلين من دعاة ضبط السلاح والمفاوضات، لا يحل المشكلة. فالجهتان تغفلان سبل المعالجة، بعد انتشار هذا السلاح. ويذهب المراقبون المتطيرون الى أن انتشار السلاح الذري يؤدي حتماً الى كارثة. وعليه، يجب مضاعفة الجهود لمنع مثل هذا الانتشار. وأما المتفائلون فيقولون إن الاستقرار يترتب على انتشار السلاح النووي، على ما حصل في الحرب الباردة. ومن شأنه حل مشكلة الحروب المزمنة والقديمة قدم العالم.

ولكن الوقت الذي يلي انتشار السلاح النووي لن يكون على ما يشتهي الفريقان. فانتشار السلاح النووي ينشر الرعب والقلق، ويعرض العالم لمخاطر جديدة ويفاقم المشكلات المطروحة. وعلى الولايات المتحدة، وغيرها من البلدان، مراجعة سياساتها الدفاعية التقليدية، وهذه مسلم بنجاعتها، وتغيير استراتيجيات أمنها القومي في عالم تكثر فيه الأسلحة النووية. ويعين حصر السلاح النووي بيد عدد من الدول على تحديد هوية المعتدى عليه نووياً، والرد عليه. واحتمال الرد بالمثل على معتد معلن، وواضح الهوية، قوة رادعة تحول دون اللجوء الى السلاح النووي.

ومنطق الرد هذا قد لا يثمر في منطقة الشرق الاوسط بعد تفشي عدوى التسلح النووي، وانتشار السلاح الذري بتركيا وايران ودول الخليج. فنظام رصد مصدر انطلاق السلاح النووي هو شرط القوة الرادعة. ويعجز نظام الرصد الأميركي، الموروث من الحرب الباردة، عن تحديد البادئ باستعمال السلاح النووي بشرق أوسط نووي. وفي الحرب الباردة، استبعد المحللون لجوء الاتحاد السوفياتي أو الغرب الى السلاح النووي في أوقات السلم، وتوقعوا الانزلاق الى استعماله في حرب تقليدية. وهذا الضرب من الحروب شائع في الشرق الأوسط ومتواتر. وإذا انتشر السلاح النووي صعب اقتفاء أثر من عمد الى تزويد إرهابيين أصوليين بقنبلة ذرية.

وشأن إيران نووية تعزيز النشاط الارهابي في المنطقة من دون أن تخشى عاقبة أفعالها. وشأن الشرق الاوسط، قد تشهد آسيا سباق تسلح نووي. ففي هذه المنطقة من العالم دول كبيرة. وبعضها نووي، على غرار الصين والهند وكوريا الشمالية وباكستان وروسيا. وهي تتنازع على أراض حدودية ومسائل سياسية. وقد تسعى اليابان وتايوان الى حيازة سلاح ذري. وفي وسع هذه البلدان تطوير ترسانتها النووية. وعلى خلاف أوروبا الغربية، تغالي الحكومات الآسيوية في نزعاتها القومية، وتزدري المنظمات الدولية، وتدرك تغيرات توازن القوى العسكرية في جوارها.

ولا ريب في أن دولة تزدري النظام العالمي، وتعتبر منافسيها أقل منها مرتبة في الإنسانية، وتسعى الى زرع الرعب في نفوس الآخرين، لن تتوانى عن استعمال سلاح نووي. والتاريخ حافل بالأمثلة على ذلك. فألمانيا النازية ضربت عرض الحائط بمعايير النظام العالمي آنذاك، وقصفت المدنيين في بولندا عام 1939، وفي هولندا وفرنسا في 1940. وقد تلجأ دولة ما الى سلاح نووي في حرب داخلية على شاكلة حرب الشيشان في روسيا. فمن يخوض حرباً تقليدية ويلاحظ أن هزيمته على قاب قوسين، قد يستعمل سلاحاً نووياً لوقف القتال وتجنب الهزيمة.