علي سعد الموسى

حققت الجامعة - الأولى - لدينا مركزاً عالمياً متقدماً وهي تحل في الرقم 2900 من أصل ثلاثة آلاف جامعة في آخر تصنيف صادر لتقييم الجامعات العالمية. الجميل من وجهة نظري أننا على الأقل دخلنا هذا التصنيف حتى لو كنا مع آخر عشر جامعات من بين ثلاثة آلاف جامعة، والجميل، من وجهة نظري أيضاً، أن دخولنا بهذا الشكل الخجول يفتح الجرح للمداواة والمناقشة.
قصة الرقم المتأخر الخجول لجامعاتنا في التصنيف العالمي أعمق بكثير من أن نناقشها بسطحية فجة تضع الكرة في ملعب الجامعات وحدها دون شراكة في المسؤولية الاجتماعية الشاملة عن هذا الموقع والترتيب التصنيفي المخجل. تعالوا ندرس العبرة من القصة البسيطة التي حملتها الأخبار في بحر الأسبوع الجاري من شاطئ العدو الصهيوني المقابل. تقول هذه الأخبار إن عمدة بلدية مدينة إسرائيلية قرر تدريس اللغة الصينية في مدارس البلدة بدءاً من العام الدراسي الجاري وبرر قراره استناداً إلى الدور المتعاظم الذي تلعبه الصين في المجالات الصناعية والتقنية وإلى اتساع مساحة تأثيرها الثقافي في المنظومة العولمية. ولأجل هذا الغرض استقدمت البلدة الإسرائيلية خمسين معلماً صينياً بمنهج متكامل لتدريس هذه المادة بدءاً من الأسبوع الرابع لصدور القرار.
في المقابل ما هي قصصنا مع واقع المناهج وتطوير التعليم؟ ففي ذات الوقت الذي يمتلك فيه رئيس بلدية إسرائيلية صلاحية كاملة لتطوير التعليم في بلدته، تواجه الوزارات المسؤولة عن التعليم لدينا كل أصناف الرفض الاجتماعي لتغيير سطر في كتاب مقرر. مقال هنا أو هناك عن تشخيص واقع التعليم يرمي صاحبه في تهمة العمالة والتخوين والتغريب. أساتذة جامعة في كلية الطب الأولى بالمملكة يوقعون عريضة يطالبون فيها برفع أيدي وسماعات طلابهم الطبية عن آلام وجروح النساء وأمراضهن في المستشفى الجامعي وكأن هذا المستشفى وكر للمواخير. أستاذ آخر في كلية طب يقترح كلية نسائية طبية لا يدرس بها إلا مادة النساء والولادة دون أن يعلم وهو الأستاذ الجامعي المتخصص أن هذا التخصص طوبة عليا تقوم في النهاية على الجراحة وعلم الأمراض الباطنية. شيخ رسمي معتمد يطالب جهاراً على قناة فضائية رسمية معتمدة بإلغاء مادتي الرياضيات والعلوم لأنهما إضاعة لوقت طلابنا عن الاستفادة مما هو أهم: الكارثة أن ذات الشيخ يتحول في اليوم التالي إلى بطل على شبكات الإنترنت، والمشكلة أن المسؤول صار يضرب ألف حساب لهذه الأسماء العنكبوتية المستعارة. جامعة سعودية تحرم دخول الكمبيوتر إلى سكن الطالبات حفاظاً عليهن من جنوح مزعوم - متوقع - لواحدة أو اثنتين فصار العقاب بالجملة. سنوات مرت على هذه الجامعات وكلها بلا استثناء تختار المعيد بالمواصفات الخاصة كي يتناسب مع - التيار - لا حسب المعايير والأعراف الأكاديمية. غيض من فيض والمكان لم يعد يتسع لمزيد من القصص وإن بقي منها عشرات القصص المؤلمة.