السبت02 ديسمبر2006


دمشق - يوسف كركوتي


أكد الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري أن مسألة الحرص على الشعب العراقي وأمنه من قبل سوريا هي واجب لا يمكن التساهل به مشيراً إلى أن نحو 75% من أجهزة الأمن السورية موجهة حالياً للحفاظ على أمن الحدود العراقية مع سوريا.
وفي الشأن اللبناني شن المقداد في حوار خاص مع ldquo;الخليجrdquo; هجوماً عنيفاً على الولايات المتحدة الأمريكية وrdquo;إسرائيلrdquo; وفرنسا وحلفائها من اللبنانيين واعتبرها السبب الرئيسي للمشاكل في هذا البلد.
وقال عن سعد الحريري الذي اتهم سوريا مباشرة باغتيال الوزير اللبناني بيار
الجمل إن هذا الرجل أصبح يمارس سياسات غير متوازنة وغير عقلانية، معتبراً أن الحرب الأهلية التي يتحدث عنها ويتوقعها بعض اللبنانيين يجب أن تكون من المحرمات في الشارع اللبناني.
وعن جزر الإمارات المحتلة من قبل إيران قال إن سوريا مستعدة تماماً لمساعدة الأهل في الإمارات إذا طلب منها ذلك.
وعما يجري من حوار سوري أمريكي في المرحلة الحالية قال هناك أفق للحوار يجري الحديث عنه وإن سوريا تشترط العقلانية والوعي الكامل الأمريكي بأمور المنطقة. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
في التفاهمات التي تمخضت عن زيارة وليد المعلم إلى بغداد جرى الحديث عن تنسيق امني كامل بين سوريا والعراق، ما هو المعيار الذي سيستند إليه في الحكم على مستوى وفعالية التعاون، خاصة وأن الحكومة السورية أبدت دائماً استعداداً للتعاون، وضبطت قدر المستطاع حدودها مع العراق ورغم ذلك لم تتوقف الاتهامات الأمريكية والعراقية؟
نحن حريصون جداً على أمن أهلنا وشعبنا في العراق وهذه مسألة لا يمكن التساهل بها، لذلك منذ قيام الاحتلال الأمريكي للعراق كان موقفنا واضحاً وقلنا إن ذلك فتح أبواباً كنا نحذر منها طيلة فترة ما قبل الغزو، وقلنا إن هذا الغزو سيفتح أبواباً من الصعب إغلاقها وطبعاً لاحظتم خلال الفترة الماضية وجود فشل ذريع لأهداف الغزو الأمريكي للعراق ونتائج مرعبة تمثلت في قتل ما يزيد على نصف مليون من العراقيين الأبرياء وفي كل مرة كانت تزداد فيها مظاهر فشل السياسات الأمريكية في العراق كان يتم القيام بحملة توجه ضد جيران العراق وبشكل خاص سوريا، نحن في سوريا اتخذنا إجراءات ليست بالقليلة حملتنا إمكانيات مادية وبشرية هائلة.
على سبيل المثال أقول: إن ما يزيد على 75% من عمل الأجهزة الأمنية في سوريا تم توجيهه خلال الفترة الأخيرة من أجل الحفاظ على أمن الحدود وأمن وشعب العراق ناهيك عن الإجراءات التي نقوم بها في مطاراتنا وعلى كافة المنافذ الحدودية السورية إضافة إلى الآثار العكسية نتيجة لهذا الاحتلال على الأمن والاستقرار ليس في المنطقة بشكل عام وإنما في سوريا أيضاً من خلال تسريب العديد من الإرهابيين من العراق إلى سوريا.
إن المعيار الذي يجب أن نعمل في ظله ويحدد عملنا هو أن القرار السياسي في سوريا موجود منذ وقت طويل في الحفاظ على أمن واستقرار العراق لكن نلاحظ أن الجانب (الأمريكي) هو الذي أبقى على الحدود مفتوحة من خلال السياسات الفاشلة التي تحدثت عنها.
ففي الجانب السوري نقوم بكل ما هو مطلوب منا ونطالب أيضاً بأن يقوم الجانب الآخر من الطرف الثاني بكل ما هو مطلوب وعند ذلك سيصبح من شبه المستحيل تسلل أو تسرب عناصر إرهابية في كلا الاتجاهين.
وزير الخارجية السوري رفض لقاء وزير خارجية فرنسا واتهمها بالتدخل في الشؤون اللبنانية وأنه لا يثق بالسياسة الفرنسية الحالية، كيف ترى أبعاد هذا الكلام؟ وهل هذا الشأن سيقف عقبة في تحسين العلاقات السورية الأوروبية؟
في الحقيقة نحن فيما يتعلق بالمشاكل التي تواجهها المنطقة والأوضاع التي يواجهها لبنان الشقيق نلاحظ تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لهذا البلد من قبل السفيرين الأمريكي والفرنسي في الوقت الذي يعرف فيه العالم كله أبعاد هذا التدخل السافر فإن الأيادي والأصابع توجه إلى سوريا لذلك نعتقد أن سبب المشاكل التي يواجهها لبنان هو هذا التدخل الأجنبي المرفوض بشكل كامل من الشعب اللبناني.
ونعتقد أن استمرار مثل هذا التدخل سيسبب مزيداً من المشاكل على مختلف المستويات في لبنان الشقيق، بينما نحن نقول إن كافة المشاكل التي يواجهها لبنان بحاجة إلى تضافر جهود وطنية بدون تدخل أجنبي وإن لبنان لا يمكن أن يحكم إلا بتوافق جميع مكونات الشعب اللبناني وهذا لا يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية للبنان.
لذلك إن الذي يتدخل في هذه الجوانب هي القوى المعروفة ونعتقد أنها هي التي ارتكبت الكثير من الجرائم التي تمت في لبنان بينما يسعى البعض خدمة لأسيادهم في الولايات المتحدة أو فرنسا بتوجيه إصبع الاتهام إلى جهات أخرى بعيدة كل البعد عما يجري على أرض الواقع ونعتقد أن توجيه مثل هذه الأصابع إنما يهدف إلى حماية المجرمين الحقيقيين الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم التي تسيء إلى لبنان وإلى العلاقة الأخوية مع لبنان.
هل سيؤثر ذلك على العلاقات السورية الأوروبية وخاصة أن تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة التي يلوم فيها بعض الدول الأوروبية بينها بريطانيا على التوجهات الجديدة الحالية بإعادة تواصل هذه الدول مع سوريا؟
لقد أصبحت الأجندة الشخصية للرئيس شيراك واضحة في هذا الملف وهناك الكثير من الفرنسيين الذين يتحدثون عن هذا البعد ونعتقد أن التناقض بين الرئيس شيراك واكبر حلفائه في أوروبا حول هذه المسألة، يشير إلى العزلة التي واجهها شيراك في هذه المسألة علماً أنه لا مبرر على الإطلاق لاتخاذ الرئيس شيراك لمثل هذه المواقف المعادية لسوريا والمعادية للمصالح الفرنسية في المنطقة.
هل تتوقعون تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان قريباً وخاصة بعد التحرك الشعبي المتوقع في الوقت الذي يقول فريق 14 آذار إن حكومتهم دستورية وشرعية؟
هذه المسألة تعود إلى الشعب اللبناني لكن كما قلت سابقاً إن مسألة إقامة حكومة وحدة وطنية وإقامة حكم في لبنان يقوم على التوافق اللبناني هي الطريق الوحيد لوحدة هذا البلد ولاتخاذ قرارات في مفاصل تاريخية مهمة تساعد لبنان على البقاء موحداً وبموقف يساهم فيه حشد كل القوى لمواجهة العدو الرئيسي للبنان وهو ldquo;إسرائيلrdquo; واحتلالها المستمر للأراضي في الجنوب اللبناني.
الأسلحة ldquo;الإسرائيليةrdquo; وخطة الهجوم على مواقع عون وارتفاع عدد موقوفي القوات اللبنانية إلى 22 شخصاً وغيرها مما نشر في المحطات الفضائية، كيف ترى سوريا هذا الأمر؟ وهل يمكن أن يكون له علاقة بسلسلة الاغتيالات التي جرت في لبنان؟
نحن في مواقفنا تجاه هذه القضايا ذات الطابع الأمني نمارس دائماً الحكمة وضبط النفس على الرغم من مواقف الآخرين لكن نحن نعتقد بضرورة التحقيق في هذه المسائل خاصة وأن كل المواقف التي شهدناها في المرحلة الماضية وهي توجيه إصبع الاتهام إلى سوريا قبل حتى انتشال جثث الضحايا من السيارات ومواقع التفجيرات، هذا موقف نعتقد أنه لا أخلاقي ولا يخدم التوصل إلى الحقيقة حول من يقف خلف هذه الجرائم في لبنان.
لذلك نحن مع التحقيق في كل هذه القضايا ونعتقد أن قبض السلطات اللبنانية على مثل هذه العناصر التي تحمل السلاح، وسمعنا أنه كان يوجد لديها مخططات حول عناوين وكيفية الوصول إلى بعض الشخصيات الوطنية اللبنانية، يجب أن يساهم في كشف القوى الحقيقية التي تقف خلف هذه المخططات ونعتقد أن ما يواجهه الشعب اللبناني بشكل عام يأتي نتيجة لمؤامرات كبرى تحاك في واشنطن وrdquo;إسرائيلrdquo; ضد الشعب اللبناني وقياداته الوطنية بهدف التشكيك بالعلاقات التاريخية التي تربط بين سوريا ولبنان.
ما الذي يدفع سعد الحريري لاتهام سوريا منذ الساعات الأولى لاغتيال الوزير اللبناني بيار الجميل؟
هذا السؤال يجب أن يوجه إلى هذا الشخص نفسه والذي أعتقده أنه أصبح يمارس سياسات غير متوازنة وغير عقلانية وبعيدة عن الحكمة والمصداقية. إن قيام الحريري بتوجيه مثل هذه الاتهامات يعكس خطة مبرمجة وتشير بإصبع الاتهام إلى من يطلق مثل هذه التهم جزافاً بدون أي تحقيق وبدون إعطاء ولو دقائق للتفكير بمن يقف خلف هذه الحوادث، وقد قلنا في سوريا منذ البداية إن من يقف خلف هذه الأحداث هم أعداء سوريا ولبنان.
النائب وليد عيدو في جماعة الحريري يبشر اللبنانيين ويقول ldquo;سنبيع دماءنا لشراء أسلحة لمواجهتهمrdquo; هذا كلام خطير، هل تتوقعون حرباً أهلية في لبنان؟
نعتقد أنه يجب أن يكون من المحرمات الذهاب إلى مثل هذه المواجهات، لقد عانى لبنان كثيراً من الحروب الأهلية وقد وقفت سوريا إلى جانب الشعب اللبناني في أحلك المواقف والظروف وضحت بما يزيد على 13 ألفاً من خيرة شباب سوريا من أجل حماية لبنان لذلك نحن ضد اندلاع حرب أهلية في لبنان ونعتقد أن هؤلاء الذين يطلقون مثل هذه الصيحات يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم أمام شعب لبنان وأمام الساحة العربية وأمام الأمن والسلم في المنطقة.
لماذا طلبت سوريا تأجيل البت في تشكيل محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، وفي حال البت في قرار تشكيل المحكمة هل ستتعاون سوريا معها؟ وهل تقبل مثول سوريين بمختلف المستويات أمامها إذا طلبت المحكمة ذلك؟
في الحقيقة نحن عبرنا بشكل واضح وجلي عن موقفنا إزاء هذا الموضوع من خلال وثيقة قمنا بإرسالها إلى الأمم المتحدة ووزعت كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن.
قلنا في هذه الوثيقة إننا سمعنا في أجهزة الإعلام عن مشاورات تجرى بين لبنان وبين الأمانة العامة للأمم المتحدة من أجل إنشاء محكمة من هذا النوع، وقلنا أيضاً إن سوريا كانت قد أعربت دوماً عن رأيها بأن المحكمة الخاصة لا تنشأ إلا بعد انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي مازال يجري التعاون معها في تحقيقاتها بشكل وثيق.
وفي هذا السياق لفتنا انتباه الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى أنه لم يؤخذ رأي سوريا في مدة المشاورات حول هذه المحكمة بوثيقتي الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والنظام الأساسي للمحكمة الخاصة ولم يتم إطلاع سوريا على نصوصهما بشكل رسمي.
نحن نعتقد أن الخطر الكامل في مثل هذه الممارسات هو أنه في حالة إقرار نظام المحكمة قد تكون هناك تجاوزات غير مقبولة لسببين: الأول هو جوانب تمس سيادة الدول وأنظمتها القضائية والثاني هو حقوق رعايا البلدان الذين قد يتم استدعاؤهم للمثول أمام المحكمة.
وانطلاقاً من ذلك فإن إقرار نظام المحكمة الخاصة على هذا النحو يرسخ الاعتقاد لدينا بعدم وجود صلة لسوريا بهذه المحكمة.
هذا هو الموقف الذي أبلغناه للأمم المتحدة... فطالما أنهم لم يتصلوا بنا ولم يأخذوا رأينا فإن ذلك يعني أنه لا علاقة لسوريا بذلك بكل بساطة.
وطبعاً لن يمثل هنا أي مسؤول سوري أو أي مواطن سوري أمام هذه المحكمة في حال دعي إليها؟
في هذه الحالة سيكون من الطبيعي ألا يمثل أي مسؤول سوري وكانت سوريا على أعلى المستويات خلال المرحلة الماضية قد قالت إن أي سوري له أي ضلوع في ارتكاب مثل هذه الجرائم فهو خائن وأي خائن في سوريا يحاكم أمام أجهزة القضاء السوري وهي أجهزة قادرة على أخذ العدالة بيدها وممارسة دورها الكامل في هذا المجال.
وفي حال وافقتم على المحكمة الدولية، هل توافقون على مثول السوريين بمختلف مستوياتهم أمام هذه المحكمة؟
لن نفترض أي شيء قبل أن يتم الاتصال بنا.
ما هو الفرق بين تقرير ميليس وتقرير براميرتس فيما يخص حادثة اغتيال رفيق الحريري؟ وما هو رأي سوريا؟ وهل تقرير براميرتس يتهم سوريا؟
في الحقيقة كان تقرير ميليس منذ الكلمات الأولى فيه وقبل بدء عملية التحقيق موجهاً نحو إدانة سوريا واتهامها بما هو غير مقبول ومعقول في إطار التحقيقات. ولاحظنا في التقارير الثلاثة التي رفعها براميرتس أنها تقارير مهنية وموضوعية ونأمل أن يستمر ذلك بعيداً عن التسييس وبعيداً عن استهداف سوريا، وسوريا تتعاون بشكل كامل مع التحقيقات التي يجريها براميرتس.
كوفي أنان أصبح يشدد في تصريحاته الحالية على ضرورة إشراك سوريا وإيران في مساعي معالجة الأوضاع في العراق وداعياً أمريكا للتشاور مع هاتين الدولتين وأيضاً قال إن أمريكا واقعة في مستنقع العراق، برأيكم لماذا لم تكن هذه التصريحات سابقاً؟ هل لأن أنان على أبواب الاستقالة؟
كنا نتمنى أن يكون أنان قد اتخذ مثل هذه المواقف منذ بداية هذه الهجمة التي تقودها الولايات المتحدة ضد سوريا وهي هجمة لها أبعادها السياسية والأيديولوجية.
وأود أن أشير هنا إلى أن أنان لم يكن قد اتخذ مواقف ضد سوريا على الإطلاق وكان دائماً على اتصال بالقيادة السورية على أعلى المستويات وعندما كنت ممثل سوريا في منظمة الأمم المتحدة كنت على علاقة دائمة معه.
طبعاً أصبح الآن أكثر حرية في اتخاذ قراراته وأصبح الوضع من زاوية أخرى أكثر تفجراً في المنطقة ويجب أن ننصف الرجل ولذلك كان من الطبيعي أن يتخذ الأمين العام مثل هذه المواقف ونعتقد أنه من الطبيعي أن يستمر الأمين العام القادم بعد بداية هذا العام باتخاذ مثل هذه المواقف لأنه لا يمكن لأي كان لا في الأمم المتحدة ولا خارجها تجاهل سوريا والصيحات التي ترتفع الآن في معظم أنحاء العالم خلافاً لما ينادي شيراك وبعض المتشددين في الإدارة الأمريكية تدعو إلى الانفتاح على سوريا وأن لسوريا دوراً إيجابياً يمكن أن تقوم به في حل كافة المشاكل التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط.
ماذا تعني لكم زيارة بوش إلى الأردن؟ هل من شأنها تعزيز دور الأردن عربياً وخاصة في العراق أو غير ذلك؟
هذه الزيارة تتم في إطار العلاقات بين الدول ونحن مع أي دور عربي يؤكد على أهمية تحرير الأراضي العربية المحتلة وعلى تغيير السياسات الفاشلة التي تقوم بها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وعلى تغيير السياسات الأمريكية الفاشلة بشكل خاص في العراق وفلسطين ولبنان.
لذلك نحن مع أن تأخذ كل الدول العربية دوراً ونحن لا نعتقد أن أي دور يمكن أن يتخذه أي بلد عربي سيضر بالبلدان العربية الأخرى، لذلك نحن نأمل أن تطرح المواضيع لما فيه مصلحة الأمة العربية وبما يخدم اتخاذ حل سلمي عادل وشامل للوضع في منطقة الشرق الأوسط ولوضع الاحتلال الأمريكي في العراق ونهاية للتدخل الأمريكي في لبنان.
بوش يقول إن الحوار مع سوريا وإيران هو شأن عراقي... ماذا يقصد بذلك؟ هل هي بوادر ولهجة جديدة ليتقرب الأمريكيون نحوكم وفتح حوار معكم؟
نحن نأمل أن تعود العقلانية إلى السياسات الأمريكية تجاه المنطقة خاصة بعد الفشل الذريع الذي واجهته هذه السياسات سواء كان في العراق أو سوريا أو لبنان أو فلسطين، ونأمل أن ترتفع اليد الأمريكية الثقيلة جداً عن العراق سواء كان ذلك الاحتلال أو فرض شروط على الحكومة العراقية لكي تتيح لهذه الحكومة التشاور بما يخدم مصلحة العراق من جهة وبما يخدم العلاقات العربية العربية من جهة أخرى.
نحن في الحقيقة لا يهمنا سواء وجه بوش بذلك أم لم يوجه، فإن الزيارة التي قام بها وليد المعلم وزير خارجية سوريا مؤخراً إلى العراق كانت زيارة ناجحة ونأمل أن يتم في المستقبل تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه.
هل تتوقعون عودة العلاقات الطبيعية بينكم وبين أمريكا؟
نحن نأمل أن تكون هنالك علاقات طبيعية بيننا وبين كل دول العالم. إن علاقتنا طبيعية وتسير باتجاه ايجابي مع دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة هي التي اتخذت مواقف عدائية واستفزازية ضد سوريا سواء كان ذلك من خلال وقوفها المطلق إلى جانب السياسات ldquo;الإسرائيليةrdquo; المدمرة في المنطقة وعدم دعم الولايات المتحدة للسلام العادل والشامل في المنطقة وعدم القيام بدورها كراعٍ نزيه لعملية السلام إضافة إلى تدخلها السافر في الشؤون اللبنانية، واحتلالها للعراق عندما تتراجع الولايات المتحدة عن هذه السياسات وتعترف بفشلها، فإننا على استعداد لما كنا نطالب به دائماً وهو قيام حوار متكافئ يعتمد الصيغ المتبادلة بيننا وبين الولايات المتحدة لحل كافة المشكلات التي تتعرض لها منطقة الشرق الأوسط.
هل هناك اتجاه لعودة السفيرة الأمريكية إلى دمشق في الوقت القريب؟
لم يتم التوصل بعد في هذه المرحلة إلى إجراء مثل هذه المناقشات، فإن الذي جرى مؤخراً مناقشات غير رسمية وليست مع الحكومة الأمريكية بشكل مباشر ولكن مع لجنة جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي السابق ومع بعض ممثلي الرأي العام وأعضاء الكونجرس الأمريكي.
لذلك فإن المباحثات لم تصل إلى هذه المرحلة التي تشير إليها، نحن الآن نخوض في أفق كيفية بدء الحوار مع الولايات المتحدة، ونحن مستعدون كما قلت لكن هذا الحوار البناء يحتاج إلى طرفين ويجب أن يقوم على الاحترام المتبادل، وعلى وعي دقيق من قبل الولايات المتحدة بأن سياساتها قد منيت بالفشل الكامل بالمنطقة.
الرئيس الأسد يزور موسكو في 19 ديسمبر / كانون الثاني الجاري، بصراحة ما هي أبرز أهداف هذه الزيارة؟ وهل هناك رسائل سورية إلى أمريكا عبر روسيا؟
سوريا والاتحاد الروسي بلدان صديقان ومنطقة الشرق الأوسط تشهد تحولات هائلة على مختلف المستويات فإذا نظرنا إلى التطورات على صعيد القضية الفلسطينية فهي تطورات حاسمة وإذا نظرنا شرقاً إلى الوضع في العراق فهي تطورات أيضاً ليست بالقليلة وإذا نظرنا إلى الوضع العام في المنطقة، فإننا نجدها مقبلة على تطورات خطيرة جداً وإذا استمرت هذه التوترات فإن المنطقة مقبلة على وضع متفجر فيها.
في هذه المنعطفات التاريخية الحساسة يتم التشاور للاطلاع على مواقف كلا الطرفين وعلى رسم خطوط مشتركة من أجل مواجهة هذه التحديات خاصة وأن لروسيا دوراً أساسياً في العالم والتشاور معها طبيعي من أجل وضع تصورات مشتركة لمواجهة كافة التطورات في المنطقة.
هناك تصريحات تقول إن زيارة رئيس الوزراء التركي اردوغان المرتقبة إلى سوريا تأتي للضغط على سوريا بشأن التحرك ميدانياً بمسألة العراق وإن زيارته جاءت نتيجة ضغوط أمريكية وأوروبية، كيف تفسر ذلك؟ وما هي أهداف هذه الزيارة؟
العلاقات بين سوريا وتركيا متنامية في مختلف المجالات وإن تركيا تتفهم بشكل كامل سياسات سوريا تجاه الوضع المتفجر في المنطقة وخاصة في العراق ونحن لنا مواقف متشابهة في الكثير من الحالات إزاء مواقع التفجر في المنطقة ونعتقد أنه عندما يزور رئيس وزراء تركيا سوريا فإننا سنتناقش بقلب وعقل مفتوحين حول هذه المشاكل ولا نعتقد في سوريا أن تركيا تخضع لضغوط من أي جهة أخرى لأن تركيا بلد مستقل وذو سيادة وعندما يأتي رئيس وزراء تركيا ليتناقش مع سوريا فإنما يأتي حرصاً منه على المشاورات بين البلدين وعلى تشكيل رؤى مشتركة من أجل إيجاد حلول للقضايا المتفجرة في المنطقة.
لماذا لا تقوم سوريا وهي الحليف القوي لإيران بلعب دور ايجابي لإعادة الجزر الثلاث المحتلة من قبل إيران إلى الإمارات العربية المتحدة وخاصة أن الجامعة العربية تقر بكامل أعضائها أن هذه الجزر إماراتية؟
نحن وإيران بلدان صديقان ونأمل أن تمتد هذه الصداقة لتشمل كافة البلدان العربية وأعتقد أن هنالك مصالح كبرى بين إيران ومختلف الدول العربية ويجب أن نركز على الجوانب الايجابية في هذه العلاقات ونأمل أن يتم حل كافة هذه القضايا كما يطالب أشقاؤنا في الإمارات بالطرق والوسائل السلمية ومن خلال الحوار المستمر بين الأطراف المعنية.
إن سوريا دائماً على استعداد لمساعدة الأهل والأشقاء في الإمارات العربية المتحدة وعندما يطلب من سوريا أي شيء في هذا المجال فإنها لن تقصر وعلى استعداد لعمل كل ما يمكن القيام به في هذه القضية.