الإثنين 18 ديسمبر2006

... إحياء يوم حقوق الإنسان العالمي

جاكلين سلام ـ تورنتو، الزمان

في العاشر من شهر ديسمبر( كانون الأول) تحتفل منظمات وهيئات حقوق الإنسان في العالم بذكرى هذا اليوم الذي تبنته الأمم المتحدة منذ عام 1945 في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث أقر البيان العالمي لحقوق الإنسان، واقرته منذ ذلك الحين العديد من دول العالم. ويعتبر quot;احترام حق الإنسان وكرامة الفردquot; أساس لائحة حقوق الإنسان والعاملين من أجل مجتمع تسوده العدالة الإجتماعية والسلام، تنتفي فيه مظاهر التفرقة العنصرية العنف والفقر. ويطالب البيان بحقوق النساء وحقوق الطفل في النشأة السليمة والتعليم والرعاية الأساسية اللائقة. وتعد حرية التعبير والرأي أحد أهم أركان هذا البيان.

احتفلت منظمة العفو الدولية فرع كندا بهذه المناسبة حيث أعد معرض للصور الفوتوغرافية الفنية المأخوذة في شتى بقاع العالم والنكوبة بالحروب والفقر على وجه الخصوص. استمر المعرض أكثر من أسبوع واختتم في العاشر من ديسمبر بمزاد علني على اللوحات المعروضة وبحضور الفنانين الكنديين المشاركين. يذهب ريع هذه اللوحات لصالح منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

لفت نظري لوحة لفنانة كندية quot;ريتا ليستمرquot; كانت تعمل مصورة صحافية في فترة الحرب على العراق واللوحة عبارة عن قبر مؤقت ترابي، وعليه حجرة بيضاء مكتوب عليها اسم المرأة المتوفاة وتاريخ الوفاة بالعربية وبخط اليد، وإلى جانب القبر تمتد يد إنسان فتتقاطع صورة الحياة والموت في ومضة. كما كانت هناك لقطة معبرة تظهر فيها نساء من افغانستان، تعكس الصورة لباس المرأة quot;الطالبانيquot;. وهذه اللقطة من تصوير الفنانة لانا سليزيك التي عملت في افغانستان لفترة من الزمن. إلى جوار صورة لأطفال من اثيوبيا ولقطات مختلفة للطبيعة والبشر في حالات جمالية متباينة.

وفي اليوم ذاته جرى مهرجان غنائي، فني وخطابي في صالة الـ quot;ميرتو هولquot; في داون تاون تورنتو، حضره عدد كبير من المواطنين من مختلف الألوان والأثنيات.

كان الحضور العربي والشرق أوسطي ملحوظاً، فهناك طاولة معروضات وأدبيات تخص الجمعية العراقية الكندية في أونتاريو، إلى جانب طاولة لـquot; اتحاد النساء المسلماتquot; في تورنتو والتي تضع في قائمة مهامها توفير الخدمات الاستشارية والحقوقية والتوعية للمرأة المسلمة القادمة من تلك البلاد وتوفير quot; شلترquot; كمكان عاجل وملائم للمرأة التي تتعرض للعنف المنزلي. كما كانت هناك طاولة أدبيات للشباب المسلم وكان هناك طاولة عليها لوحات لفنان فلسطيني، إلى جانب أدبيات وخدمات انسانية تخص الأطفال والشباب.

الفقرات الموسيقية كانت شبابية وتعكس قضايا الإنسان وحلمه في تغيير العالم قدمها عدد من الشباب الكنديين القادمين من مونتريال. فرقة quot;ذا ساوند اوف ريزونquot; قدمت أغنية عنوانها quot;فلسطينquot; وكانت شجية وقوية ولاقت تصفيقا حاراً، وتدعو للالتفات إلى الواقع الفلسطيني إلى جانب عدد من الأغاني المميزة بعمقها الإنساني.

حين الحديث مع أعضاء الفرقة بعد انتهاء العرض وجدت أنهم ليسوا من أصول عربية بل أن أحدهم quot;فرانسيس، كندي بولوني، والآخرquot;كوهيارquot; كندي هندي وعلمت أن للفرقة الشابة نشاطات في العالم كان آخرها في انكلترا وكذلك في ( دبي) حيث فازت الفرقة بجائزة المحبة وذلك في أكتوبر عام 2006. كما كان هناك فقرة الشابquot; ديفيد هادجزquot; الكندي الألماني وغنى بحيوية quot;الراب والهيب هوبquot;.

حدثني ديفيد عن أثر الموسيقى في صراع الإنسان من أجل الحرية والتي يجب أن تأخذ مكانها بدل الموسيقى الإستهلاكية الدارجة.

تحدث الخطباء والمحامين المشاركين عن أهمية هذا اليوم وعن الواقع الكندي الذي يشكل خليطاً بشرياً بامتياز وأكدوا على العمل لمزيد من الانسجام وتحقيق الكرامة والمساوة لكل فرد في المجتمع بغض النظر عن دينه، لونه، أو قوميته.

ولم يكن صدفة أن قدم رجل مشرد ( هومليس ) إلى حيث التجمع الأنيق، وراح يتصفح الطاولات التي تعرض أدبياتها ويقول: أنا جائع.

المفارقات مذهلة أحياناً مابين الواقع والكلام والحلم، وحصل في نفس اليوم أن عرجت على مكتبة الجامعة quot;مكتبة روبرتquot; التي تحوي مطبوعات عربية دورية لطلاب البحوث والدراسات الشرقية، وفي صالة القراءة، فاجأني quot;مشردquot; آخر، هادئ وحزين يجرجر شيخوخته وأثماله وحقيبة متسخة على ظهره، وفي يده كومة من الجرائد والمجلات يعيدها إلى مكانها ويغادر الصالة بينما تلاحقه نظراتي الواجفة المليئة بالسؤال والدهشة.

أليس غريباً أن نرى هذا في كندا، البلد الذي احتل عام 2006 المرتبة السادسة بين دول العالم من حيث الرفاه ومعدل دخل الفرد وفق إحصائيات الأمم المتحدة!

صحافية سورية كندية.