عبد الرحمن الراشد


لقد اصطفت روسيا والصين مع 13 دولة كبرى ونامية في إجماع نادر ضد مشروع إيران النووي، موقعة على فرض عقوبات تحت أقسى بند هو السابع عشر، الذي يجيز الحرب من اجل تنفيذه. وقفت حتى الدول التي طمأنت إيران إلى أنها ستقف ضد قرار مجلس الأمن، مثل روسيا وكذلك قطر.

نرى في الرئيس الإيراني احمدي نجاد تكرارا لصورة لصدام حسين، يوم ضللته نشوة المظاهرات والوفود الزائرة وتعهدات الدول الكبرى والصديقة بأنها لن تسمح بقرار دولي ضده التي عملت مفعول المسكنات وجعلته ينام مطمئن العين، قريرها. ونرى في وجه إيران تقف دول عديدة بعضها صغير للغاية لكنها ذكية للغاية.

في حلبة الصراع الحالية يرى العالم إيران ثورا هائجا يسل قرونه استعدادا لتمزيق أحشاء المصارع النحيل أمامه، في حين تجد المصارع الهادئ بقلق متفرغا لمطالعة الثور وقراءة سلوكه. الدول القلقة من إيران الهائجة تعرف جيدا انها ثور مصارعة لن يقف ساكنا أمام تحديات الخرقة الحمراء. لن يجلس مثل ثور المزرعة سعيدا يأكل الحشائش بل سيبدأ سريعا الركض. والمصارع الصغير لا يعتمد على عضلاته بل على قراءة عقل ثوره، في اتجاه سينطح الراية الحمراء، حتى يتعبه ركضا ويسقطه أرضا. والا ما الذي يدفع إيران المفتولة العضلات إلى تبني السلاح النووي وهي ثالث أغنى بلد في العالم بالنفط؟ ما الذي يدفعها نحو الحروب الخارجية في حين أنها في الداخل بلد غني الموارد وفقير الشعب في آن واحد. إن حب إيران للمصارعة الخارجية سينهكها بدليل أنها تبدد أموال النفط على النزاعات في العراق ولبنان وفلسطين منحازة لجانب ضد آخر. إيران تدفع أكثر مما يدفعه أي بلد خليجي على دعم النشاطات والحركات والأحزاب.

الصراع مع إيران يقوم على قراءة سلوك النظام المكشوف، مثل وضوح نظام صدام الذي كنا ندري ماذا سيفعل تقدما او تقهقرا. وقد سمعت من احدهم متنبأ بان إيران سترد بحنق على المجتمع الدولي الذي تبني معاقبتها. قال لحظة صدور القرار الدولي إنها ستسفه منه، وتعلن أنها ستمضي في طريق التخصيب، وستبني وتشغل الثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي، وسيلقي الرئيس نجاد خطبة تهديدية. قال نعتقد أنها سترد بالتصعيد في مناطق نفوذها في العراق ولبنان وغزة، وربما أبعد من ذلك. قال إنها بتصرفاتها ستعجل بمواجهة الاحتشاد الدولي العسكري، وربما الحرب الكبرى التي يبدو أنها صارت حتمية في نحو ثلاث أو خمس سنين مقبلة من الآن.

بالفعل إيران بلد صعب المراس، لكنه مثل ثور هائج سهل التنبؤ بتصرفاته، ووفق سلوكه المعهود سيندفع ركضا نحو مناطحة القرارات الحمراء، معتقدا انه سيخيف المجتمع الدولي. سيضغط بالفوضى والتخريب للحصول على التنازلات التي يريدها. نتصور أن إيران ستمضي قدما في بناء سلاحها النووي، لتزيد مع كل خطوة تسيرها إلى الأمام احتمالات المواجهة. ستزيد رغبة إيران في المناطحة رقعة النزاع التي ستمنح خصومها الدليل المطلوب على أن احتواء إيران سلميا أمر مستحيل. ستثبت تصرفات طهران للعالم أن إيران خطر على المنطقة، وخطر على مصادر الطاقة التي تمثل إكسير الحياة، وخطر على العالم كله إن سمح لها بدخول دائرة السلاح النووي.


[email protected]