السبت30 ديسمبر2006


روب كريلي

يوم الخميس الماضي دخلت القوات التابعة للحكومية الصومالية مقديشو بعد تقدم سريع على مليشيا quot;المحاكم الإسلاميةquot;، التي أُجبرت على التراجع بعد تزايد الخسائر في صفوفها. وسُمعت الطلقات النارية في أرجاء المدينة في وقت عادت فيه المليشيات العشائرية إلى الشوارع، حيث عمدت إلى النهب وتصفية الحسابات القديمة. ويقول السكان إنهم يخشون عودة البلاد إلى 15 عاماً من الفوضى التي انتهت بصعود quot;االمحاكم الإسلاميةquot;، التي فرضت سيطرتها على مناطق واسعة من البلاد قبل ستة أشهر.

ويحذر المحللون من أن الانتصار السريع على quot;الإسلاميينquot; سيترك فراغاً خطيراً في بلد لم يعرف الهدوء إلا مؤخراً. ويرون أنه من دون استراتيجية سياسية لتحقيق السلام، فإن الصومال قد يصبح مستنقعاً يمتد إلى البلدان المجاورة؛ وأنه في حال التزم الإثيوبيون بما تعهدوا به وانسحبوا بسرعة، فإن العناصر quot;الراديكاليةquot; داخل quot;المحاكمquot;ndash; مثل المقاتلين الملقبين بـquot;الشبابquot; الذين يتزعمهم quot;عدين حاشي آيروquot;، الذي تلقى تدريبه في أفغانستان- قد تخوض حرب عصابات وتستقدم مقاتلين أجانب. وفي هذا الإطار، يقول quot;مات برايدنquot;، مستشار quot;مجموعة الأزمات الدوليةquot;: quot;يكمن الخطر في أنه إذا كانت إثيوبيا والصومال غير قادرتين على تعزيز انتصارهما العسكري سياسياً، فإننا نكون قد رجعنا في تلك الحالة إلى المربع الأول والظروف التي أدت إلى صعود المحاكم quot;.

تمكنت quot;المحاكم الإسلاميةquot; من الفوز بدعم العشائر أثناء تنقل عناصر quot;المحاكمquot; عبر أرجاء البلاد، ولكن يبدو أن ذلك قد تبخر اليوم أمام سيطرة إثيوبيا العسكرية؛ حيث غيّر زعماء العشائر مواقفهم، وهو ما ساهم في التسريع بسقوط quot;الإسلاميينquot;. وقد شوهدت قوافل quot;الإسلاميينquot;، التي تضم مركبات مزودة بأسلحة مضادة للطائرات وأسلحة ثقيلة أخرى وهي تغادر المدينة الأربعاء ليلا متوجهة نحو مدينة quot;كسمايوquot; الواقعة على المحيط الهندي، والتي ما زال تحت سيطرة quot;المحاكم الإسلاميةquot;.

وقد أمضي المسؤولون الحكوميون جزءاً من يوم الخميس في عقد اجتماعات مع زعماء العشائر بالقرب من مقديشو؛ حيث بحثوا معهم الشروط التي يمكن أن تدخل بموجبها القوات إلى العاصمة. وبعد الزوال، سافر رئيس الوزراء الصومالي quot;علي محمد quot; إلى مدينة قرب العاصمة في وقت أعلنت فيه الحكومة حالة الطوارئ. ويقول quot;عبد العزيز أدوquot;، صاحب أحد المتاجر في مقديشو عبر الهاتف quot;إن الأمور متوترة جداً هناquot;، مضيفاً quot;لا أحد يرغب في أن تعود الأمور إلى الحال التي كانت عليه، ولكننا نسمع عن رمي بعض الأشخاص بالرصاص، وإغلاق المتاجرquot;.

ويُذكر أن شبكة من quot;المحاكم الشريعةquot; فرضت سيطرتها في يونيو المنصرم على العاصمة بعد أشهر من القتال ضد تحالف يضم زعماء الحرب، الذين كانوا يتلقون دعما سرياً من الولايات المتحدة. ولقي صعود quot;المحاكمquot; ترحيب السكان الذي عانوا سنوات من العنف على أيدي الرجال الأقوياء في الجيش؛ حيث قام زعماء الحرب بتقسيم المدينة بينهم إلى شبكة من المعاقل الشخصية حيث تنتشر نقاط التفتيش والحواجز والمناطق المحرمة.

وتدريجياً، أخذ جو من السلام يعم المدينة؛ حيث تم رفع نقاط التفتيش، وإعادة فتح المطار. كما انتشرت المليشيات الموالية لـquot;المحاكمquot; في مختلف أرجاء البلاد؛ ولقي أفرادها ترحيباً شعبياً، ولاسيما من قبل زعماء العشائر التواقين إلى عودة النظام والقانون إلى البلاد.

في غضون ذلك، وجدت حكومةٌ انتقالية ضعيفة ndash;أُنشأت بدعم أممي ودولي- نفسها معزولة وغير قادرة على حشد الدعم خارج معقلها في quot;بايداواquot;؛ غير أن القوة المتزايدة لـquot;المحاكمquot; كان ينظر إليها بعين من التوجس في إثيوبيا، التي كانت تخشى صعود الإسلام المتشدد على مشارفها؛ والولايات المتحدة، التي اتهمت quot;المحاكمquot; بإيواء أعضاء quot;القاعدةquot;. وقبل نحو عشرة أيام، وفي وقت أصبحت فيه quot;المحاكمquot; على بعد 40 ميلاً من العاصمة المؤقتة للحكومة، تدخلت إثيوبيا بشكل صريح وعلني.

وبعد أن بدأت الطائرات الإثيوبية في قصف مواقع quot;الإسلاميينquot; نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت زعامة الإسلاميين أن قواتها ستتراجع إلى مقديشو من أجل الاستعداد لخوض حرب عصابات طويلة. ولكن بعد أن سيطرت القوات الحكومية الصومالية والجنود الإثيوبيون على quot;بلدquot;، وهي المدينة الأخيرة على الطريق إلى مقديشو، كان الإسلاميون يستعدون للهروب.

وقبل مغادرة المدينة، أعلن الشيخ شريف أحمد، الذي يتزعم اللجنة التنفيذية لـquot;المحاكمquot;، لقناة quot;الجزيرةquot; إن مليشياته اختارت مغادرة مقديشو حقنا للدماء قائلاً: quot;لقد سحبنا قواتنا ولم يعد ثمة وجود لقوات quot;المحاكم الإسلاميةquot;. إن الشعب الصومالي هو الذي يقاوم الآنquot;، مضيفا quot;لقد غادرنا العاصمة تجنبا للقصف العنيف؛ فالقوات الإثيوبية ترتكب جريمة إبادة جماعية في حق الشعب الصوماليquot;.

ولدى مغادرتهم، سلمت quot;المحاكمquot; الكثير من أسلحتها ومقاتليها لزعماء العشائر الذين بسطوا سيطرتهم على المطار والميناء. وقد جاء سقوط مقديشو بعد ليلة من quot;الدبلوماسية الهاتفيةquot; المكثفة؛ حيث تحدث الزعماء الإسلاميون مع المسؤولين الحكوميين، وأخبروهم أنهم سيلقون كل الترحيب في مقديشو إذا لم يشنوا هجوماً على المدينة. وبموازاة مع ذلك، كان المسؤولون الحكوميون يتحدثون عبر الهاتف مع زعماء العشائر في المدينة لحثهم على سحب دعمهم لـquot;اتحاد المحاكم الإسلاميةquot;.

وأعلن quot;عبد الرحمن ديناريquot;، المتحدث باسم الحكومة، أن الدعم الشعبي لـquot;المحاكمquot; قلّ بعد أن بدؤوا في فرض تفسيرات متشددة من الشريعة على السكان، مضيفاً أن الحكومة باتت تسيطر اليوم على 95 في المئة من البلاد. وقال عبر الهاتف من بايداوا: quot;لم تكن quot;المحاكمquot; قوية؛ وإنما وسائل الإعلام الدولية هي التي منحتها مصداقية باطلةquot;، مضيفاً quot;إن سكان مقديشو هم الأقوياء. وها هي quot;المحاكمquot; قد فقدت دعمها اليوم واختفتquot;.

الإتحاد