ديفيد أغناتيوس - خدمة واشنطن بوست
laquo;اتصل فقطraquo;.. تلك كانت العبارة المميزة لرواية إي. أم. فورستر العظيمة الموسومة (هواردز إند). وهي وصية نافعة في التفكير بشأن الاستراتيجية الأميركية تجاه ايران والنزاعات الأوسع بين الغرب والعالم الاسلامي.
نحن في المراحل الأولى مما يدعوه قائد القيادة الوسطى للقوات الأميركية الجنرال جون ابي زيد laquo;الحرب الأولى للعولمة بين المجتمعات المنفتحة والأخرى المنغلقةraquo;. وأبلغ ابي زيد مجموعة صغيرة من الصحافيين في وزارة الدفاع يوم أول من امس ان أحد أسس تحقيق النصر في تلك الحرب يتمثل في توسيع الانفتاح والاتصال. ووصف القاعدة باعتبارها laquo;الذراع العسكري للنظام المنغلقraquo;. والشيء ذاته يمكن أن يقال عن رجال الدين المتطرفين في طهران الذين يدفعون باتجاه تطوير أسلحة نووية.
وتتجلى أفضل استراتيجية لأميركا في أن تمارس نقاط قوتها، وهي التبادل المنفتح للأفكار مدعوما بقوة عسكرية لا تضارع. والحاجة الى الاتصال واضحة خصوصا في حالة ايران، التي ظلت في العزلة متجمدة في حماس ثوري. غير أن بعض المسؤولين في ادارة بوش يتمسكون بفكرة أن العزل شيء جيد وان الاتصال سيضعف الى حد ما موقف الغرب. وذلك يتجاهل الدرس الواضح للأربعين عاما الماضية، وهو ان العزل قد أخفق في العادة (كما هو الحال مع كوبا وكوريا الشمالية)، بينما الاتصال أفلح في العادة (كما هو الحال مع الاتحاد السوفييتي والصين).
وكان المثال الموحي قرار التواصل مع الاتحاد السوفييتي عام 1973 عبر مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا. ففي ذلك الوقت جادل بعض المحافظين بأنه تنازل خطر يمكن أن يفسره السوفييت كرمز للضعف. ولكن مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا وفر منتدى حاسما للمعارضين في روسيا وشرق أوروبا، وبسرعة مذهلة بدأ الصرح الجبار للسلطة السوفييتية بالتقوض. وجرى التعبير عن تحذيرات مماثلة بشأن اظهار الضعف في وجه خصم عدواني عندما ذهب الرئيس ريتشارد نيكسون الى الصين في فبراير 1972.
وأنا اشير الى هذا التاريخ من الحرب الباردة لأن الوقت حان لتقوم اميركا بمحاولة دفع ايران الثورية الى المشاركة في الحوار. وجاءت الدعوة الى مثل هذا الحوار الشهر الحالي في رسالة وجهها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى الرئيس بوش، وهي مؤشر على تجاوز 27 عاما من التحريم على اقامة صلات مع الشيطان الأكبر. ومن المؤكد أن رسالة احمدي نجاد حظيت بدعم المرشد الأعلى في ايران آية الله علي خامنئي. وتقول مصادري الايرانية ان هناك اجماعا واسعا في طهران على انه آن الأوان لاجراء محادثات مع الولايات المتحدة. وقد ابلغني رجل الأعمال الايراني على اتفاق في رسالة بالبريد الإلكتروني هذا الأسبوع قائلا ان laquo;ايران تريد البدء بمناقشات بالطريقة ذاتها التي ارادت بها الصين المناقشاتraquo; مع نيكسون. وقال ان laquo;الشيطان الأكبر لم يعد توصيفا مقبولا. فأكثر من نصف سكان ايران لم يولدوا قبل 27 عاما، كما أن الاسطوانة المشروخة لا تدار جيداraquo;، مضيفا ان العرض الايراني لاجراء الحوار laquo;ينبغي ان يعامل كفرصة حتى ولو للتعبير عن المظالم وتضخيم الاختلافاتraquo;.
وأرتاب في ان ايران تريد الحوار الآن، ويعود أحد اسباب ذلك الى أنها تدرك ان موقف اميركا في العراق ضعيف، في حين ان موقفها قوي. وقد يكون ذلك صحيحا، ولكن ما الذي يهم ؟ يتعين على واشنطن أن تجيب بالايجاب. وليست هناك ضمانات من أن سياسة المشاركة في الحوار يمكن أن تؤتي ثمارها. فرغبة النظام الايراني في الحصول على أسلحة نووية قد تكون ملحة بحيث ان طهران وواشنطن ستبقيان في مجرى الصدام. ولكن اميركا وحلفاءها سيكونون في موقف اقوى اذا ما استجابوا للدعوات الايرانية الى الحوار. الانفتاح ليس تنازلا من جانب أميركا وانما سلاح استراتيجي.
التعليقات