مها فهد الحجيلان*
أقام المخيم الصيفي في جدة في 25/6/1427هـ محاضرة ضمن نشاطه الصيفي للشيخ الداعية سعد البريك بعنوان quot;حماية النبي صلى الله عليه وسلم لجناب التوحيدquot;. وقد نشرت بالصوت والصورة هذه المحاضرة في موقع البث الإسلامي. كما تناولت بعض الصحف ومواقع النت خبر هذه المحاضرة، وكتب عنها الأستاذ قينان الغامدي مقالة يوم الجمعة الموافق 4 أغسطس 2006م نشرها في صحيفة quot;الوطنquot;. وقد تطرّق الشيخ البريك في محاضرته تلك إلى صراع الوزارات في بلادنا والتناقض بينها ممثلا لذلك بأمثلة من تجربته. كما تناول موضوعا يتعلق quot;بالعلمانيينquot; الذين يكتبون في الصحف السعودية. وقد أورد معلومات ذات تأثير في زعزعة الأمن واختراق كيان دولتنا. فقد ذكر أن الكتاب السعوديين ممن وصفهم بالعلمانيين هم عملاء لدول أجنبية يكتبون وفق ما يمليه عليهم quot;تنظيم سريquot; ترعاه سفارات دول أجنبية هي التي تدفع لهم مكافآت وهي التي توجّه كتاباتهم في نقد بعض الأجهزة الحكومية والمشكلات التي تعترض حياة المواطنين.
ولقد دهشت لمثل هذه المعلومات التي ذكرها الشيخ البريك والتي تتضمن أمورا خطيرة للغاية إذا كانت بالفعل معلومات صحيحة. ولنفترض أنها صحيحة بناء على الثقة في أن الشيخ البريك هو رجل متدين يخاف الله سبحانه، ومن المتوقع ألا يصدر منه معلومات كاذبة أو متوهّمة أو غير دقيقة. ونفترض فيه أنه يتحرّى الدقة والبحث عن مصدر أي معلومة يقولها لسببين: الأول يتعلق بانتمائه إلى التيار الديني الذي يؤكد على قيم الصدق والأمانة والنزاهة وأن هذه القيم جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي القويم، وبوصف الشيخ داعية إسلاميا مشهورا له جمهوره ومحبوه فإنه من المتوقع أن يكون لكلامه رصيد من الصدق والواقعية. والسبب الثاني الذي يدعونا للاعتقاد بصحة المعلومات المنقولة عن الشيخ البريك هو أن الشيخ البريك حاصل على درجة علمية عليا في البحث العلمي؛ وهذه الدرجة لا يحصل عليها إلا من تدرب على أصول البحث التي أقلها توثيق المعلومات بالرجوع إلى المصدر الأصلي والتأكد من صحتها قبل الإدلاء بها أو اعتمادها.
أعتقد الآن أن لدينا المبررات المنطقية والواقعية التي تجعلنا نحمل كلام الشيخ البريك محمل الجد والصدق؛ وعليه يمكن مناقشة تفاصيل المعلومات التي أوردها ومحاولة النظر في الأخطار المترتبة عليها في بلادنا، وما يمكن أن تنتجه من أضرار على الأفراد وعلى المجتمع وعلى لحمة الوطن وتماسكه حينما يتدخل في شؤونه تنظيمات سريّة تدار من قبل سفارات دول أجنبية ربما تتجسس على دولتنا وتحاول النيل من مقدراتنا وزعزعة الدين عند الناس ونشر الكفر والفجور بينهم دون أن يعلم عن ذلك أحد إلا الشيخ البريك سدد الله نباهته.
إن أول خطوة ينبغي اتخاذها بناء على المعلومات التي ذكرها الشيخ البريك هي ضرورة معرفة السفارة أو السفارات الأجنبية المعنية بتمويل التنظيم السري الخاص بالكتاب والمثقفين السعوديين. وبعد معرفتها يسهل الوصول إلى التنظيم المشار إليه والكتاب الذين يعملون فيه ومقدار المكافآت التي يتقاضونها مقابل كتاباتهم في صحفنا؛ أما الموضوعات التي تناولوها فقد كفانا الشيخ البريك العناء حينما ذكر مجموعة منها مما يتعلق بنقد أداء بعض الأجهزة الحكومية والأهلية واستعراض بعض المشكلات التي تهم المجتمع؛ والتي يمكن التخمين بأنه يدخل فيها موضوعات تتعلق بمناقشة قضية المرأة والأسرة والتعليم والوظائف. وهذه السفارات لابد من التقدم بشكوى ضدها عند دولها وعند المحكمة الدولية بعد تقديم الأدلة التي تدين تلك السفارات في تورطها بشؤون داخلية لدولة أخرى هي دولتنا العزيزة.
أما إذا كان الشيخ البريك يعرف أسماء الكتاب الخائنين للوطن بتعاونهم مع الحكومات الأجنبية بما فيه مضرة للبلاد، فإنه من الأهمية بمكان الإبلاغ عن هؤلاء؛ هذا إن لم يكن قد أبلغ عنهم بسبب علاقته المتينة بوزارة الداخلية التي لوّح فيها بنبرة منتشية في بداية الجزء الثاني من محاضرته المسجلة. ومن المحتمل أن تكون لديه معلومات تفيد السلطات حول هؤلاء الكتاب لأنه يعرف الموضوعات التي كتبوا فيها، وبالتالي فإن الربط بين الموضوعات التي أشار إليها وبين من كتب في تلك الموضوعات يجعل الوصول إلى هؤلاء الكتاب أمرا متيسرا.
ومما ينبغي توضيحه أن معلومات بهذه القوّة يصعب أن تكون غير دقيقة أو أنها وردت من باب المبالغة والتهويل في خطبة حماسية أو كلام استفزازي. ومما يمكن استقراؤه بعد معرفة هذه المعلومات أن يتلقاها الشعب باندفاع وحماس، وبخاصة أن الشيخ البريك له تأثير على عدد من العوام ممن لا يسألونه عن مصادره ولا أدلته على ما يقول من باب الثقة فيه. ومن يدري مقدار الأثر على مجتمع متدين محافظ يعتبر العلماني كافرا خارج الملة، ثم يسمع بوجود تنظيمات سرية تحاك ضده من بني جلدته ممن يعيشون معه في نفس العمارة أو نفس الحارة أو يعملون معه في الدائرة نفسها.
إن التوقعات التي يمكن التنبؤ بها تشير إلى أن التعايش السلمي الذي كان بين أفراد المجتمع قبل معرفة أن بعضهم ينتمي إلى تنظيمات سرية خارجية سوف يتحول إلى صراع وفتنة طويلة المدى؛ لأن الثقة بين الناس نزعت من خلال الاعتقاد بأن هذا الكاتب أو المثقف يريد تخريب المجتمع وبث الفساد فيه ونشر الفحشاء من خلال انتقاده لأداء بعض الأجهزة الحكومية التي يقوم عليها بشر معرضون للخطأ والصواب في تصرفاتهم.
والعارف بوعي الناس وبخاصة عامتهم يعرف أن عددا ليس قليلا من الناس لا يبحثون في الأسباب ولا يذهبون إلى مصادر المعلومة الأساسية ويفحصونها ويتوثقون من دقتها كما يفعل الشيخ الأكاديمي صاحب الأطروحة العلمية في الدكتوراة؛ بل يبادرون في غالب أحوالهم إلى الاعتماد على أخبار quot;القيل والقالquot; ويؤسسون عليها توهمات غير صحيحة تنسب لبعض الناس، ثم يستنتجون استنتاجات قد تكون بعيدة أو موغلة في الخطأ، ولكنهم يبنون عليها قرارات مصيرية قد تقضي على حياة أفراد أو أسر كاملة فيما لو استخدم العنف في مثل هذه المسائل الشائكة.
وبناء على معرفة الناس بنزاهة الشيخ البريك وصدقه، فإنهم يتوقعون منه المضي قدماً في الكشف عما يحاك ضد بلدنا من أناس مندسين بيننا، وكشف الأسماء وكافة المعلومات التي يملكها من خلال مصادره الموثقة. وأعتقد أن الشيخ قادر بكل أريحية وثقة بالنفس على مواجهة أي شخص يحاكمه أو يطالبه بإثبات التهمة أو التهم المنسوبة إلى الكتاب السعوديين والتي تطعن في دينهم أولا، وثانيا في ولائهم لوطنهم من خلال خيانتهم للوطن ولأهله بالتعامل مع تنظيمات سرية تديرها سفارات معينة.
ومن باب إحسان الظن بالكتّاب السعوديين المتّهمين، فلابد من إتاحة الفرصة أمامهم للدفاع عن أنفسهم وتبرئتها من التهم الخطيرة المنسوبة إليها. يستطيعون أن يفعلوا ذلك عن طريق القنوات الرسمية الصحيحة لرفع الدنس عن سمعتهم التي كساها العار عند أغلب المواطنين الذين علموا بما ذكره الشيخ البريك وصدقوه بدون أدنى شك.
يشار إلى أن كلمة خادم الحرمين الشريفين عند زيارته للقصيم كانت رسالة لكل مواطن ومواطنة بترك تصنيف أفراد المجتمع السعودي على أساس فكري أو طائفي لأنها تصنيفات تجلب النزاع والشقاق وتوغر الكره بين الناس وتعزز الفكر الأحادي. ويؤمل بمن يفترض فيهم الثقة أن يكونوا أول الداعمين لسياسة الملك عبدالله في التسامح وتقبل الاختلاف. أتمنى أن تُكتب كلمات الملك عبدالله في التسامح بخط كبير وتوضع في الأماكن العامة ليقرأها الناس باستمرار لكي ترسخ في عقولهم وتصبح منهاج حياة لهم.