الخميس: 2006.09.07

صالح القلاب


الرفض الذي تقابل به ديموقراطية الغرب له بعض ما يبرره في ضوء الوصفات التي حاولت الإدارة الأميركية إلزام دول الشرق الأوسط تحديدا بتجرعها بعد كارثة الحادي عشر من أيلول ( سبتمبر ) العام 2001 فقد أدت الأساليب التي إتبعها الأميركيون لتسويق بضاعتهم هذه الى ردود فعل معاكسة وأدت الى تعويم القوى الظلامية والشمولية والإنعزالية وتراجع القوى التي كان بالإمكان المراهنة عليها للقيام بالإنعطافة التاريخية المنشودة .

كمن يرمي الدرر بين أرجل الخنازير فقد وضع الأميركيون ، تحت ضغط مصيبة الحادي عشر من أيلول ( سبتمبر ) ، التجربة الديموقراطية عندهم وعند غيرهم تحت أقدام القوى والتنظيمات المتحجرة والمقفلة والتي هي في حقيقة أمرها تعتبر الديموقراطية رجسا من عمل الشيطان وكانت النتيجة ، في ضوء تجربة الأعوام الخمسة الماضية ، إن كل التوجهات الديموقراطية في هذه المنطقة كادت ان تختنق وكادت أن تنهار أنظمة لا بديل متوفرا لها سوى جماعات التكفير والهجرة والتنظيمات الشمولية التي هدفها إعادة مجتمعات الشرق الأوسط الى أكثر من ألف عام الى الوراء .

إن من ذرف الدموع الساخنة السخية على نظام طالبان الدموي المتخلف الذي لم تعرف البشرية مثيلا له حتى في القرون الوسطى لا يستحق ان يتمتع ولو بالحد الأدنى من الديموقراطية وأن من يريد الديموقراطية مجرد أن تكون جسرا للإستقواء على النظام الذي يعيش في كنفه لا يستحق إلا الكرابيج والزنازين المظلمة وأن من يريد الديموقراطية من أجل الوصول الى الحكم حتى بعد ذلك يعود الى طبيعته الديكتاتورية يجب ان تمنع عنه ولا تعطى إليه .

أمس بدأ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ، الذي يعتبره كثيرون في منطقتنا المثل الذي يجب ان يحتذى ، حملة لتطهير الجامعات من الإصلاحيين ومن العلمانيين ومن الأفكار الليبرالية المستوردة وقد دعا الطلاب الإيرانيين الى الإنتفاض على الأساتذة المتأثرين بالغرب وشدد على ضرورة إبعاد الأجواء الجامعية عن السياسة وأخذ على الحركة الطلابية أنها شكلت رافدا كبيرا للحركة الإصلاحية .

لا يوجد أكثر من هذه الأفكار والتوجهات تخلفا ورجعية وضيق أفق لكن ومع ذلك فإن كثيرين من الذين يملأون الدنيا صراخا وصخبا وبكاء لأن الديموقراطية الأردنية ليست كما يجب ، ، كما يقولون ، يعتبرون أن محمود أحمدي نجاد هو الغد المنشود وهو المثال الذي يجب ان يحتذى ويجب ان يستنسخ كل رؤساء العالم ليصبحوا على شاكلته .

هل يوجد هناك تناقض كتناقض أن يتفنن زعيم ملتح في إختيار سيارته الأميركية أو الألمانية أو الفرنسية ويصر على إقتناء آخر نسخة موبايل وأن يتبع كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة ليوفد إبنه ليتعلم في إحدى الجامعات الغربية ثم وفي الوقت ذاته لا يجد سوى محمود أحمدي نجاد ليكون نموذج الحاكم المطلوب ولا يتردد في أن يؤيده في محاربته للإصلاح والديموقراطية والسعي لتغيير النظام التعليمي العلماني الذي أوجده الإستعمار والذي يخضع لتأثيرات الأفكار العلمانية والإستكبارية .

عندما يكون نظام طالبان المتخلف والرجعي والدموي هو المثل المحتذى وعندما تكون أفكار محمود أحمدي نجاد هي دليل الكثير من الأحزاب والقوى فكيف من الممكن تصديق هؤلاء عندما يطالبون بالحريات العامة وعندما يتلطون بالديموقراطية ويلجأون الى لطم خدودهم وشق جيوبهم لأنه تم إقرار قوانين زاجرة لمواجهة الإرهاب وللضرب بيد من حديد على يد كل من يروج للأفكار الإرهابية .