الخميس 11 يناير 2007


أموري دو روشغوند،راديو فرانس انترناسيونال ـ الفرنسية

في مقابل 575 مليون دولار، تخلّت صحيفة laquo;نيويورك تايمزraquo; الأميركية عن إعلامها البصري والسمعي كاملاً، بما فيه تسع محطات تلفزيونية. فسددت ديونها، من جهة، وانصرفت، من الجهة الأخرى، الى الصحافة المكتوبة، وتطوير الصحف الورقية، وتعزيز انتشارها من طريق امتداداتها على الانترنت وفي الفضاء الرقمي. وبعدما حاولت المجموعات الصحافية تحقيق حلم قديم بـ laquo;التعدديةraquo;، بواسطة تدوير الأنباء على الاذاعات والتلفزيونات والأقمار الاصطناعية، ينصب سعي الناشرين والصحافيين، اليوم، على دوام عملهم الخاص بهم، وحمل لواء الثورة التي بدأها روّاد الانترنت باعتمادهم المتعاظم على الشبكة. ويأتي عزم الصحافة المكتوبة على التخلّي عن حليفيها المرئي والمسموع لتعود الى laquo;قواعدهاraquo;، في سياق الردّ على إعلام المعلومات الذي تتولاه كبرى مواقع الشبكة، المحلي منها والعالمي، والتصدي لظاهرة المدونات (البلوغز) التي يناهز عددها الـ 100 مليون في العالم، بحسب مؤسسة غارتنر (الأميركية).

وفي ضوء سعي صحف أميركية كثيرة لإدخال البلوغز في laquo;مطبخهاraquo;، وفرز فرق تحرير تقفها على المدونات، وضبط معاييرها لتتفق مع معايير المطبوعة، و laquo;تبنّيraquo; مدوّنات قرائها على شروط، تبدو السلطة الرابعة الأميركية متصلة بالبلوغ بصلة رسمية، حبل سرتها محاورة القراء في شؤون الرياضة، والعقارات، والجريمة، والكوارث الطبيعية، والهجرة، والسياسة المحلية والدولية. وشرعت المدوّنات تجتذب وسائل الإعلام بفرنسا. فتقدر مؤسسة laquo;ميدياميتريraquo; الفرنسية عدد رواد الانترنت الذين يتصلون بمدونة، في الشهر 8.7 مليون، في ختام 2006. واللافت أن هذا العدد يضم أجيالاً ألفت وسيلة التعبير الجديدة (أي البلوغ)، لا تقبل على ما تنشره غالبية وسائل الإعلام، العاجزة عن استجابة أسئلة المستمع أو القارئ. وطلبه الإجابة الفورية، وتتمتع المدونات بحرية الانتماء والاختيار، وبشيء من الفوضى. وهي دعوة دائمة الى الحوار.

ويصبح التساؤل عمّا اذا كان الصحافيون (المحترفون) سيتجاهلون قوانين مهنتهم، وينشرون، على سبيل المثال، شريط شنق صدام حسين أو قطع رأس الرهينة نيك بيرغ (في العراق)، أم أنهم سيستعيرون من البلوغرز (أصحاب المدوّنات) طريقتهم في إبداء الرأي وأحكامهم على مصادر المعلومات، واهتمامهم الشديد بالتفاعل. وفي انتظار الجواب، يبدو إدخال مدوّنة على هيئة تحرير عاملة، وعلى دورة عملها أمراً عصياً، لأن على الصحافيين، في هذه الحال، أن يكرّسوا وقتهم للبلوغ. فهو عمل لا ينقطع، وأن عليهم انجاز مهماتهم بذهنية البلوغز. والشرطان لا يتفقان مع فكرة السلطة وهرم المسؤولية التحريرية.