أحمد العرفج
إذا كان العربي يحمّل الأنظمة العربية أو الاستعمار أو حتى أمريكا أسباب التخلف فإن هناك ميادين يبدو من المستحيل تدخّل الأنظمة أو الاستعمار فيها، ففيها من العربي وإليه.. لذا يمارسها العربي بكل حرية، وهي علامة تخلّف وهمجية، يمارسها العربي وهو بكامل قواه العقلية، رغم أن الخطوط العامة لجهات الاتهام، وأعني بها الأنظمة والاستعمار رغبتها عكس ذلك حسناً لنأخذ مثالاً!
ولنا أن نسمّي هذه الثقافة بـ(ثقافة الباصات) ولمحبي التعريب وأهل المجامع العربية نقول: (ثقافة الحافلات) تُرى أين هي؟
لا أظن أن الأنظمة العربية ضد استخدام العربي للحافلة في جيئه وذهابه، كما أن الرئيس بوش (الابن) يتدخل في (وسائل النقل العام) إذاً ما الأمر؟
لماذا نحب الفردية لماذا تبدو الحافلات التي تعبر شوارع المدن الكبيرة خالية إلا من (الأجانب) أو اللا عرب خذ مثلاً طريق المدينة في جدة -بضم الجيم- أو منطقة البطحاء في الرياض أو المنطقة المركزية في الدمام ستجد أن مستخدمي الباصات أو الحافلات من أشاوس القارة الآسيوية من بني هند وباكستان وفيليبين الخ!!
لماذا فشل النقل العام لدينا، كنت وما زلت أتعهد نفسي باستخدام هذه الحافلات عندما كنت في جدة، وكم كانت رحلات لذيذة عندما تأخذ الباص من شارع صاري حتى تصل إلى باب مكة في وسط البلد.. تركب الحافلة فتشعر بنبض الحياة ورؤية الوجوه الملونة التي خططها التعب وشكل ملامحها مكابدة الحياة اليومية!!!
وعندما أتيت إلى بريطانيا توثقت علاقتي بالنقل العام، لذا أتعامل معه يومياً في التنقلات داخل المدينة أو السفر بين المدن، عندما أدركت (لذة الحياة هذه اللذة النابعة من (المعاناة المتعبة المحببة) ولو وسعنا الدائرة لوجدنا أن استخدام التاكسي أو الأجرة - كما يرغب أهل العربية - يُعد عيباً في ذهنية العربي، بل عدم امتلاك سيارة يُعتبر من دواعي الخجل والإزدراء!
هل اتمادي أكثر وأقول إن الكثير من وجهاء ومعلمي المدارس في بريطانيا لديهم دراجات (فقط) وهم من أسعد الناس وأكثرهم فخراً بهذه (الدراجة الهوائية) التي امتلك واحدة منها!!
هنا في بريطانيا (النقل العام) له ثقافة وجداول ومواعيد وشريعة وأنظمة وأكثر من ذلك (مرونة) فأنت تستطيع أن تشتري تذكرة لمدة يوم واحد وأخرى لمدة أسبوع وثالثة لمدة شهر وفق أسعار معقولة بل مغرية!!
في المقابل نجد أن العالم يزدري (ركوب الحافلات واستخدام النقل العام، بل هناك سيارة للولد وسيارة للسائق وأخرى (للمقاضي) ورابعة (للطلعات البرية)- كل ذلك وفق أحدث الموديلات، وهذه كارثة استهلاكية أخرى تحتاج إلى مقال آخر!!!
ولا زلت أتذكر أنني أقابل بسخرية وازدراء من الأصدقاء عندما يعلمون أنني استخدمت (حافلة) أو أتيت بتاكسي لأن العرب يعتبرون هذه من موجبات السخرية ودواعي التندر.. بالله عليكم ما شأن الأنظمة العربية أو ما دخل الرئيس بوش بازدراء ثقافة (النقل العام)، بل ما شأن ضحكات وازدراء اصدقائي بالاستعمار!!
التعليقات