واصفا تقارير الأطباء في هذا الصدد بـquot;المضللةquot;


حنان الكسواني - الغد

أباح مفتي المملكة سعيد الحجاوي أمس، إجهاض الأجنة المصابة بتشوهات خلقية quot;شديدةquot; شرط أن يجزم ثلاثة أطباء اختصاصيين في تقاريرهم الطبية بـquot;ضرورةquot; إجهاض الجنين.

واشترط الحجاوي موافقة الزوجين على إجهاض الجنين quot;المشوهquot; بشكل يؤثر على حياته في الأشهر الاخيرة، الا أنه لم يشترط ذلك في حال إجهاضه في الاشهر الأولى.

وحمّل الحجاوي الأطباء مسؤولية عدم إصدار فتوى شرعية قاطعة بجواز quot;إجهاض الأجنة في حالات التشوه الناتجة عن بعض الأمراض الوراثيةquot;، واصفا تقاريرهم الطبية بـquot;المضللةquot;.

وقال خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية في الأردن أمس برعاية وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية ان استشارة أطباء النسائية والتوليد والأعصاب والدماغ والباطني quot;واجبةquot; قبل إصدار الفتوى، لافتا إلىquot;أهمية التعاون ما بين الطب والشرع من خلال توفير معلومات علمية دقيقة والتي على ضوئها يتم إصدار الحكمquot;.

وأثارت قضية إجهاض الأجنة الناتجة عن التشوهات الخلقية وبالذات مرضى الثلاسيميا على غرار الفتوى الإسلامية في إيران جدلا واسعا بين المجتمعين، حيث انقسموا الى فريقين ما بين مؤيد ومعارض لفكرة الإجهاض في ظل الثورات العلمية في علاج الأمراض الوراثية.

لكن المشاركين أجمعوا على ضرورة رفع المستوى المعرفي والتوعوي لدى المواطنين للوقاية من الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب (الثلاسيميا) وتمكينهم من اتخاذ قرارهم بعد تلقيهم النصح والإرشاد من قبل مراكز المشورة في وزارة الصحة.

وأشارت مسؤولة عيادة الوراثة في المركز الوطني للسكري والغدد الصم والوراثة الدكتورة حنان حمامي الى أهمية quot;تعريف المواطنين بالقضايا الأخلاقية والقانونية والدينية والثقافية من أجل تطوير الخدمات الإرشادية المقدمة لهم لتغيير معتقداتهم، داعية الى تأسيس سجل وطني لرصد اعداد الولادات المصابة بتشوهات خلقيةquot;.

واعتبرت ان معدل الإصابة في مرض الثلاسيميا (المرض الوراثي الناتج عن زواج الأقارب) مرتفعا، في حين تم القضاء عليه في قبرص وبعض الدول الأوروبية والاميركية عن طريق إجهاض الجنين.

وتصل نسبة إصابة مرض الثلاسيميا نحو 4 بالمائة من بين سكان المملكة الذين يقدر عددهم 5.5 نسمة، بحسب حمامي التي أعربت عن مخاوفها من ارتفاع هذه النسبة الى 6-9 بالمائة خلال السنوات المقبلة وبالذات في المناطق الريفية.

وقالت حمامي quot;يجب تقديم المشورة للخاطبين قبل عقد قرانهما واجراء فحوص مخبرية لعينات الدم التي تحدد إمكانية إنجاب اطفال مشوهين سنويةquot;، لافتة الى اكتشاف 18 حالة ثلاسيميا جديدة في عام 2006.

وأوصت الأمهات تجنب إنجاب الاطفال بعد بلوغ سن الـ 35 عاما والاهتمام بالنظام الغذائي السليم والصحيح قبل وأثناء الحمل، والتركيز على الاستشارة الوراثية للمصابين بأمراض وراثية وعائلاتهم حول اجراء الفحوصات المخبرية لتشخيص حاملي بعض أمراض الدم الوراثية.

وأشارت حمامي الى ضرورة العمل على خفض نسبة حدوث التشوهات الخلقية المصاحبة لمرض السكري في الام والحصبة الالمانية ومضار التدخين على الجنين من خلال زيادة المعرفة بالامراض الوراثية والامراض المعدية التي يمكن ان تؤدي الى تشوهات في الجنين ومن ثم الوقاية منها ومعالجتها.

ودعت الأمهات الحوامل إلى التقليل من التعرض للمواد الكيميائية والصناعية التي تحمل آثارا ضارة على الجنين كالمبيدات.

وطالبت حمامي وزارة التربية والتعليم إدخال اساسيات علم الوراثة ضمن مادة علم الأحياء للمرحلة الثانوية والتركيز على الأمراض الوراثية الشائعة في المجتمع مع شرح البرامج الوقائية المتبعة.

ورغم وجود مختبرات لفحص الكروموسومات والحمض النووي (DNA) في القطاعين العام والخاص الا ان عددها لا يزال قليلا، بحسب حمامي.

وبدأت وزارة الصحة مطلع الشهر الحالي بإجراء المسح الطبي لحديثي الولادة للكشف عن الأمراض الوراثية خصوصا مرضي نقص هرمون الغدة الدرقية و مرض الفينيل كيتونوريا (PKU) اللذين يتسببان في تأخر بالنمو العقلي والحركي للطفل في محافظتي عجلون والزرقاء على أن يتم تعميم الفكرة على جميع المحافظات في نهاية العام الحالي. وفق اختصاصية الأمراض الوراثية في وزارة الصحة الدكتورة سناء سقف الحيط.

وأشارت سقف الحيط الى وجود نقص في الكوادر الفنية الصحية لتطبيق المسوحات في المحافظات رغم ان الوزارة رصدت 350 ألف دينار لهذه الغاية.

ورصدت الدراسة 4 إصابات جديدة خلال المسح للكشف عن الأمراض الوراثية، بحسب سقف الحيط التي أكدت على ضرورة توفير العلاج المجاني لهم وللحالات المكتشفة الجديدة.

وأعربت عن أملها في اجراء مسح شامل للحوامل في عام 2010 يشمل تشخيص الأجنة بالتقنيات المتطورة للكشف عن تشوهات خلقية مبكرا.

وأشارت الى أهمية الفحص الطبي قبل الزواج للكشف عن الأمراض الوراثية ولا سيما مرض الثلاسيميا الذي أقره مجلس الوزراء في منتصف شهر حزيران (يونيو) في عام 2004، معتبرة ان تنظيم الأسرة من خلال تباعد الأحمال وتقديم الرعاية للأمهات الحوامل من أبسط الحقوق الإنسانية للمرأة والجنين.