دعا إيران للتعاون مع المجتمع الدولي لإيجاد حل يجنب المنطقة التصعيد وتفادي المواجهات


بثينة عبد الرحمن


عرض عبد الرحمن بن حمد العطية، أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اول من امس، اثناء زيارة رسمية للدكتور محمد البرادعي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمقر المنظمة في العاصمة النمســاوية فيينــا، الخطوات العملية للشروع في برنامج نووي خليجي سلمي، تنفيذا لقرار القمة الخليجية الاخيرة بدراسة مشروع سلمي للطاقة النووية صدر في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، باحثا امكانات الاستفادة من عون وتقنية الوكالة واشرافها على تنفيذه.

laquo;الشــرق الاوسـطraquo; التقت بالعطية في فيينا الذي اكد على سلمية البرنامج وضرورته كطاقة وتقنية سلمية لشعوب المنطقة، نافيا ان يكون تنفيذا لاغراض خارجية او موجها ضد احد.

* هل لنا ان نقف على نتائج زيارتكم للدكتور محمد البرادعي مدير عام وكالة الطاقة الدولية ؟

ـ أتت الزيارة على ضوء القرار الصادر من قمة جابر في ديسمبر الماضي بشأن اعتماد برنامج للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وذلك من خلال اعداد دراسة مشتركة لبرنامج نووي لدول مجلس التعاون، خاصة انها بحاجة لكهرباء بسبب نموها الاقتصادي والاجتماعي المتناميين، وبنسب تفوق معدلات نمو دول العالم الاخرى، اذ تبلغ نسبة نمو الطلب على الكهرباء اكثر من 6% سنويا مما يفرض مضاعفة طاقة توليد الكهرباء بدول المجلس خلال عشر سنوات. من جانب اخر ترغب دول المجلس في تنويع مصادر الطاقة المعتمدة، باعتماد تقنيات ذات جدوى فنية واقتصادية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه مع ملاحظة ان الخيارات البديلة للنفط والغاز على المدى البعيد هي الطاقة النووية والرياح والطاقة الشمسية خاصة اذا ما أخذنا في الاعتبار ان المتوقع ازدياد اسعار النفط والغاز والطلب خاصة من منطقة اسيا، كل هذا يدعونا للتفكير في ايجاد بدائل والبحث عنها ومنها. إذن فان البرنامج والدراسة سيكونان لسلمية الطاقة، والتوقيت يأتي مناسبا مع الحاجة التي استوجبت ذلك. وقد جاء لقائي بالدكتور البرادعي بغرض اعلامه عن رغبة دول المجلس في ان تكون الدراسات والانشطة المتعلقة بمشروع البرنامج النووي الخليجي المشترك، من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعرفتها، مما يدل على الشفافية والوضوح، وان هذا البرنامج سلمي في اطار المعايير الدولية واتفاقات الضمان.

* هل أعددتم دراسة جدوى لهذا البرنامج ؟ ـ لقد اعربنا في اللقاء مع الدكتور البرادعي عن رغبتنا في ان تقوم الوكالة بالمساعدة في تقديم الدراسة الاولية والمساعدات الفنية اللازمة بما في ذلك وضع العناصر وتحديد البنية الاساسية والمساهمة في بناء القدرات الوطنية والتدريب في اطار المشروع المشترك، وقد رحب بذلك وتم الاتفاق على قيام فريق من خبراء الوكالة بزيارة الامانة العامة لمجلس التعاون، والاجتماع بخبراء من دول المجلس في مجال الطاقة الكهربائية والعلوم التقنية بالجامعات، وسوف تقوم الامانة بالتنسيق مع الوكالة لتحديد موعد الاجتماع كبداية الانطلاق.

* وماذا عن التكلفة المالية ؟

ـ لم نبحث في هذا الجانب، وفي تقديري بجانب اهميته، انما سيكون ضمن الترتيبات القادمة.

* تسعى الوكالة الدولية دائما، خاصة في حالة النشاط النووي، لالزام الدول بالتوقيع على البروتوكول الاضافي بما يقره من عمليات تفتيش استثنائية واجراءات وقائية متشددة، هل انتم على ثقة من استعداد برلمانات دول المجلس كافة لإجازة اجراء كهذا؟ ـ دولنا موقعة على معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، وحتى من لم يوقع فانه بصدد التوقيع، وطالما قبلنا فاننا سنلتزم.

* تعايشتم طويلا مع النشــاط النووى الاسرائيلــي، فهل تحرككم هذا بسبب قلق من النشاط النووي الايراني ؟

ـ اسرائيل لا تعترف بالشرعية الدولية، ولم توقع على معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية، ولا يمكن اعتبار اسرائيل كدولة تستخدم الطاقة النووية للاغراض السلمية، ولهذا فاننا دعونا وندعو لجعل منطقة الشرق الاوسط، بما فيها منطقة الخليج، منطقة خالية من السلاح النووي. أما بشأن ايران فانها بمنأى عن المقارنة مع اسرائيل في هذا المجال، ان المقارنة ممتنعة وغير مقبولة. ايران اعلنت وبشكل مستمر عن سلمية برنامجها ولديها طموحات مثلها مثل الدول التي تستخدمه سلميا. الامر الآخر أن ايران، ونحن دول مجاورة لايران، نتأثر بأي شيء سلبي او ايجابي، ونحرص على استقرار منطقتنا، ومن هذا المنطلق فان لدينا اهتماما كبيرا بالملف النووي الايراني، ونرى ان هناك قواعد الشرعية الدولية التي علينا جميعا احترامها وتطبيقها، والعمل وفقا لقواعد الوكالة الدولية ورقابتها وتفتيشها، وبدورنا عندما فكرنا في الدخول في هذا المجال لم ندخل بسبب مواجهة الغير او التناقض مع الاصدقاء، ولسنا في وارد توجيه برنامجنا للمنافسة، وعلينا جميعا ان نخضع لمعايير الشفافية المطلقة ليطمئن المجتمع الدولي لعدم توجيه هذا الحقل لاغراض غير سلمية . والنقطة الاهم وعلى وجه التحديد تكمن في الالتفات للمحافظة على البيئة، اذ لا يمكن تحمل النتائج الكارثية التي يمكن حدوثها او ان تحدث تسريبات، ولا بد من التأكيد على اهمية وجود اجهزة فنية ومؤسسة قادرة على التشغيل والامن للمفاعلات النووية والتعامل مع اية حوادث طارئة، بما في ذلك الحماية من الاشعاعات، بما في ذلك التعامل مع الوكالة بخصوص المفاعلات الاسرائيلية.

* ما تصوركم لحل بشأن قضية الملف النووي الايراني ؟

ـ الحوار هو السبيل لحلها وتسويتها سلميا، وثقتنا كبيرة بحكمة القادة والمسؤولين الايرانيين في ادراك تداعياتها، ومن خلال التعاون مع المجتمع الدولي لايجاد حل يجنب ايران والمنطقة ما قد ينتج من تصعيد وتفادي المواجهات.

* هناك من يرى ان هناك دعما أميركيا للبرنامج الخليجي بغرض صد ايران ؟؟

ـ هذا غير صحيح، نحن ننطلق من منطلق ذاتي وارادة سياسية مشتركة عبرت عنها laquo;قمة جابرraquo; لبرنامج سلمي مشترك، ولم يكن برغبة او ايعاز من اي طرف خارجي.

* الصين ترغب في التعاون معكم بسبب laquo;النفطraquo;، فما الاهداف الروسية من وراء ابدائها الاستعداد لمعاونتكم، هل هي laquo;غيرة ومنافسةraquo; الاميركيين؟

ـ نشكر كل هذه الدول على ترحيبها ببرنامجنا، وقناعتنا ان مثل هذا الترحيب ينطلق من ادراك ان دول مجلس التعاون بدأت مشروعها بشفافية مع الوكالة وفقا للمعايير الدولية، وسنواصل في المستقبل العمل مع الوكالة والاصدقاء .

* أكدتم ان برنامجكم سلمي، ماذا عنه كقدرة للرد في حالة هجوم ؟

ـ ابدا.. انه برنامج سلمي لاغراض واستخدامات مدنية وتعاون كامل مع الوكالة .

* ما ردكم على حديث عن تحالف نووي سني في مواجهة ايران ؟ ـ هذا كلام مرفوض، نحن مجتمعاتنا تضم طوائف متآخية متجانسة وننبذ ونرفض هذه التسميات التي بدأت تظهر في بعض المناطق المجاورة، كظواهر مؤقتة لظروف سياسية وبتأثيرات خارجية لا تخدم مصالح المنطقة ولا شعوبها، بل هي من الامور التي نأسف لبروزها في بعض الدول المجاورة ونرفضها جملة وتفصيلا، ولا نفكر فيها. ان التقنية هي التقنية، ونحن مع التقنية السلمية التي تخدم البشرية وليس التي تفرقها، ولا لإقحام هذه الظواهر.

* هل تخشون ان تطور ايران برنامجها لانتاج اسلحة نووية ؟؟

ـ حسبما يعبر عنه الاخوة الايرانيون، فانه ذو طابع سلمي، والاهم من ذلك ان يلتفت العالم لترسانة اسرائيل النووية التي يستوجب تفتيشها وعدم الكيل بمكيالين.

* ما تزال مسيرة مجلس التعاون الخليجي تتعثر فيما يختص بمسائل حيوية كالقوانين الحدودية والجمركية وسهولة العبور والعملة المشتركة، فما الذي يجعلكم اكثر تفاؤلا في قبول وتفاهم في هذا القضية، وهي اكثر حساسية ؟؟

ـ التباين بين دول المجلس لا يفسد للود قضية، ولذلك فهناك حراك في سبيل التكامل الخليجي المنشود، وانا متفائل بان القادم سيكون افضل من الماضي، أما اذا كنت تتحدثين عن العلاقات الاخوية التي تجمع بين قادة ودول مجلس التعاون من اجل رخاء ورفاء شعوب المجلس، فبكل تأكيد فان ما يجمع هو اكثر مما يفرق، وهناك تقاليد واخلاق واسس متينة ووطيدة تشكل رافدا للمزيد من التلاقي والتعاون والتفاهم.