السبت 24 مارس 2007


محمد عبد الجبار الشبوط


تأخر التعديل الوزاري في العراق. هذا ما يعرفه الجميع. ويتحدث بعض رجال العملية السياسية عن السبب فيقولون ان بعض الكتل لم تقدم اسماء الوزراء الابدال بعد. وهذا صحيح من الناحية الاجرائية. لكن لماذا تأخرت بعض الكتل؟ وهل هذا هو السبب الجوهري؟
ثمة اسباب كثيرة يمكنها ان تفسر التأخير، ابسطها واسرعها ورودا الى الذهن هو ان الكتل المعنية لا تملك أبدالا مناسبين. بمعنى ان ما لديها من رجال ونساء اعضاء ليسوا بالكفاءة اللازمة لتسلم حقائب وزارية. وبقدر ما لدينا من معلومات، فان هذه هي الحالة الواقعية في اكثر من واقعة. بل ليس هناك ضمان من ان الاسماء التي قدمتها الكتل ستكون ملائمة، لأن هذه الكتل نفسها هي التي قدمت اسماء وزرائها في التشكيلة الحالية، واتضح ان فيهم الكثير ممن لا يملكون الكفاءة اللازمة، فجاءت النتيجة على شكل حكومة غير كفوءة.
ولكن هل هذا هو السبب الجوهري؟
لا!!
يكمن السبب الجوهري في طبيعة النظام السياسي الذي تسير بموجبه الكتل السياسية.
هذه الكتل لم تعلن عن طبيعة النظام السياسي. لكن الدستور الذي وضعته هذه الكتل مرتبك في هذا الصدد. فهو يعلن ان العراق دولة ديموقراطية. لكن الدستور لم يحدد بشكل قاطع أي ديموقراطية يطبق، رغم ان مواده تخلط بين الديموقراطية العددية والديموقراطية التوافقية. وهذا غموض غير بناء، كما انه خلط غير مفيد.
ترجمت الكتل هذا الغموض عن طريق اتباع نظام المحاصصة. وهذه ترجمة سيئة لنظام الديموقراطية التوافقية. وسواء كانت هذه الكتل تعرف او لاتعرف، فان من اهم الانتقادات التي توجه للديموقراطية هو انها تتسبب في تشكيل حكومات غير كفوءة، من جهة، وانها تصيب العملية السياسية بالبطء ثم الجمود، لأن الية اتخاذ القرارات فيها محصورة في قادة الكتل وتقوم على قاعدة الاجماع والتراضي الذي يكون من الصعب تحقيقه في المجتمعات التي تمر بحالة نزاع.
و سواء كان قادة الكتل يعرفون او يجهلون فان من شروط اشتغال الديموقراطية التوافقية حصول درجة عالية من التعاون والوفاق بين زعماء النخب السياسية، بدل التنافس السياسي واتخاذ القرارات بالاكثرية. ويتحقق هذا التعاون بعد توفر امرين اساسيين، هما شعور الزعماء بشيء من الالتزام بوحدة البلد، والخضوع للاليات الديموقراطية. ويتجسد هذا الشعور المزدوج بتحلي القادة بالاستعداد للانخراط في الجهود التعاونية فيما بينهم بروحية الاعتدال والحلول الوسط. وهذه شروط كلها غير متوافرة الان لدى قادة النخب السياسية العراقية الذين يتحدثون باسم طوائفهم واعراقهم قبل ان يتحدثوا باسم عراقهم. كل هذا مع الايمان بان التعديل الوزاري لن يأتي بحلول سحرية للوضع في العراق، لأنه يستهدف تغيير الوجوه والاشخاص والاسماء وليس تغيير المناهج والسياسات.