صالح القلاب

لا يمكن الجزم بما إذا كانت الجامعة العربية، في ضوء قراراتها الأخيرة، ستنقذ لبنان وتخرجه من أزمته الخانقة الحالية إلا إذا عُرفت الصفقة التي تمت بين الدولتين اللتين دعتا إلى اجتماعها الأخير وبين كل الأطراف الرئيسية الإقليمية والدولية المؤثرة تأثيراً مباشراً في هذه الأزمة ومـن بينها سوريا وإيران من جهة والولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول العربية من جهة أخرى.

إن أزمة لبنان قد سبقت مسألة إختيار رئيس جديد للجمهورية فهناك اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وهناك المحكمة الدولية التي ستباشر الجانب الحاسم من مهمتها قريباً وهناك حزب الله وسلاحه وهناك الأهم من هذا كله مخطط إعادة النظر بالمعادلة الطائفية اللبنانية التي أعاد صياغتها مؤتمر الطائف الشهير الذي أنهى كما هو معروف تلك الحرب الأهلية التي اٍستمرت أكثر من عقد ونصف من الأعوام .

ولذلك فإذا كان قد تم التفاهم على كل هذه المشاكل والإشكالات التي هي سبب كل هذا الذي يجري في لبنان وإذا حمل الأمين العام عمرو موسى معه إلى بيروت غير الخطوط العامة التي أعلنها فإنه بالإمكان التفاؤل بأن هذه الأزمة أصبحت على طريق الحل أما إذا توقف الأمر عند مجرد اختيار الجنرال ميشال سليمان رئيساً للجمهورية على أهمية هذا الاختيار إن هو سيتم بالفعل فإنه لن تكون هناك سوى هدنة مؤقتة قد تنهار في أي لحظة.

لا شك في أن اختيار رئيس للجمهورية سيخلص لبنان من هذا الفراغ الدستوري الذي يعيشه حيث مرَّ على هذا البلد حتى الآن أكثر من شهر بدون رئيس لكن هذا وحده غير كافٍ فالمشكلة ليست مشكلة اختيار رئيس جديد بل وجود سلسلة المشاكل الآنفة الذكر التي يحتاج حل كل واحدة منها، سلاح حزب الله على سبيل المثال لا الحصر، إتفاق قوى إقليمية ودولية كثيرة لكل واحدة منها متطلباتها التي لا تقبلها القوة الأخرى .

ليس لقاء منـزل أمين عام الجامعة العربية، الذي ضم بالإضافة إليه وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية وسوريا ومصر وقطر وعُمان، هو الذي أنجز ما تم إنجازه وكذلك الأمر بالنسبة لاجتماع مجلس الجامعة كله إن الذي أنجز هذا الإنجاز والذي جعل عمرو موسى يطير فرحاً هو الاتصالات والمساومات التي إستمرت على مدى الشهرين الماضيين والتي كانت مشاركة إيران فيها مسألة رئيسية وأساسية .

لم يتم التوصل إلى هذا الحل، الذي لايزال في جوف غول المجهول والذي قد ينتهي إلى ما انتهت إليه حلول سابقة كثيرة ثبت أنها كانت جميعها موهومة ومجرد ألاعيب سياسية من قبل البعض، .. لم يتم التوصل إلى هذا الحل لا خلال جلسة منـزل أمين عام الجامعة العربية المختصرة ولا خلال اجتماع مجلس الجامعة كله ولا خلال ست دقائق ولا ستة أيام لقد تم التوصل الى هذا الإنجاز العربي الذي يبدو أنه ناقصاً كنتيجة للمساومات والإتصالات التي تواصلت سرَّاً وعلانية بين أصحاب العلاقة، إقليمياً ودولياً، على مدى شهرين من الفترة السابقة.

قد يكون هذا الذي تم الإعلان عنه إنجازاً مهماً وضرورياً لكن يجب أن يكون معروفاً ومنذ الآن أنه سيكون إنجازاً ناقص إذا لم تحل المشاكل والعقد الرئيسية وأولها مشكلة سعي حزب الله ومن معه ومن يقف وراءه إلى إعادة صياغة التركيبة الطائفية اللبنانية التي كانت تقوم على أساس مسيحيين تمثلهم الطائفة المارونية ومسلمين تمثلهم الطائفة السنية وبحيث تقوم على أساس مسيحيين وسنة وشيعة وهذه مسألة يخطئ كثيراً من يعتقد أنها مسألة ثانوية!!.