مصعب عادل بوصيبع
مَن منا لم يسمع بما جرى ويجري في العراق من فتنة بين أبنائه أكلت الأخضر واليابس، ومَن منا لم يطرق سمعه خبر مجالس الصحوات التي بدأ تشكيلها منذ نحو عام، فحققت هذه المجالس القليلة العدد والعدة في بضعة أشهر ما عجزت عن تحقيقه القوات الأمريكية والعراقية معاً بعديدهما وعدتهما خلال سنوات، فساهمت وبدور كبير ومؤثر في تحقيق الأمن ونشر الطمأنينة في العديد من المناطق التي كانت سابقاً تعتبر من أشد المناطق سخونة في العراق بفعل تصاعد العمليات الإرهابية فيها، حتى أضحت اليوم بفعل هذه الصحوات من أكثر مناطقه أمنا واستقراراً، فأضحى مثلث الموت في الأمس مرتع الأمن اليوم، وأصبحت المناطق الساخنة من أدفأ مناطق العراق، ولكن يبدو أن هذا التحسّن الأمني في تلك المناطق على أيدي أبنائها لم يرقَ لمَن يطمح لمد نفوذه وبسط سيطرته عليها والتحكم في مستقبلها ومصيرها، فأوحى إلى أذنابه وعملائه من زمر الإرهاب والخيانة إلى استهداف هذه الصحوات والسعي لإضعاف قوتها وكسر شوكتها وتحجيم دورها، بغية تقوية شوكته وتوسيع دوره ومد سلطانه ونفوذه.
وهذه الصحوات على الرغم من النجاح الذي حققته كان أول من عاداها الحكومة العراقية فأعلنت على لسان رئيسها (المالكي) أنه لن يوافق على دمج هذه القوات في صفوف القوات الأمنية الحكومية، والسبب الظاهر هو أن غالب أعضاء هذه الصحوات هم من الطائفة السنية التي يعمل المالكي وحكومته على إضعاف دورها، ودمج هؤلاء في الأجهزة الأمنية معناه السماح لأهل السنة بلعب دور أكبر في الجانب الأمني العراقي وهذا ما لا يريده الطائفيون الصفويون ولا يرتضونه.
وقد تزامن هذا الموقف الحكومي العراقي مع أخبار متواترة تناقلتها وكالات الأنباء العالمية عن مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى أكد أن إيران أوعزت إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بتشكيل سرايا مهمتها استهداف مجالس الصحوات، وترجمت هذه الأنباء إلى واقع عملي تمثل بعشرات العمليات التي تنسب لبعض التنظيمات المسلحة في العراقية استهدفت تجمعات وقيادات الصحوة في المناطق السنية حصراً، ولعل المثير للتساؤل أن مجالس الصحوات في المناطق الشيعية تعرضت لعمل عدائي واحد تمثل باختطاف عشرة منهم، بينما نفس هذه المجالس في المناطق السنة تتعرض لتفجيرات واغتيالات، فهل سوف يشهد العراق في المرحلة القادمة تصاعداً للصحوات من المناطق الشيعية ورضى حكومي عنها؟ واستهداف دموي للصحوات في المناطق السنية مع سخط حكومي عليها.
وهل أن إعلان وزير الداخلية (جواد البولاني) عن قبول وزارته انخراط نحو (20٪) من أعضاء الصحوات في سلك وزارته هو تمهيد لدمج الصحوات في المناطق الشيعية في وزارة الداخلية بما يؤدي إلى تشديد الطائفيين قبضتهم على هذه الوزارة، وترك الصحوات في المناطق السنية لقمة سائغة لهجمات الجهات المشبوهة؟!.
الأيام القادمة كفيلة بكشف خيوط المؤامرة التي تحاك ضد مجالس الصحوات، وما هو مآل موقفهم بين نار الحكومة ونار الإرهاب
- آخر تحديث :
التعليقات