بيروت - وفاء عواد

أمام الكشك الصغير الذي يعرض في واجهته، وإن بطريقة laquo;مستورةraquo;، عشرات النسخ من المطبوعات الجنسيّة القديمة (وكلّها توقّفت عن الصدور منذ العام 1998) والحديثة، كان الطفل سامر الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره يؤكّد للبائع بإلحاح أنه يريد المجلة لأخيه الكبير وليس له laquo;شخصيّاًraquo;.. وعلى الرصيف المقابل، في شارع الحمرا ـ بيروت، كانت شلّة من أقرانه تنتظره بتوتّر واضح، يقطعه أحياناً همس وضحك طفولي: laquo;ما رح تظبط.. تعال يا سامرraquo;.. يفرّ سامر على الفور وسط شتائم laquo;العمّ محمودraquo;: laquo;روح يا شيطان.. الله يلعنك

يا أزعر.. لخيّك الكبير؟raquo;..

laquo;صون العدالةraquo;.. أسبوعيّة جريئة توجيهيّة.. ثورة الحقّ على الفساد!

laquo;الوجه الآخرraquo;.. أسبوعيّة جريئة.. (فقط)!

laquo;الخطّ الأحمرraquo;.. أسبوعيّة شاملة.

laquo;ملفّات سريّةraquo;.. laquo;عمل صحفي فوق العادةraquo;.. والسلسلة لا تتوقف.. مطبوعات فضائحيّة ـ جنسيّة laquo;وطنيةraquo; رائجة laquo;فوق العادةraquo; بين أوساط الشباب اللبناني عموماً والمراهقين خصوصاً.. laquo;تغتصبraquo; منك النظر عنوة، فتتمهّل أمامها لدى مرورك بجانب أكشاك الرصيف.. محترفة في غوايتها.. رخيصة الصناعة (وتالياً.. الثمن).. أما المضمون، فحدّث عنه ولا حرج.. فالحرج غير متاح وسط laquo;بازارraquo; حافل بأخبار تحتفظ بها النسخ laquo;العتيقةraquo; من المطبوعات التي توقّفت عن الصدور بسبب laquo;الميزانيّةraquo;.

5 أعداد بـ15000 ليرة لبنانيّة.. وذلك مقابل عيّنة من العناوين: محادثة.. فدعوة فلقاء.. ثم اغتصاب ودعارة (الحبس سنة لشبكة تتعاطى الدعارة السريّة، دفنها حيّة لأنها حملت منه سفاحاً، ابنة دبلوماسي laquo;بنت ليلraquo;، نجمة شهيرة تعاني البرود الجنسي).

وفي laquo;تحرٍّraquo; سريع لمضمون خبرين، يحتفظ بهما غلاف laquo;صون العدالةraquo; (التي كانت لسنوات مضت الأشهر والأعرق بين مثيلاتها)، في عددها رقم 472: laquo;كبير أساقفة متورّط بفضيحة شذوذ جنسيraquo;، وlaquo;فضيحة تمسّ وزيراً في فندق!raquo;، يتّضح أن laquo;كبير الأساقفةraquo; الذي لم يحدّد laquo;المانشيتraquo; له هوية أو عنواناً ليس إلا بولونيّاً laquo;هزّت فضيحته مسقط الباباraquo;.. أما الوزير laquo;المفضوحraquo; في الفندق، فهو كان حين صدور العدد الوزير العربي في الحكومة الإسرائيليّة صالح طريف الذي تعرّض لعملية ابتزاز، بعد أن دسّت له كاميرا في غرفة أحد الفنادق خلال وجوده مع إحداهنّ، وطولب بمبالغ طائلة لقاء السكوت عن فضح أمره.. أما المصدر، فكان راديو laquo;شالومraquo; اليهودي- الفرنسي.

وتكرّ سُبحة العناوين التي تركّز على الربط بين الفعل الجنسي والفضيحة، قبل أن يقع النظر على مجلّتي الـlaquo;PLAY BOYraquo;، والـlaquo;F H Nraquo;، اللتين عادتا الى الأكشاك منذ ثلاث سنوات، بعد أن منعت السلطات اللبنانية استيرادهما لمدة 5 أعوام، لتطرحا عناوينهما وتعرضا صورهما.. لكن، داخل مظروف بلاستيكي مذيّل بعبارة: laquo;تباع للراشدين فقط ضمن الظرف المختومraquo;، بناءً على توجيهات مديرية الأمن العام اللبناني.

ويؤكّد العم محمود أنه لا يبيع هذا النوع من المطبوعات لمن هم laquo;دون السنّraquo;، وlaquo;لا أحبّذ أن يطّلع عليها غير المتزوّجين من الشباب، لكنني أبيعهمraquo;.. لكن له ردّاً انفعاليّاً حين يقترب laquo;الموس من ذقنهraquo;، laquo;بنتي.. أعوذ بالله، لا أرضى أبداً أن تطالع هذه المطبوعات.. أمها تكلّمها في هذه المواضيع.. والأيام بتعلّمraquo;.. وعلى رغم انشغاله بـlaquo;عجقةraquo; الزبائن الذين توافدوا الى laquo;الكشكraquo; ليبتاعوا صحفهم اليوميّة، فإن العم محمود لم يتردّد في التحسّر على أيام مضت: laquo;رزق الله على أيام زمان.. بالأول، كانوا كتير يشتروها.. وهلّأ خفّ البيع بفعل الفضائيات والإنترنت، حتى العمّال صار عندن ستالايت ومشي حالهن.. بس مجلة الـlaquo;بلاي بويraquo; بيضلّ إلها سوقraquo;!