اتصالات للتبريد عبر laquo;الخط الساخنraquo; وتحذيرات من مضاعفات
بيروت - quot; الراي quot;
سباق بين مساعي التهدئة، التي تُبذل على أعلى المستويات السياسية والدينية، وبين التحذيرات، بصيغة laquo;أُعذر مَن أنذرraquo;، من مغبّة عدم تسليم الجناة. هكذا بدا المشهد امس، في منطقة زحلة البقاعية التي تحوّلت بقعة توتر وlaquo;استنفارraquo; في السياسة وعلى الأرض، بعد أقل من 24 ساعة على الجريمة المزدوجة التي ارتكبها أحد مناصري النائب المعارض الياس سكاف، وأودت بالمسؤول الإعلامي في إقليم زحلة الكتائبي نصري ماروني ومسؤول قسم حوش الزراعنة في حزب الكتائب سليم عاصي وأدت الى إصابة ثلاثة كتائبيين آخرين بجروح بالغة.
غداة الجريمة التي laquo;باغتتraquo; الوسط السياسي، بدت الأوساط المراقبة غير laquo;متفاجئةraquo; بهذه laquo;الهزة الأمنيةraquo; التي رأت فيها laquo;تطوراً محسوباًraquo; وraquo;رسالة مباشرةraquo; فكّكت laquo;شيفرتهاraquo; قوى laquo;14 مارسraquo; اذ ربطتها بتظاهرة الدعم التي شهدتها زحلة السبت (وما رافقها من احتقان) تأييداً لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية laquo;من دون إبطاء ولا شروطraquo;، في إطار سلسلة التحركات الشعبية laquo;المسيحيةraquo; الضاغطة في اتجاه الإسراع في ملء الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، والتي انطلقت laquo;شرارتهاraquo; مع اعلان النائب ميشال المر laquo;الانفصالraquo; عن العماد ميشال عون وكتلته البرلمانية.
وفي موازاة وضْع laquo;الأحد الدمويraquo;، في السياسة، في خانة محاولة laquo;فرْملةraquo; الاندفاعة الشعبية وlaquo;ترهيبهاraquo; بعنوان laquo;الفتنة المسيحيةraquo;، بدت laquo;عروس البقاعraquo; على الأرض ساحة احتقان وغضب، وإن laquo;مضبوطيْنraquo; حتى الساعة، وسط صدمة عارمة في صفوف الناس وفي البيوتات التي دهمها القلق والذعر مساء الأحد، بعيد اعادة فتح مركز الكتائب في حوش الزراعنة حين حصل إشكال مع جوزف ابرهيم الزوقي وشقيقه اللذين منعا من عبور الشارع بسيارتهما تبعا لتدابير اتخذتها القوى الامنية خلال الاحتفال الذي حضره نجل الرئيس امين الجميل، سامي، قبل ان يندفع جوزف الى إطلاق النار من رشاش حربي فسقط على الأثر ماروني (شقيق رئيس اقليم زحلة الكتائبي ايلي ماروني) وعاصي وجُرح رشيد عاصي (نجل الأخير) وروجيه غرة والياس عيسى، ومعظمهم بحالة خطرة.
ورغم laquo;زنار الحزنraquo; الذي لفّ المدينة التي ارتدت laquo;ثوب الحدادraquo; بناء على دعوة مجلس أساقفة زحلة والبقاع الذين دعوا بعيد الجريمة الى تسليم الفاعلين فوراً الى القوى الامنية، فان حال laquo;الغليانraquo; بقيت سائدة في صفوف الكتائبيين الذين التزموا laquo;أمر اليومraquo; الذي أصدره الرئيس السابق امين الجميّل بوجوب ضبط النفس، لكنهم أصروا على تسليم جوزف الزوقي الذي ادّعى عليه القضاء، في حين بدا تسليم ابن عمه وليد الزوقي نفسه الى القوى الأمنية، مؤشراً الى طريق امكان القبض على الجاني، ولا سيما ان النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي عبد الله بيطار، اوضح ان وليد تولى تهريب ابن عمه الى جهة لم يكشف عنها بسبب الاجراءات السرية التي تخضع لها التحقيقات، مشيراً الى ان الموقوف أفاد بانه عمد الى تهريب جوزف laquo;تحت الضغطraquo;.
وفي موازاة انتشار وحدات الجيش والمدرعات عند مداخل زحلة وفي وسطها وأحيائها حيث أقيمت الحواجز العسكرية ونُفذت عمليات دهم عدة، واصل laquo;الكتائبraquo; وضع اللمسات الاخيرة على مراسم تشييع ماروني وعاصي التي ستتم بعد ظهر اليوم في زحلة والتي أرادها الجميل laquo;عرس وداعraquo; يُستحضر فيه شهداء الكتائب الذين كان آخرهم في 21 نوفمبر 2006 الوزير والنائب بيار امين الجميّل.
وفيما اعلن وزير الدفاع الياس المر، تجميد العمل بتراخيص حمل الاسلحة في محافظة البقاع حتى 29 الجاري في محاولة لقطع الطريق على اي تفاعلات للجريمة، كشفت إذاعة laquo;صوت لبنانraquo; (تابعة لـ laquo;الكتائبraquo;) ان نصري ماروني تلقى تهديدات قبل ايام من الجريمة، من دون ان تحدد مصدرها.
في غضون ذلك، تابع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تطورات الوضع، وأجرى سلسلة إتصالات سياسية ودينية وامنية، مشددا على ضرورة تعقب المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة وسوقهم الى العدالة وعدم التهاون في هذه القضية.
كما شهد ليل الأحد، اتصالات مفتوحة عبر laquo;الخط الساخنraquo; لمنع تفاقم الوضع حيث اتصل سكاف بالجميّل، معزياً ومستنكراً، كما اتصل رئيس كتلة laquo;المستقبلraquo; البرلمانية النائب سعد الحريري واتفق مع رئيس laquo;الكتائبraquo; على ترك الأمور للقضاء ليأخذ دوره في توقيف القتلة ومعاقبتهم.
وأجرى رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع اتصالين بالسنيورة والعماد ميشال سليمان، طالباً نشر الجيش والقوى الأمنية بكثافة لضبط الوضع، كما اتصل بالجميّل معلناً تضامنه.
واعلن رئيس laquo;اللقاء الديموقراطيraquo; النائب وليد جنبلاط، laquo;ان الأحداث الأخيرة المؤسفة في زحلة دلّت على أن المعارضة لا تقبل بمنطق التنوع وأنها تمارس سياسة الالغاء المنهجي بحق قوى الأكثريةraquo;.
وقال في موقفه الأسبوعي لجريدة laquo;الأنباءraquo; الصادرة عن حزبه laquo;التقدمي الاشتراكيraquo;، امس، laquo;إن هذه السياسة الحكيمة من الأكثرية التي تجلت في محطات عديدة أدت عملياً لوصول المعارضة إلى مرحلة فقدان الأعصابraquo;.
واجرى جنبلاط امس اتصالا بالجميل، معزيا، ومؤكدا له laquo;ضرورة الاستمرار في التهدئة، وان تأخذ العدالة مجراها بحق مرتكبي هذا الاعتداء السافرraquo;.
وفي موازاة ذلك، ترأس الجميّل فور وقوع الجريمة اجتماعاً للمكتب السياسي المصغّر في بكفيا، فيما عقد ليلاً اجتماع في بيت الكتائب في زحلة لمطارنة زحلة، قرروا خلاله بقاء المدينة مقفلة حتى تسليم القتلة.
وتوقفت الامانة العامة لقوى laquo; 14 مارسraquo; في بيان laquo;ليليraquo; عند حصول الحادث، وطالبت بـ laquo;توقيف الجناة فورا واحالتهم على القضاء المختص كما طالبت القوى السياسية من كل الاتجاهات برفع الغطاء بالكامل عن المجرمين وجميع من يظهر التحقيق مسؤوليتهم في هذه القضيةraquo;. ودعت الى المشاركة في يوم الحداد في زحلة وفي تشييع عاصي وماروني.
اما الجميّل فأكد امس laquo;أن هناك فتنة جديدة يحاول البعض العودة إليها من خلال بعض شخصيات المعارضةraquo;، مؤكدا laquo;وجود خلفية سياسية لجريمة زحلة إذ حصلت الحادثة بعد يومين من تظاهرة التأييد لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهوريةraquo;. وقال: laquo;ما حصل الأحد مماثل لسيناريو 13 ابريل 1975 (تاريخ اندلاع الحرب) عندما وصلت سيارة إلى مكان تجمع للكتائب اللبنانية (في محلة المراية في عين الرمانة) واطلقت النار، والمؤلم أن مأساة لبنان تتكرر لإعادة أجواء الفتنة في البلادraquo;.
تابع: laquo;هذه الجريمة عملية عبثية واجرامية ومقصودة بكل ما للمعنى من كلمة. وحصل اطلاق النار في حين لم يكن أحد من الكتائبيين مسلحاً او بجو سلبي. ما حصل هو نتيجة تراكمات بسبب موقف المعارضة ومَن وراءها، وهو قرار متعمد بالقتل واثارة الفتنة في المدينة. وكنا نرى الفتنة آتية من خلال كل الشحن ومن خلال اختراع قضية معينة يوميًا لإثارة الشحن في النفوس وقد نبهنا منه منذ فترة طويلةraquo;.
وعبّر عن حزنه الكبير laquo;لان تكون غالبية الفتن والصدامات تحصل في المناطق المسيحية وكأن دور بعض القيادات المسيحية هو تغطية مخطط رهيب يهدف إلى اثارة الفتن والحرب من أجل مشروع لا علاقة للبنانيين فيه ولا للمسيحيينraquo;. وقال: laquo;أنبه القيادات المسيحية التي تقبل لعب هذا الدور وتغطي هذا المشروع الجهنمي وأتوجه إلى مناصري هذه القيادات إلى التنبه من هذا المسار الخطير المدمر العبثيraquo;.
وأشار إلى laquo;اننا نصر على التهدئة، لكن لا نريد تجربة الشيطان لأن هناك شهيدين على الأرض من أبناء زحلة، وإذا كانت الدولة أو قيادات المعارضة ستتذرع وتستخف فستفلت الأمور من يد القيادات الكتائبية ومن الضبط، لذلك المطلوب من قيادات المعارضة الوعي لخطورة الوضع لأن تصرفاتها تشجع على هكذا أعمال لا نعرف لصالح من. لنعود إلى الهدف ونهتدي ونعود إلى روح الوطنيةraquo;.
وعن معلومات حول الجناة، قال: laquo;هذه عملية مدبرة ومفتعلة، والمجرمون كانوا يحومون حول المكان، وقياداتهم تعرف مكان وجودهم وتعرف ما العمل لتسليمهم ونحمل المسؤولية إلى كل هذه القيادات. لا شك في انه كان ثمة تخطيط لهذه العملية لكن لا نعرف اذا كانت القيادات على علم بالموضوع أم لاraquo;.
وأكد laquo;أن شبابنا لم يكونوا مسلحين والدليل على ذلك تقارير قوى الأمن الواضحةraquo;.
في المقابل، اعلن رئيس laquo;الكتلة الشعبيةraquo; النائب سكاف أنه laquo;لا يغطي أي جريمة، وهو يرفع الغطاء عن مطلق النار في الحادثةraquo;، نافيا laquo;أن يكون موجودا في أحد منازله كما روج البعضraquo;.
وطالب القوى الأمنية بالقيام بمسؤولياتها، مشيرا إلى أنه laquo;لم تكن هناك قوى أمنية خلال مهرجان الاحد بل كان هناك مسلحون يقفلون الطريق، ولدى محاولة الأخوين الذوقي المرور حصل تلاسن ومن كلمة الى كلمة حصلت المشكلةraquo;، مشيرا إلى laquo;أن جوزف الذوقي مصاب أيضا وهناك آثار رصاص على سيارتهraquo;.
وأشار الى انه خلال الاتصال بالجميل تم العمل على تهدئة الأوضاع، مبديا خشيته من الطابور الخامس خصوصا أن laquo;البلد على كف عفريتraquo;.
وكان النائب العام الاستئنافي في البقاع ادعى على الذوقي ومن يظهره التحقيق في جرم القتل عمدا وعن سابق تصور وتصميم ومحاولة القتل التي وقعت في زحلة وأدت إلى سقوط قتيلين وعدد من الجرحى، وأحال الادعاء على قاضي التحقيق الأول في البقاع طنوس مشلب.
وعاين القاضيان بيطار ومشلب موقع الجريمة في زحلة، ثم توجها إلى مستشفى خوري العام في المدينة واستمعا إلى إفادة الجريح الياس عيسى ولم يستمعا إلى الجريح رشيد عاصي لوجوده في العناية الفائقة. ومن مستشفى خوري، انتقل القاضيان إلى مستشفى تل شيحا حيث استمعا إلى روجيه غرة.
التعليقات