قاسم سلطان
للمرة الثانية يأتي روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي إلى المنطقة ليكرر نفس الجمل والعبارات وكنا نعتقد أنه تعلم من زيارته الأولى، وتوقعنا منه كلاماً مفيداً، لكن الظاهر أنه هو الذي يعتقد بأننا مغفلون وجهلة ونصدق كل ما قاله سابقاً ويقوله حالياً، لكن عليه أن يعرف مرة أخرى بأننا قد نكون ضعفاء، لكننا لسنا أغبياء.
وإن كانت لديه نصيحة فليقدمها إلى حكومته لسوء إدارتها للأزمات وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية التي أوصلت أميركا إلى حالة الإفلاس ودمرت اقتصاد العالم، نتيجة تصرفات خرقاء وأخطاء قاتلة تجاه شعوب العالم وبالذات الشعوب العربية، أما ما ردده عن ضرورة ضم العراق إلى منظومة الأمن الخليجي.
فهذه كلمة حق يُراد بها باطل، كيف وهم لا نية لهم الآن في الانسحاب منه كما يدّعون، ويحاولون إيجاد شتى الذرائع للبقاء على أراضيه تارة بحجة ضمان الأمن والاستقرار وتارة بحجة تدريب ومساندة القوات العراقية، وكأنه ولاية من الولايات الأميركية وليس دولة مستقلة ذات سيادة تستطيع أن تعبّر عن نواياها وتصوراتها في كل ما يتعلق بالتعاون مع أشقائها العرب وأشقائها من دول مجلس التعاون.
لكنهم مخطئون إن اعتقدوا أنهم باقون في العراق، فعاجلاً أم آجلاً سوف يخرجون منه بعد أن دمروه، وخرّبوا اقتصاده وأفقروا شعبه، ونهبوا ثرواته، وليس برغبتهم إنما بإرادة الشعب العراقي، هذا الشعب الذي انتقم لمعاناته وقهره حذاء laquo;منتظر الزيديraquo; وأرّخ إذلال مناضليه سجن أبو غريب فمهما صرح روبرت غيتس فإنه لا يمكنه إصلاح ما فسد، ولا يمكنه حتى حفظ ماء وجه رئيسه الذي صحا ضميره مؤخراً قبل أيام من تركه منصبه بلا رجعة، واكتشف أنه أخطأ في حربه على العراق بسبب أسلحة الدمار الشامل، واستند إلى معلومات خاطئة، ألم يكن باستطاعة أكبر قوة في العالم التأكد من المعلومات قبل شن الحرب؟
أقول لم يكن هذا هو السبب، قد نكون ضعفاء لكننا لسنا أغبياء... أنتم احتليتم العراق طمعاً في ثرواته ونفطه وإرضاء (لربيبتكم إسرائيل، فمن أجل بقائها وغطرستها يموت الآخرون لأن لا قيمة لنا عندكم).
ها هو أحدث تقرير صادر من جهاز مسؤول في أميركا يقول بأنكم فشلتم في إعمار العراق لكنكم لم تتعظوا، فما زال روبرت غيتس يكرر اتهاماته لبعض الدول بأنها داعمة للإرهاب وهم يدعمون إسرائيل بكل أسلحة الدمار لقتل شعب فلسطين، وهل هذه
ولم يقف غيتس عند هذا الحد بل وصف بعض الأحزاب والمنظمات بالإرهابيين وتناسى أن هؤلاء لهم قاعدة شعبية واسعة، أليست هذه هي الديمقراطية التي تنادون بها؟ أم يجب أن تكون على هواكم ولخدمة مصالحكم؟
فالشعوب العربية والإسلامية وأغلب حكوماتها تؤيد موقف هؤلاء الأحرار تجاه حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم ورافضة لتصرفات وتهديدات إسرائيل، حتى وإن كان هناك البعض إسرائيليين أكثر من إسرائيل فلأنهم لا تهمهم إلا مصلحتهم الشخصية.
إن روبرت غيتس القادم من بلد الحريات والديمقراطية لم يتكلم ولو لمرة واحدة عن حق الشعب الفلسطيني المظلوم والمحتلة أراضيه، ونسي أن رئيسه وعد بإنشاء دولة فلسطينية مع نهاية عام 2008، وها هو يذهب دون أن ينفذ وعده، وكأنه حاول أو كان يريد تنفيذه مع أن الشعب الفلسطيني والعربي يدرك تماماً ويعرف أن كلامه كان هراء وبلا معنى.
أقول لروبرت غيتس إذا كنتم فعلاً تريدون السلام الحقيقي، فما عليكم إلا أن تقولوا لربيبتكم إسرائيل أن تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة، وتكف عن ممارسة الإرهاب الفعلي عليه. إما بتجويعه أو إذلاله أو إبادته بقوتها العسكرية وهو أعزل وأنتم تتفرجون ولا تحركون ساكناً لأنها لا تتحرك إلا بإذن منكم أو ربما لا تحتاج إلى ذلك، بل تبلغكم من باب العلم بالشيء لأنكم لا يسعكم إلا الامتثال لرغباتها الإرهابية.
لكن على غيتس وحكام أميركا أن يدركوا أنهم لا يستطيعون أن يتلاعبوا بعقول الشعوب العربية، فقد يستطيعون السيطرة والتحكم في مصيرها لبعض الوقت لكن لا يمكنهم ذلك لكل الوقت، فعليهم الرجوع إلى ما كان ينادي به أسلافهم من احترام كل شعوب العالم واحترام حقوقهم وحقوق الإنسان، فماذا فعلوا ليحترموا حقوق العرب؟
وأين حقوق الشعب الفلسطيني التي أقرتها القرارات الدولية وتنصلتم منها؟ فاحترموا عقولنا فإن كنا ضعفاء اليوم قد نكون أقوياء غداً.
التعليقات