سمير عطا الله


من أمتع المؤلفات التي وضعها الأجانب عن الخليج، كتاب المعتمد السياسي البريطاني في الكويت هـ. ر. ديكسون laquo;الكويت وجاراتهاraquo;. غير أن الجزء الأكبر من الكتاب، والأكثر تفصيلا، وضعته في الحقيقة زوجته، فيوليت ديكسون.

يعاد دوما إلى الكتاب، سواء كمرجع بالغ الدقة لتلك المرحلة (الثلاثينات حتى الخمسينات) من حياة الخليج الاجتماعية، أو من أجل متعة القراءة المجردة. وكلما عدت ترى جديدا في قديم المؤلفين. في فصل laquo;الطيور التي تهاجر عبر الكويتraquo; شمالا، فاجأني أن معظم الطيور التي نعرفها في لبنان، تأتي عبر الكويت.

تسمي ديكسون طيور laquo;السنونوraquo;، التي تمر بأعداد كبيرة، وهي من أجمل الطيور، ولها شعر كثير في الأدب الفرنسي واللبناني لأنها تقدمة للربيع. وهناك الهدهد، طائر التاج الجميل، الذي يشاهد في أول شهر مرزام (السابع من أغسطس/ آب)، أي قبل ثلاثة عشر يوما من ارتفاع نجم سهيل في نجد الذي يصادف يوم 20 أغسطس. ولا أعرف حال الهدهد في الكويت اليوم، لكنه أصبح يتجنب المرور في لبنان، حيث يترصده الصيادون الصغار بوحشية معلنة. وتقول ديكسون إنها شاهدت عام 1951 رفا من مائتي هدهد بقي في الكويت من فبراير (شباط) حتى مايو (أيار) laquo;ولم يسبق أن شوهد هذا العدد من قبلraquo;.

وعددت لـlaquo;هزاز الذنبraquo; ألوانا كثيرة، فهو أحيانا أزرق الرأس، أو أسود، أو أصفر، أو رمادي، أو أبيض. وشاهدت طائر أبو زريق (أو القيق) ونحن في لبنان نطلق اسم laquo;القاقraquo; على صنوه، الغراب، بسبب الصوت الذي يردده على الدوام: قاق. أما أبو زريق فيطلق أصواتا شبيهة، أعلى وأرق.

وتحدثت عن طائر ماكر لا نعرفه ولا يأتي إلينا (بسبب ذكائه) واسمه اللواء أو أبو لوي، وهذا الطير مدهش. وقد التقط صبي بدوي واحدا منه في خيمتنا بعد أن دخل طلبا للظل. وبلغ طوله ست بوصات ونصف بوصة، وله منقار صغير حاد، وهو مزركش الألوان يغلب عليه الرمادي والبني. وعندما أمسكته بيدي لوى رقبته ثم مدها وأغلق عينيه بطريقة مدهشة. أما مخلباه الأماميان فواحد منهما قصير والآخر طويل، وله رجلان في الخلف، واحدة قصيرة والأخرى طويلة. وقال الصبي البدوي إن أبو لوي شيطان، فهو يلوي رقبته متظاهرا بأنه ميت، ويغلق عينيه، وقد شاهدنا هذه العملية بالفعل. وبعد أن لوى الصبي جناحيه تركه يقفز في الخيمة، ثم تفحصت إشاراته جيدا وعدت فأرخيت جناحيه فطار بعيدا بعد أن سقط laquo;ميتاraquo; لمدة ثلاثين ثانية.

تعدد أيضا القطا، والقبرة أو القنبرة، والدوري، والسنبلة، والكروان، والحميراء، وكلها طيور تباد لدى مرورها في لبنان.