حياة الحويك عطية

هل هو شيء من الفضيحة، أم من باب ذاك المسكوت عنه الذي يقع وراء الأحداث السياسية التي تبدو للعيان مبسطة ومباشرة؟

ما كشف عنه الرئيس اميل لحود في حواره في برنامج مدارات على الفضائية التركية العربية من أمر التنقيب عن الغاز والنفط على الشواطئ اللبنانية، وقبل عشر سنوات من الآن، أي عندما كان رفيق الحريري ما يزال رئيساً للوزراء .

مخابرات الجيش اللبناني هي التي كشفت لرئيس الجمهورية عن وجود سفينة مسح فرنسية تبحث عن مواقع النفط والغاز على الشواطئ منذ شهر، وعند السؤال تبين أن السفينة أخذت الإذن من رئيس الوزراء من دون علم رئيس الجمهورية . وعندما استدعى الأخير السفير الفرنسي والضابط المسؤول عن السفينة، ادعيا بأن السفينة إنما تقوم بالبحث على الشاطئ لدراسة خطر الزلازل، في سبيل التهيؤ لها . غير أن الصدفة تشاء أن يكون الرئيس، قائد الجيش السابق، ضابط ركن في البحرية ومهندساً بحرياً، ما أهله لقراءة الخرائط جيداً وفهم أن ما يتم البحث عنه هو النفط والغاز وليس الزلازل . والنتيجة: الغاز موجود تحت الماء في حقل يشكل امتدادًا لحقول الغاز السورية، والنفط موجود في حقل يشكل امتداداً لحقول النفط على ساحل فلسطين المحتلة .

الرئيس لحود أراد الإعلان عن ذلك، لأن من شأن هذا الإعلان أن يزيد الثقة في الاقتصاد اللبناني، ورئيس الوزراء أصر على التحفظ على السر .

المفاجأة الأخرى، تكمن في اسم ورد في حديث الرئيس لحود، وهو اسم ابن جيمس بيكر . حيث قال إنه طلب من الرئيس الحريري تشكيل لجنة من المحامين والخبراء الدوليين لتحديد الوسائل التي تمكن لبنان من الحفاظ على حقوقه في تلك الحقول، كي لا تقوم ldquo;إسرائيلrdquo; بسحب النفط وسرقته كما تفعل مع المياه، ولكنه فوجىء بأن بيكر كان في تلك اللجنة أو رئيساً لها . ما يعيد الأسئلة العميقة عن حقيقة حقد شيراك على لحود .

تصريحات لحود الخطيرة هذه، تأتي الآن متزامنة مع حدثين: إعلان ldquo;إسرائيلrdquo; عن توصلها الى نجاح عمليات التنقيب في البحر، ونيتها بدء استخراج النفط والغاز في عام 2012 واشتعال أحداث وتهديدات وحروب البحر من جهة ثانية .

أولها حادث الطائرة المنكوبة اللبنانية، والأسئلة الكثيرة التي طرحت حولها: منذ استدعاء الحريري الابن لسفينة أمريكية بدأت البحث في البحر قبل أن يبرد حطام الطائرة المشتعلة، غير أن التفتيش كان في واد والطائرة الضحية في واد آخر . وقعت الطائرة في مكان وبحثت السفينة في مكان آخر، في حين منع مغاوير الجيش ونقابة الغواصين من الاقتراب من الشاطئ . ليذهب الركاب الضحايا شهداء عملية بحث عن ثروة لا يعلم أحد ما هي الصفقات المعقودة بشأنها . وفي أحسن الأحوال والنوايا تكون مأساتهم قد استغلت لأجلها، وتركوا يختنقون تحت الماء وعيونهم على نفط لا يعرفون بوجوده .

يومها خرج لحود الى الإعلام ونبه إلى حقيقة عملية البحث الحاصلة، وقال إنها لا تعني الطائرة، وصرخ الأهالي والغواصون ولكن من دون فائدة .

ثانيها، ثورة السفن التركية والأجنبية المتحركة لفك الحصار عن غزة، والحرب البحرية التي واجهت المتطوعين . فلا شك أن من صعد إلى ظهر السفن هو مناضل إنساني أو وطني، وأن من نظم الرحلات هو متعاطف بقوة مع الحق الفلسطيني . ولكن ثمة سؤالاً يطرح الآن: هل أن القبول الدولي بحركة السفن، والتسويق الإعلامي لها مرتبط بحرب النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط، خاصة إذا صدقت الأنباء الاقتصادية التي تتحدث عن منح تركيا حق التنقيب قبالة الشواطئ الغزاوية . والسؤال التالي: هل سيؤدي اكتشاف الطاقة هذه إلى التسريع في رفع الحصار وإقامة الدولة الفلسطينية؟ أم أنه سيؤدي على عكس ذلك إلى استشراس ldquo;إسرائيلrdquo; أكثر في الحصول على الطاقة طالما أنها تعرف أنه لم يعد بإمكانها الحصول على أرض أكثر؟

وإذا حاول الأمريكيون الضغط على كل من ldquo;إسرائيلrdquo; وتركيا لإجراء صفقة حول نفط وغاز المتوسط، فأين سيكون موقع الدول العربية المتوسطية منها؟