عبد الرحمن الراشد

كان لافتا للانتباه أن أول ما تحدث به وزير الخارجية الإيراني الجديد علي أكبر صالحي هو تطوير العلاقة مع الجارتين: السعودية وتركيا. وإذا كانت العلاقة مع تركيا في أحسن حالاتها منذ 30 عاما، فإن العلاقة مع السعودية في الحضيض، وتنذر بالمزيد من التوتر. لم يكن الوزير المقال منوشهر متقي السبب حتى نظن أن إقالته ستزيل العقبات بين البلدين. هناك موضوعان وراء الأزمة الصامتة، الأول: تزايد التدخل الإيراني في المنطقة العربية؛ حيث يحاصر حزب الله الحكومة ويعطل البلاد، وتعمل حماس ضد السلطة الفلسطينية، وفي العراق تم تهميش المنتصرين في الانتخابات من قبل ائتلاف فرضته إيران، مع ظهور فوضى من جماعات محسوبة على إيران في البحرين، إضافة إلى دعم الحوثيين الذين شنوا حربا على السعودية. خريطة واسعة من النشاط الإيراني المعادي للسعودية. أما الملف الثاني فهو النووي الذي تخصص فيه الوزير الصالحي ويمثل التهديد الأكبر للسعودية وبقية دول المنطقة.

فهل يستطيع الوزير الجديد أن يفعل شيئا حيال هذا الجبل من المشكلات المعقدة بين البلدين؟

بالتأكيد إيران هي الطرف الوحيد القادر على إنهاء أسباب التوتر بين البلدين، بل إنهاء التوتر بينها وبين كل دول المنطقة. أما السعودية فلم تعد تملك شيئا تقدمه. فقد كانت البادئة بالمصالحة قبل 10 سنوات عندما غيرت سياستها ورممت العلاقة مع حكومة رفسنجاني ثم خاتمي، وفتحت الأجواء لطيران البلدين، واستضافت البعثات الإيرانية التجارية على الرغم من النصائح الأميركية التي تريد التضييق على الحكومة الإيرانية حتى توقف برنامجها النووي. لكن، بكل أسف، قرأت طهران التنازلات السعودية بشكل خاطئ وانقلبت إلى وحش كاسر في المنطقة العربية، واستضافت قيادات laquo;القاعدةraquo;، وزادت من وتيرة تطوير سلاحها النووي.

في عهد الوزير متقي انتكست العلاقة، لكن لم يكن الوزير السبب بل نتيجة السياسة النجادية التي تمادت بجرأة لم يعرف العالم العربي لها مثيلا منذ الستينات.

هل يمكن بعد هذا كله إصلاح العلاقة المكسورة؟ الأمر يتجاوز صلاحية وزير الخارجية الإيراني الجديد إلى تغيير نوايا القيادة في طهران نفسها.