خليل علي حيدر

هناك توازن جديد للقوة الاستراتيجية في منطقتنا الخليجية والعربية. يقال ثمة تنافس بين تركيا وايران واسرائىل، هل ايران منافسة حقيقية لتركيا؟ ربما ولكن تركيا تنشط في كل مايعزز مكانتها السياسية عالميا وعربيا، وايران على العكس، تجلب في كل خطوة لنفسها المشاكل. اعجبت بالخطوة التي اقدم عليها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في منتصف مايو 2010، عندما عبر بشجاعة حاجز الحرب والكراهية بين تركيا واليونان، وقام بزيارة رسمية لاثينا، تهدف الى تعزيز التقارب بين البلدين، والتضامن مع اليونان التي تمر بازمة مالية حادة وكان يرافق اردوغان عشرة وزراء واكثر من مائة رجل اعمال في هذه الزيارة التاريخية.
لماذا لايستطسع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مدعوما بقرار تاريخي من القيادة الدينية في ايران، ان ينهي عزلة ايران وسياسة معاداة المشرق والمغرب، والشمال والجنوب؟
لماذا لاتتخذ ايران بعد ثلاثين نسنة من الثورة، وبعد ان نضج الروس والصينيون والفيتناميون، قرارا تاريخيا بتحويل ايران الى بؤرة استقرار وتقدم وورخاء في المنطقة، بدلا من ان تكون كوريا شمالية اخرى في المنطقة؟
لتتصور كم ستكسب ايران من تطبيع علاقاتها الخليجية والعربية والعالمية، وكم سيجني الشعب الايراني ودول الجوار وكم سينعم الايرانيون بهي من رخاء.
اجندة المناشات بين زعيمي تركيا واليونان، اردوغان وجورج باباندريو تضمنت القضايا العالقة بين البلدين، وكيفية تحسين المناخ السياسي، ومسألة انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي والحد من التسلح وتخفيض النفقات العسكرية على اعتبار ان لدى البلدين ميزانية كبيرة للدفاع ويجب ان يحدا من هذه النفقات واستخدام الاموال لاهداف اخرى، وذكر المتحدث الرسمي باسم الخارجية اليونانية لصحيفة الشرق الاوسط ان الزيارة تمثل انفتاحا جديدا في التعاون مع تركيا، وانها مناسبة جيدة خصوصا في الظروف الاقتصادية التي تمر بها اليونان، وذكرت الصحيفة نفسها ان رئىسا وزراء البلدين، شهدا التوقيع على 21 اتفاقية بينهما، شملت قطاعات التجارة والسياسة الخارجية والاقتصاد والبيئة والطاقة والبحث العلمي والتكنولوجيا والثقافة والسياحة والتنمية. دخل ايران الحالي من السياحة اقل من مليار ونصف دولار، بينما يزيد دخل اليونان عن 13 مليارا وتركيا عن 18 مليارا، ما الذي يضر ايران ان تراكم في ميزانيتها مثل هذا المبلغ واضعافه من التجارة والاستثمار الى جانب دخل البترول؟ متى تنتهي قصص الفقر والبطالة والبؤس، والمستوى المعيشي الذي لم تتحرك مؤشراته عن اواسط القرن العشرين وفي بعض المناطق عن اوائله؟
مثل هذا التحول الايراني الذي يحلم به الكثيرون سيكون خطوة كبرى نحو ايران الجديدة، مثل هذه الخطوة بالطبع ستمهد الطرييق ولن تحل كل المشاكل، فحتى بعد زيارة اردوغان يتواصل الخلاف التركي اليوناني حول مسائل تحديد المياه الاقليمية في بحر ايجه والمجال الجوي والبحري والمشكلة القبرصية كما ان الشعب اليوناني لم يكن كله مرحبا بالزيارة بنفس مستوى الحكومة، فاليونان تعاني من ازمة مالية والبعض يرى ان اردوغان جاء الى اثينا ليمتلك مشاريع يونانية.
ولاشك ان المخاوف الايرانية العربية مثلا لن تزول مع هبوط طائرة الوفد الايراني في المطارات العربية، او العكس ولكنها ستكون بلاشك نقطة تحول، قلنا يحلم بها الكثيرون.