مكرم محمد أحمد
أعتقد أنه آن الأوان كي ينتظم الحراك السياسي الذي يهدر في الشارع المصري علي امتداد العامين الماضيينrlm;,rlm; في قنواته الصحيحةrlm;,rlm; تقننه قواعد معلنة شفافة تحافظ علي حق الجميع في حرية التعبير داخل أطر شرعية لكيلا تتحول الأمور الي فوضيrlm;.
وتنظم حراك المجتمع وحركاته الاحتجاجية علي نحو يضمن حق التظاهرrlm;,rlm; إن فشل التفاوض في الوصول الي تسوية المشكلات العالقة التي من أجلها يخرج المتظاهرون الي الشارعrlm;,rlm; ويلزم مؤسسات الحكم المحلي الانفتاح علي الشارع السياسي كي تستوعب مطالبه وشكواهrlm;,rlm; وتتقصي أسباب احتجاجاتهrlm;,rlm; وتسعي الي علاجها عبر مستويات الحكم المحلي المختلفة قبل أن تصل الي العاصمةrlm;,rlm; وتسائل هذه المستويات إن أخفقت في تحقيق هذا الهدفrlm;,rlm; وتضمن المواءمة الصحيحة بين الحق الدستوري في التظاهر ومقتضيات الحفاظ علي أمن الشارعrlm;,rlm; وتلزم أجهزة الأمن حماية التظاهرات كما يحدث في كل أرجاء العالمrlm;,rlm; كما تلزم المتظاهرين الالتزام بأدب التظاهرrlm;,rlm; بحيث يمتنع السباب والشتائمrlm;,rlm; ويلتزم الجميع المحافظة علي الممتلكات العامة والخاصةrlm;,rlm; كما يلتزمون اختيار الأماكن الصحيحة التي تساعد علي توصيل أصواتهم الاحتجاجية لأجهزة الحكم ومنابر الإعلام المختلفةrlm;,rlm; دون أن تزيد من مصاعب الناس في عاصمة يخنقها الزحام طوال النهارrlm;,rlm; وتقنن كل هذه الخطوات في قواعد معلنة تلتزم بها كل الأطرافrlm;,rlm; هدفها الأول حماية حق التظاهر وليس منعهrlm;,rlm; لأن التظاهر يشكل إحدي أدوات الديمقراطية التي تساعد علي تحقيق توازن المصالح بين فئات المجتمع المختلفةrlm;,rlm; وتمكن المواطنين من التعبير عن آرائهم في بعض قرارات السلطة التنفيذية التي ربما لا تحظي بمساندة جماهيرية أو يترتب عليها الاضرار بمصالح فئات المجتمع وأفرادهrlm;.rlm;
وأظن أن مجلس الشوري هو أكثر الهيئات المؤهلة لبحث هذه القواعد وتقنينها علي نحو واضح وشفافrlm;,rlm; لأنه لا يعاني من حالة الاستقطاب الحاد بين الموالين والمعارضين التي يشهدها مجلس الشعبrlm;,rlm; التي تحول دون إمكان الوصول الي وفاق وطني حول أي من القضايا المطروحة علي المجلسrlm;,rlm; لأن نواب الحزب الوطني يلتزمون الدفاع عن كل سياسات الحزب وأفعالهrlm;,rlm; لا يتركون فرصة لتلاقي الآراء والأفكارrlm;,rlm; وكذلك نواب المعارضة الذين يجعلون همهم الأول والأخير هو الهجوم علي سياسات الحزب الوطني بالحق والباطلrlm;,rlm; لا يجتهدون من أجل الوصول الي حلول توافقيةrlm;,rlm; مهمتهم الوحيدة تسفيه سياسات الحزب الوطني والمزايدة عليهاrlm;,rlm; وغالبا ما يسفر الأمر عن مشهد هزلي متكرر تتطاير فيه الشتائم والسباب تحت قبة البرلمان ويتصايح فيه الجميعrlm;,rlm; يتهمون بعضهم بعضا في منظر لا يسرrlm;,rlm; يختلط فيه الحابل بالنابلrlm;.rlm;
ويدخل ضمن ضرورات تنظيم الحراك تهيئة المسرح السياسي منذ الآن لانتخابات برلمانية ورئاسية نزيهةrlm;,rlm; تستحقها مصر ويستحقها المصريون في عالم جديد أصبحت فيه الانتخابات النزيهة دلالة علي الحكم الرشيد وعنوانا علي تقدم المجتمعrlm;,rlm; تشكل عاملا أساسيا في تشكيل شرعية الحكمrlm;,rlm; كما تشكل حافزا مهما علي توسيع حق المشاركةrlm;,rlm; خاصة أن نسبة المشاركين في التصويت في الانتخابات المصرية تدنت الي حدود متواضعة لا تساعد علي قيام حكم ديمقراطي صحيحrlm;..rlm; ويزيد من ضرورات الالتزام بنزاهة الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلةrlm;,rlm; أن الانتخابات شئنا أم أبينا سوف تخضع لرقابة معلنة وغير معلنة من جانب قوي داخلية وخارجية عديدةrlm;,rlm; أغلبها ينكر طلوع الشمس في عز النهارrlm;,rlm; ولا يري في كل هذا الحراك السياسي الذي يشغل مصر الآنrlm;,rlm; وهذا الحجم الواسع من مساحات حرية التعبير غير المسبوقrlm;,rlm; التي يندر أن نجد لها مثالا في أي من دول المنطقة أو خارجهاrlm;,rlm; سوي حكم مسبق غير صحيحrlm;,rlm; بأن مصر تعيش ديكتاتورية شديدة الوطأةrlm;,rlm; تمنع عقارب الساعة من الحركة وترفض أي تغيير أو تطويرrlm;!rlm;
وأظن أن الانتخابات المقبلة تهييء فرصة مهمة لمصر لدحر هذه الأفكار وهزيمتهاrlm;,rlm; وإثبات أن مصر جزء من عالمها الديمقراطي المتطورrlm;,rlm; ربما تلتزم بعض الحذر في خطوها علي طريق الديمقراطية المكتملة بسبب وطأة الحمل الذي يثقل كاهلها والذي تنوء به الجبالrlm;,rlm; لكنها عازمة علي تحقيق ديمقراطية مكتملة ترفض الاستبداد وتقلص سلطة الحكم الفرديrlm;,rlm; لأنها لا تستطيع بسبب موقعها الجغرافي الفريد علي مفترق طرق القارات ودورها القومي والإنساني وعلاقاتها الدولية الكثيفة إلا أن تكون جزءا من حركة المستقبلrlm;.rlm;
والمدهش في الصورة هذا العدد الوافر من المرشحين للرئاسة الذين بدأوا المعركة الانتخابية مبكرا برغم أن معظمهم يعرف أنه يفتقد الشرط القانوني لصحة الترشيح في ظل أحكام الدستور الراهنrlm;,rlm; لكنهم يعولون علي تغيير الدستور في الأمد الزمني القريب دون أن يحددوا بوضوح آليات هذا التغيير وضمانات نجاحهrlm;,rlm; خاصة أن معظمهم يطلب من الشارع المصري أن ينجز عملية تغيير الدستور وبعدها يمكن أن يفكر في ترشيح نفسهrlm;!rlm;
ومع الأسف فإن علاقات هؤلاء المرشحين بالشارع المصري علي اتساع مساحة الجمهوريةrlm;,rlm; تكاد تكون جد محدودة لا تؤهلهم لأن يقودوا حركة تغيير واسع ومنظم تضمن تحقيق الأهداف التي يتحدثون عنهاrlm;,rlm; في ظل التناقضات العديدة والمصالح المتضاربة لمعظم القوي والتيارات التي تساند هؤلاء المرشحينrlm;,rlm; وبعضها لا يعدو أن يكون مجرد تجمعات لنخب فوضوية محدودة العددrlm;,rlm; طفت علي سطح المجتمع قبل عدة سنواتrlm;,rlm; لكنها لم تستطع أن تنجز اختراقا شعبيا واحدا يؤهلها لأن تقود حراكا سياسيا واسعاrlm;,rlm; وإن وجدت في بعض المرشحين حصان طروادة الذي يساعدها علي إشاعة الفوضي في مجتمع تشتد فيه حالة الحراك السياسيrlm;,rlm; مفعم بمطالب اجتماعية وسياسية لعديد من فئاتهrlm;,rlm; يتربص به جماعات منظمةrlm;,rlm; تتصور أنها الوريث الوحيد المؤهل لحكم مصر هدفها إقامة نوع من الحكم الشمولي الديني يفوق في استبداده طغيان الفرد الحاكم كما تقول لنا بوضوح تجربة إيرانrlm;!rlm;
ويدخل في حساب هؤلاء جميعا أن الظروف ربما تكون مواتية أكثرrlm;,rlm; لو أن المرشح القادم للرئاسة هو جمال مبارك رئيس لجنة السياساتrlm;,rlm; برغم وجود إشارات عديدة تؤكد أن الاحتمال الأكبرrlm;,rlm; أن الرئيس مباركrlm;,rlm; وقد من الله عليه بنعمة الشفاءrlm;,rlm; ربما يكون علي استعداد لأن يشارك في انتخابات الرئاسة المقبلةrlm;.rlm;
باختصار وهم يجري وراء وهمrlm;,rlm; يسيء رؤية الحراك السياسي الراهن ويفهمه علي نحو مغلوطrlm;,rlm; ويسيء فهم العلاقة بين مبارك وشعبهrlm;,rlm; لا يعطيها وزنها الحقيقيrlm;,rlm; ولا يقدر قيمتها لدي المصريين ساعة الجد والحسمrlm;,rlm; برغم المؤشرات الواضحة التي أبداها المصريون قلقا علي صحة الرئيس بعد الجراحة الناجحة التي أجراها في ألمانياrlm;,rlm; لأنهم يرون فيه صمام الأمان ويحسون أنهم أكثر أمنا في ظل قيادتهrlm;,rlm; لا يستطيع أحد أن يفضلهrlm;,rlm; ليس فقط عملا بالمثل المصري الشهير من تعرفه خير ممن لا تعرفهrlm;,rlm; ولكنهم لأنهم عرفوا الرجل عن قرب في كل المصاعب والظروف وخبروا طبعهrlm;,rlm; وباتوا من كثرة تجاربهم معه علي يقين من أنه أبدا لن يخذلهم وأبدا لن يقامر علي مستقبلهمrlm;,rlm; ولهذا السبب يحرص المصريون علي أن يضعوا مبارك في منزلة خاصةrlm;,rlm; يحفظوا له مكانة رفيعة في قلوبهمrlm;,rlm; وربما يختلفون مع بعض شخوص حكمه ويتشككون في جدوي سياسات عدد من وزرائهrlm;,rlm; ويعبرون عن غضبهم حيال بطء ردود أفعال حكومته أو يتذمرون من سوء استغلال وفساد بعض الذين ينتمون لحزبهrlm;,rlm; لكنهم يمنحون مبارك كل ثقتهمrlm;,rlm; يؤمنون بحكمته وعدالته وقدرته علي اصلاح أي اعوجاجrlm;,rlm; متي وصل الي سمعه صوت الناس واضحا جليا لا يخالطه تشويش أصحاب المصالح والمنافعrlm;.rlm;
وثق المصريون في شخص مباركrlm;,rlm; لأنهم عايشوه علي امتداد عقود ثلاثة حافلة بالتطورات والأحداث الجسامrlm;,rlm; ولأنهم يعرفون حجم الجهد الذي بذله من أجل تغيير أوضاع مصر التي خرجت في بداية الثمانينيات منهكة من أربع حروب متتابعةrlm;,rlm; استنفدت جهدها ودمرت بنيتها الأساسية وخربت اقتصادها الوطنيrlm;,rlm; وحولتها الي بلد مفلس يعاني من أزمة مالية واقتصادية حادةrlm;,rlm; ويعيش في عزلة كاملة عن عالمه العربيrlm;,rlm; وتنهش جسده جماعات متطرفة أصبحت دولة داخل الدولةrlm;,rlm; روعت المصريين علي امتدادrlm;18rlm; عاماrlm;,rlm; خاض خلالها مبارك معركة جسورا انتهت بتصفية هذه الجماعات فكريا وشعبيا وإلزامها مراجعة أفكارها في سابقة هي الأولي من نوعهاrlm;,rlm; وخاض بمصر وسط هذه الأنواء والعواصف مرحلة تحول اقتصادي وسياسيrlm;,rlm; أعادت للقطاع الخاص دوره واعتباره وفتحت الأبواب المغلقة أمام المستثمرينrlm;,rlm; تمت علي نحو هاديء وسلس دون أية آثار جانبية ضخمةrlm;.rlm;
وأكاد أقطع بأن المصريين جاهزون لأن يعطوا الرئيس مبارك فترة ولاية أخري برغم المشكلات الضخمة التي لا تزال تحاصرهمrlm;,rlm; لأن مبارك هو أضمن الحلول وأكثرها أمناrlm;,rlm; وهو الحل الصحيح الذي ينفض عنهم هواجس عديدة تساور الجميع تطلق أسئلة صعبة حول المستقبل تحتاج الي اجابات شافيةrlm;,rlm; لأن الأمر يتعلق بمصر ومستقبلهاrlm;..rlm; يريد المصريون من الرئيس مبارك أن يأخذ مصر خلال فترة حكم جديدة الي ديمقراطية مكتملةrlm;,rlm; يتم تداول السلطة فيها عبر صناديق انتخابات نزيهة نظيفة كما هو حال كل الديمقراطيات في العالمrlm;,rlm; لأنه ما من خيار آخر يصلح لمصر ويضمن تقدمهاrlm;,rlm; ويراجع نظامها التعليمي الذي يحتاج الي تغيير شامل يعيد للمدرسة انضباطها ودورها التعليمي والتربويrlm;,rlm; وينهض بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الي مستوي المنافسةrlm;,rlm; كما يريدون منه اصلاحا اقتصاديا واجتماعيا جديدا يقرب الهوة والمسافات بين فئات المجتمعrlm;,rlm; ويوزع ثمار التنمية علي الجميعrlm;,rlm; ويغلق كل الأبواب علي صور الفساد والاحتكار التي أضرت بسلام مصر الاجتماعيrlm;,rlm; يريدون منه أيضا سياسات جديدة تحسن مخاطبة شباب مصر في كل المواقعrlm;,rlm; تعطيهم أملا صحيحا في غد أفضلrlm;,rlm; وتضمن تكافؤ فرص العمل بين الجميع وتعطي الأفضلية للأكثر كفاءة وموهبة دون اعتبار لأصله وفصلهrlm;.rlm;
إن التغيير مطلب حقيقي لغالبية المصريين وليس مطلبا كاذبا كما يعتقد البعضrlm;,rlm; وهم يريدونه تغييرا رصينا هادئا يصل الي أهدافه في ظل توافق اجتماعي لا يفصم عري المجتمع أو يهدد أمنه واستقرارهrlm;,rlm; أو يسفر عن فوضي شاملة يركب موجتها قلة منظمة يعرف الجميع أهدافهاrlm;..rlm; وما من أحد يقدر علي هذه المهمة سوي مبارك إن رشح نفسه لفترة حكم جديدة ولعلها تكون أعظم المهام التي يقدمها لمصرrlm;.
- آخر تحديث :
التعليقات