يوسف الكويليت

لن تُطالَب القمة التشاورية الخليجية بأن تأخذ مسؤوليات القمم الرسمية والمعتادة، لكن إذا كان الهمّ واحداً والسياسات لا تتجزأ، فالتحديات الأساسية تأتي أمنية بالدرجة الأولى سواء ما يدور في حالة العراق وأوضاعه ومؤثراته على هذه الدول، أو تصعيد التهديدات وخلق الأزمات مع إيران، والتي اتخذت مسمى الخليج الفارسي مضموناً سياسياً لا جغرافياً، وحتى في حال فتح الحوار معها من أجل خلق بيئة تفترض التعاون وفسح المجال لتكامل أمني واقتصادي، فإنها ستأتي لأي مؤتمر أو اجتماع من زاوية أنها دولة تريد إملاء قراراتها، ومع ذلك فمن غير المنطقي أن تكون دول الخليج رأس حربة في أي نزاع ينشأ بين إيران وأي جهة أجنبية، لكن المنطق الآخر يفترض أن لا تكون إيران قوة تهديد لأمن واستقلال الدول الخليجية..

الأمر الآخر أن الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، وإن نجت بعض هذه الدول من تداعياتها، إلا أن روابطها مع العالم تبقى ثابتة وغير بعيدة عن تلك المؤثرات، وحتى عندما تدهور الاقتصاد اليوناني، واهتزت الأسواق والبنوك، وتصاعدت المخاوف الأوروبية من أن تجر الأزمة دولاً أخرى في قطارها، شهدنا الصدى حاداً على أسواق الخليج، ولعل هذه الأسباب تدعو إلى بحث جاد في كيفية معالجة الأزمات وانعكاساتها على الدول الخليجية، ولعل إنشاء صندوق لهذا الغرض يراعي احتمالات المستقبل ويدار بعيداً عن الحساسيات ربما يكون البادرة التي من أجلها تحمل مسؤولية عواصف المستقبل، وكل ما ينشأ عنها من تقلبات..

هذه القمة تنعقد وجدليات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين قائمة وهي داخل اهتمامات الدول الخليجية، وكذلك الكثير من أوضاع عربية تنشأ عنها مفاجآت في خلافات أو تهديدات من قبل دول أخرى، وإذا لم تُصغ سياسةٌ منهجية ، وعلى الأقل تركز على الكليات لا الجزئيات ، فإن دول المجلس ستبقى بدون غطاء أو أهداف محددة، ويكفي أن أي انعكاس سلبي يجري في المنطقة تأتي هذه الدول في بؤرته..

عالمياً لا نزال دول المورد الواحد نتأثر بأي واقعة جديدة تمس أسعار الطاقة، والعالم لا يجاملنا إذا ما بدأ البحث عن بدائل في وقت لا نجد تعاوناً خليجياً في إنشاء المفاعلات النووية كبدائل للمستقبل، ولا توحيد جهود البحث العلمي في إنتاج الطاقة الشمسية، وهي التي تعيش رهن المستوردات من الأغذية وتكاليف تحلية المياه، بل لا نجد هيئة أو منظمة تؤسس لعمل طويل وتتعاون مع مراكز البحث العلمي الخارجية، وحتى البدايات التي تقوم بها المملكة من خلال جامعاتها وهيئاتها الأخرى، فإن دمج هذا النشاط بمنظومة خليجية ، وتخصيص مبالغ مالية لهذا المشروع الضروري والحتمي، يجب أن يفتح عيوننا أننا لسنا فقط حاضراً يعيش في بحبوحة أموال النفط، ونحن نجرّ معنا مسؤوليات أجيال قادمة..

عموماً دول المجلس لا تزال في مرحلة التأسيس وعندما تنتقل إلى مرحلة الإنتاج والإدارة المتطورة ، ونشوء مؤسسات يتكامل فيها العمل الواحد، عندها نقول إننا مجلس تعاون خليجي أسّس لعمل منفرد في المنطقة كلها..