جارالله الحميد

العلاقة بين ما هو laquo;قوميraquo; وما هو laquo;دينيraquo; وطيدة لدرجة تفرض تعايشهما معا، لعدة أسباب أولها أن كليهما وقف ويقف ضد laquo;المشروع الغربيraquo; حضاريا وثقافيا، خشية من تأثيراته، وتعرّضه لـ laquo;حربraquo; منه. لذا، حين نمعن في قراءة صراع الحضارات تقرأ جملة laquo;الحضارة العربية الاسلاميةraquo;، بما يعني ان هنالك ثقافة احتوت الاثنين. ومن الصعب وما هو في حدود المستحيل الفصل بينهما. وثانيها ان كليهما (القومي والديني) يناقشان القضايا نفسها ويسعيان للأهداف نفسها ويتحدث عن laquo;التخلفraquo; العربي وغياب الديموقراطية وضعف المشاركة السياسية، وربما يختلفان هنا، لان الطرح الاسلامي للفكرة سالفة الذكر يتحدث عن نظرية الشورى، فيما يتحدث الطرح القومي عن laquo;مركزية ديموقراطيةraquo; قريبة من فكر الزعيم جمال عبدالناصر او حتى الاحزاب المسيطرة، ولكن كل القضايا بهذا الشأن وكل الاهداف هي نفسها. وثالثها ان كليهما يعتمدان مفهوم العروبة، وهو الذي لا يمكن فصله اطلاقاً عن الظلال الاسلامية لأن laquo;العروبةraquo; هي نتيجة لخروج القبائل العربية لنشر الاسلام، وهذا معطى تاريخي لا يسمح بالفصل بين العروبة والاسلام. ورابعها ان القوميين لا ينكرون بتاتا تأثير الاسلام في رسم خريطة المنطقة، بمعنى ان القومي اذا اراد أن ينطلق لتحديد منطقة ما يتحدث عنه كإطار عربي فانه يفترض فيه بالضرورة الايمان بالخريطة التي رسمها الاسلام للمنطقة العربية، والا لما انضوت مصر وفارس وبلاد الشام تحت المظلة نفسها. وخامسها أن الاسلاميين ايضاً لا ينكرون أن laquo;التقدم العربيraquo; هو بالضرورة تعزيز للوجود الاسلامي، ولنتأمل قضية فلسطين، فإن البعد الاسلامي فيها هو
بعد رئيسي، والاثنان دافعا عن القدس والمقدسات، وكلاهما دافعا عن الارض والوطن. والسادس والأخير أن الديني والقومي وقفا معا في مجابهات مشتركة شرسة، وأهمها كان اتهام الماركسيين للولايات المتحدة انها تعز ز التيارين لأسباب هي مصالح الغرب واطماعه وليس حبا في التيارين كليهما، حتى كان التحول الحقيقي في فكر الغرب تجاه التيار الديني، وهو الثورة الايرانية في اواخر السبعينات. فقد أرق الايرانيون الغرب بحيث جعلوه يبتعد عن كل ما هو ديني.
وختاماً، فان القوميين وقفوا دوما مع الاسلاميين في خندق واحد، وهذا يوضح لنا سبب الردة في صفوف الحركيين الاسلاميين عن تواشج ازلي بين العروبة والاسلام.