عبدالعظيم محمود حنفي

الموساد اغتال الجنرال الروسي عبر المافيا الروسية الإسرائيلية في سورية لتحقيق أهداف عدة
جنرال كبير, هو يوري إيفانوف, نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الروسية, أي انه الرجل الثاني في وحدة الاستخبارات الخارجية التابعة لوكالة الاستخبارات العسكرية, (وكالة الاستخبارات العسكرية من كبرى وكالات الاستخبارات الروسية واقواها اقوى من quot;كي جي بيquot; التي تم تفكيكها الى وكالتين الاولى داخلية quot;اف اس بيquot; وخارجية quot;اس اف ارquot;. وكان الرجل يتمتع بصحة جيدة بل كان مفعما بالصحة (52 عاما), الجنرال كان في زيارة سرية الى سورية على ما يبدو لتفقد القاعدة الروسية في ميناء طرطوس السوري على البحر المتوسط وامر طبيعي جدا ان تكون هناك زيارات استخباراتية غير معلنة بين الجانبين السوري والروسي, فالبلدان تربطهما علاقات جيدة كانت ستراتيجية الى ما قبل نهاية الحرب الباردة, وتجمدت العلاقات مع ترنح روسيا التي ورثت الاتحاد السوفياتي السابق في الديون وفي التبعية الاقتصادية للعرب لمساعدتها على تخطي ازماتها المالية, وبعد تولي بوتين الحكم اعاد الاتزان لروسيا ودورها العالمي, ومن هنا كان الاهتمام بالصداقات الروسية القديمة مع العالم العربي ومنها سورية وكان الاهتمام الروسي بميناء طرطوس متزايدا لانه في البحر المتوسط الدافئ وله اهميته الستراتيجية. فالجنرال الروسي جاء لتفقد الانشاءات الروسية في قاعدتها في طرطوس, وتعتبر سورية إحدى الدول القليلة, التي لا تزال توجد على أراضيها, مواقع عسكرية روسية. ومن أهم هذه المواقع, مركز الدعم اللوجيستي, في ميناء طرطوس, الذي تأسسَ في الحقبة السوفياتية, ليكون مركزَ إمداد وصيانة وإصلاحٍ لقطع الأسطول السوفياتي.quot; بل ان ميناء طرطوس كان مرشحا ليكون ذا اهمية كبرى في الستراتيجية الروسية فالتفكير كان لدى الروس في نقل وحدات من قاعدة سيفاستوبول في الأراضي الأوكرانية على البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط في ميناء طرطوس عندما تنتهي الاتفاقية التي تستأجر بموجبها روسيا هذه القاعدة في العام 2017 حيث وضعت قيادة البحرية الروسية خطة جديدة لنشر الأسطول الروسي تعتمد على تعدد قواعد أسطول البحر الأسود لتتوزع وحدات الأسطول بين القواعد, التي يمكن أن تقع في نوفوروسيسك وتيمروك وتاغانروغ (روسيا) واوتشامتشيرا (أبخازيا) وفي ميناء طرطوس في سورية, على أن تتمركز قيادة الأسطول في مدينة روستوف في جنوب روسيا.
الا ان تغيير القيادة في اوكرانيا وتولي رئيس موال لروسيا هو فيكتور يانوكوفيتش أديا الى تمديد تواجد الاسطول الروسي . كما بحث الجنرال الروسي طلبيات السلاح السورية وبعض الموضوعات المتعلقة بالتعاون الاستخباراتي السوري الروسي في اماكن ودول يهتم بها الجانب الستراتيجي الروسي. ووفقا لصحيفة quot;وطنquot; التركية فبعد زيارة الجنرال للقاعدة ذهب لمقابلة المسؤولين الامنيين السوريين, وبعدها اختفى, وكان الجنرال يوري إيفانوف من المؤيدين لاستمرار التعاون العسكري مع ايران ومن تدفق الاسلحة الروسية على دمشق وطهران لان الرجل كان من الذين يرون, وهو اتجاه كبير في المؤسسة العسكرية الروسية, ان الولايات المتحدة ما زالت تعتبر روسيا عدوا وتحبك لها المؤامرات وان التعاون مع طهران ودمشق يعتبر من بوادر الكبرياء الروسي في التعامل مع الاصدقاء.
وتشير صحيفة quot;الغارديانquot; البريطانية الى التنافس بين وكالات الاستخبارات الروسية الكثيرة, وان الكرملين كلف إيفانوف قيادة الحرب ضد مقاتلي الشيشان عام ,2000 حيث وهو اشرف على عدد من الاغتيالات لبعض الشيشان المقيمين بالخارج, ومن بينهم زيليمخان ياندربييف الذي قتل في تفجير سيارته في قطر. فقد اظهرت تحقيقات اجرتها السلطات القطرية بعد الاغتيال واعتقالها ومحاكمة عميلي مخابرات روسيين انهما تلقيا أوامر مباشرة من القيادة الروسية, وقامت قطر بترحيلهما إلى روسيا عام 2005 حتى يقضيا باقي الحكم في سجن روسي, لكنهما اختفيا عن الانظار. ومن هنا فان بعض التقارير الروسية القت باصابع الاتهام الى عناصر شيشانية وهو احتمال بعيد للغاية. وحسب الرواية الرسمية فقد مات الجنرال غرقا اثناء ممارسته السباحة. واختفى الجنرال, وما يقولونه ان سورية ابلغت عن اختفائه, وبعد ايام وجدت جثته متحللة في المياه التركية. فمن اغتال الجنرال الروسي الكبير. ليس لدى المقاتلين الشيشان اجهزة مخابرات خارجية, بل هم من يتم استهدافهم وصيدهم في الداخل والخارج. ولكن الاحتمال الاقرب هو قيام الموساد الاسرائيلي باغتياله.
وليس مطلوبا من الموساد في مثل هذه الحالات ان يقوم بالعملية عبر عناصره بل الاغلب هو ان المافيا الاسرائيلية الروسية هي التي قامت بالاغتيال والمعروف ان قادة وزعماء المافيا الروسية- الإسرائيلية, كانوا في أغلبيتهم العظمى من اليهود الروس الذين كانوا يعملون في جهاز المخابرات السوفياتية quot;كي.جي.بيquot; وجهاز المخابرات العسكرية السوفياتي. وذلك لتخريب العلاقات الروسية الاسرائيلية المتنامية. فالرجل مات مغدورا بعملية مخابراتية اشرف عليها الموساد ونفذها بالتعاون مع المافيا الاسرائيلية - الروسية.
خبير في الشؤون الدولية *