حسين علي الحمداني

هل يجب أن نتفاءل بالحكومة الجديدة التي منحها البرلمان العراقي الثقة يوم 21 ديسمبر (كانون الأول) 2010؟

من الطبيعي جدا أن نعترف جميعا بأن ساسة البلد أوصلونا إلى حالة القبول بأي نتائج تتمخض عنها العملية السياسية في البلد، وبأي صيغة كانت، بما فيها المحاصصة، وإن اختلفت التسمية هذه المرة من خلال تعطيل تشكيل الحكومة منذ إعلان النتائج نهاية مارس (آذار) الماضي. وهذا التعطيل يصب في مصلحة القادة والأحزاب والكتل من خلال تمرير الكثير من الصفقات السياسية، وحتى محاولة القفز على الدستور، ومن ثم محاولة جر المواطن العراقي للقبول بالأمر الواقع.

ومن الواضح جدا أن الكثير، بل جل الأحزاب في العراق، لم تكن قادرة على التمييز ما بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، بل ونجد من المساومات وطرح المرشحين للوزارات ما يجعل السلطة التنفيذية أهم بكثير من السلطة التشريعية، وهذا تمثل بشكل واضح في تنازل الكثير من النواب عن حقهم التشريعي كنواب في البرلمان وانخراطهم في السلطة التنفيذية التي تمنحهم، كما يقول البعض، laquo;السلطة والمالraquo;، دون أن يخسروا نفوذهم التشريعي، هذا النفوذ باق من خلال تسخير المؤسسة التشريعية من قبل السلطة التنفيذية، عن طريق ما يمكن تسميته بـlaquo;التوافقاتraquo; التي تبتعد بالتأكيد عن المصلحة العامة للبلد لتنجرف صوب المصالح الشخصية الآنية الضيقة التي من شأنها أن تعيد إنتاج الحكومة ثانية بعد أربع سنوات قادمة، وخاصة أن عملية إعادة إنتاج الحكومة الماضية تم بنسبة عالية جدا في الحكومة الحالية. وهذا ما دفع رئيس الوزراء السيد نوري المالكي إلى القول: laquo;أجلت بعض الوزارات لأنني مسؤول عن اختيار الأفضل والأكثر خبرة، لكن مع الأسف، فإن تسليم السير الذاتية للمرشحين تأخر، واستلمت أسماء لبعضهم اليومraquo;. وتابع: laquo;أحتاج فترة لاختيار الأفضل، وسأستمر في دراسة الملفات حتى أستطيع الاختيار على أساس القدرة والكفاءة. وسأطلب تغيير بعضهم إذا وجدت الشروط غير متوافرة فيهمraquo;.

والتشكيلة التي تضمنت 29 وزيرا، خلت من التكنوقراط، وكل الوزراء الذين أعلنت أسماؤهم يمثلون الخط الأول من الكتل السياسية أو مقربين منهم، وهذا ما يجعلنا نستنتج أن الحكومة العراقية القادمة ستكون خاضعة للأحزاب ونهجها، مما سيضعف بالتأكيد أداء الوزارات العراقية، خاصة الخدمية منها، وخاصة أن عددا قليلا جدا من وزراء الحكومة السابقة موجودون في التشكيلة الجديدة، في مقدمتهم وزيرا الخارجية والرياضة والشباب.

وبالعودة إلى السؤال الذي بدأنا به مقالنا: هل يجب أن نتفاءل؟ نجد - بنظرة عامة - أن التفاؤل حالة نسبية لدينا جميعا، والذي تابع جلسة منح الثقة سمع السيد المالكي وهو يقول: laquo;التشكيلة الحكومية الجديدة لن ترقى إلى مستوى طموحي لأسباب فرضتها المرحلةraquo;.

إذن ما زالت هنالك أسباب، وما زالت هنالك مرحلة، وهذه الأسباب والمرحلة كما أشرنا هي محاولة الكثير من القوى السياسية للاستحواذ على السلطة، وهذا ما جعل التشكيلة الحكومية الجديدة تقفز على أكثر من 40 وزارة، مع استحداث نائب ثالث لرئيس الوزراء ومجلس وطني للسياسات الاستراتيجية، مع غياب شبه تام للمرأة في الحقائب الوزارية. وهذا الغياب لم يجد أي تفسير له من قبل المتابعين للشأن العراقي، إلى درجة أن وزير الخارجية يدير وزارة المرأة وكالة!

ومع هذا فنحن علينا أن نتفاءل.. ومنبع هذا التفاؤل متأت من أن رؤية رئيس الحكومة بأن ثمة وزارات يجب أن يشغلها أشخاص يتمتعون بكفاءات عالية في مجالهم، وخاصة أن الوزارات التي لم يسم وزراؤها بعد (لحين كتابة هذا المقال)، مهمة جدا ولها مساس كبير بمجمل حياة العراقيين من جهة، ومن جهة ثانية فهي محط انتقاد المواطن العراقي لسوء الخدمات التي تقدمها، وفي الوقت نفسه عليها أكثر من علامة استفهام من حيث النزاهة ومكافحة الفساد،

* كاتب عراقي