علي الكندري


لقد كنا من أشد المتحمسين لتحرير العراق من بطش النظام الصدامي القمعي، وتوقعنا ان العراقيين وقادتهم السياسيين سيعملون كل ما في وسعهم من اجل عراق ديموقراطي تعددي يكون نموذجا في المنطقة، وتوقعنا ان تكون علاقة الكويت بالعراق مثالية ومميزة، لان الكويت قد فتحت برها وبحرها واجواءها لقوات التحالف لتحرير الشعب العراقي، كما قدمت كل انواع المساعدات منذ الساعة الاولى لدخول قوات التحرير الى الاراضي العراقية، حيث تم تمديد مواسير المياه الى مناطق الجنوب بسرعة هائلة، وارسال الشاحنات المملوءة بالمواد الغذائية لمساعدة الاشقاء العراقيين.
هذه المواقف للكويت وتلك المساعدات لا نعتبرها منة، وانما واجب قومي واخوي تجاه اشقائنا العراقيين، وما زلنا ندعم ونساند اي احتياج عراقي بغض النظر عن الاصوات النشاز التي تخرج بين الفينة والاخرى من قبل بعض المسؤولين العراقيين الجدد، الذين لا يختلفون عن سابقيهم في عهد صدام البائد. واذا استنكرنا واستفسرنا قالوا: هؤلاء من ايتام صدام وبقايا حزب البعث، مع انهم شكلوا لجنة منذ سنوات لاجتثاث البعث والبعثيين، ويبدو انها فشلت في عملها.
منذ تحرير العراق كتبنا مرات عدة مناشدين عدم الاستعجال في اجراء الانتخابات العامة، واعطاء الشعب العراقي فرصة بسيطة لتعلم الممارسة الديموقراطية والتدريب عليها حتى لا تأتي نتائج الانتخابات فئوية طائفية مقسمة للعراق، وقلنا ايضا ان قادة الاحزاب السياسية في العراق بغالبيتهم لا يعرفون الديموقراطية الحقيقية، لانهم لم يمارسوها لمدة من الزمن اكثر من 35 سنة تحت حكم الحزب الواحد، حزب صدام الذي نال في الانتخابات 100 في المائة من الاصوات، الآن الامور لم تأت كما تمنينا واشتهينا، وها هي الاحزاب العراقية تتقاتل من اجل الكرسي والسلطة، فمنذ الانتخابات الاخيرة ــ اكثر من ثلاثة أشهر ــ لم يتمكنوا من تشكيل الحكومة بسبب التقاتل على السلطة او التمسك بها، وكأن الوقت لمصلحتهم وهم يملكونه حتى تظل الدولة من دون حكومة كل هذه المدة، بينما العكس هو الصحيح.
يبدو ان قادة العراق لا يهمهم استقرار البلد بقدر استقرار اوضاعهم، يتحدثون عن التدخلات الاقليمية وكأنهم ليسوا من الاقليم نفسه، ولا يعيرون اهتماما بمسألة ان استقرار العراق يعني استقرار المنطقة، ولم نجد فيهم من يتفهم او يقدم تنازلا لمصلحة الوطن واستقراره، ليذهب حلمنا وتذهب تمنياتنا في عراق ديموقراطي آمن مستقر مزدهر، نتمكن نحن الاقرب اليهم من بناء العراق عن طريق الشركات الكويتية وبأسعار تقل كثيرا عن الشركات القادمة من اقاصي الارض، وتكون المصلحة مشتركة بيننا، تزدهر شركاتنا ويتطور اقتصادهم، بدلا من الوضع الاقتصادي المتدهور في العراق، والوضع الامني، فيما قضايا السلب والنهب تتفشى بين اوساط المسؤولين الحكوميين، وربما لهذه الاسباب لا يريدون استقرار العراق، ولهذه الاسباب لا يريدون الالتقاء والتفاهم وتقديم التنازلات من كل الاطراف حتى يتم تشكيل الحكومة التي من غير المعلوم متى تتشكل.