أعرب الناشط المصري علاء عبد الفتاح عن شعوره بـ"الصدمة" بعد إعادة نشر تغريدات قديمة كتبها قبل أكثر من 10 سنوات، واستخدامها لـ"التشكيك في نزاهته وقيمه".
جاء ذلك بعد أيام من وصوله إلى لندن ولمّ شمله بأسرته للمرة الأولى منذ 12 عاماً.
فيما طالب سياسيون بريطانيون بترحيله وتجريده من الجنسية البريطانية.
وأطلقت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، تحقيقاً في ما وصفته بـ"قصور خطير في المعلومات" في قضية الناشط البريطاني المصري علاء عبد الفتاح.
وفي رسالة إلى لجنة الشؤون الخارجية، ذكرت كوبر أنها، والسير كير ستارمر، ونائب رئيس الوزراء ديفيد لامي، "لم يكونوا على علم بتغريدات الناشط علاء عبد الفتاح القديمة، التي يعتبرونها بغيضة".
يأتي هذا بعد أن طالب حزب المحافظين وحزب الإصلاح البريطاني بسحب الجنسية البريطانية من الناشط وترحيله، إثر ظهور منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي يدعو فيها إلى "قتل الصهاينة"، وفقاً لهذه المنشورات.
Responding to historic tweets, Alaa today says:
— Free Alaa (@FreedomForAlaa) December 29, 2025
"I am shaken that, just as I am being reunited with my family for the first time in 12 years, several historic tweets of mine have been republished and used to question and attack my integrity and values, escalating to calls for…
خلال الساعات الماضية، تصدّر عبد الفتاح عناوين الصحف البريطانية ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد تداول صور لتغريدات قديمة وُصفت بأنها معادية للسامية وتشجع على العنف.
وفي بيان مطوّل نشرته الصفحة الرسمية لحملة الإفراج عنه، قال عبد الفتاح إنه عند إعادة قراءة تلك التغريدات، يتفهم "مدى صدمتها وإيذائها"، مقدمًا "اعتذاراً صريحاً لا لبس فيه".
وأوضح عبد الفتاح أن الجدل الحالي تزامن مع مناسبة شخصية "شديدة الحساسية"، إذ كان يستعد للاحتفال بعيد ميلاد ابنه للمرة الأولى منذ 2012، مضيفا: "قضيت معظم حياة ابني خلف القضبان بسبب دفاعي المستمر عن المساواة والعدالة والديمقراطية العلمانية".
اعتذار
شدد عبد الفتاح على أن بعض تغريداته "أُسيء فهمها أو جرى اجتزاؤها بسوء نية". وأوضح أن تغريدة اتُهم فيها برهاب المثلية كانت في الأصل "سخرية من رهاب المثلية نفسه"، وأن تغريدة أخرى فُسرت على أنها إنكار للمحرقة كانت تهكمًا على منكريها.
وأكد أنه يأخذ اتهامات معاداة السامية "بأقصى درجات الجدية"، مشددًا على معارضته للطائفية والعنصرية، موضحًا أن التغريدات كُتبت في سياق "غضب وإحباط شاب" خلال أزمات إقليمية كبرى، مثل الحروب على العراق ولبنان وغزة، وتصاعد العنف الشرطي ضد الشباب في مصر. وأضاف أن بعضها جاء ضمن "معارك إلكترونية" سادت بدايات وسائل التواصل الاجتماعي، من دون اعتبار لكيف يمكن فهمها.
تدوينات قديمة
وعقب وصول علاء عبد الفتاح إلى العاصمة البريطانية، انتشرت صور لتغريدات منسوبة له.
أشارت إحدى الصور إلى أنه كان يشجع في أغسطس/آب 2011 على مهاجمة الشرطة البريطانية واستهداف "مواقع" في لندن، على خلفية أعمال الشغب التي اندلعت بعد مقتل الشاب مارك داغن برصاص الشرطة في توتنهام، والتي تحولت لاحقًا إلى اشتباكات امتدت إلى عدة مدن إنجليزية.
كما أظهرت تدوينة أخرى من نوفمبر/تشرين الثاني 2010 دعوة إلى قتل من وصفهم بالصهاينة، بما في ذلك المدنيين، إضافة إلى صورة تدوينة اخرى من 2011 تحدثت عن خطط للسيطرة على مدينة (لم يحددها في التدوينة) و"اغتصاب نسائها".
تغريدات أخرى نسبت لعلاء تعود لعام 2010 ضمت هجومًا على "تاريخ بريطانيا الاستعماري ومؤسساتها، واتهمتها بارتكاب مجازر واستعباد شعوب"، إضافة إلى سخرية مهينة تجاه البريطانيين.
ترحيب رسمي وانتقادات
جاء الجدل بعد يومين من وصول عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية، إلى لندن بعد رفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر، عقب الإفراج عنه بعفو رئاسي بعد قضائه معظم العقد الماضي في السجن.
وعند وصوله، رحّب به رئيس الوزراء كير ستارمر وعدد من كبار المسؤولين، من بينهم وزيرة الداخلية إيفيت كوبر ونائب رئيس الوزراء ديفيد لامي، قبل أن تنتشر صور التغريدات المثيرة للجدل، ويُعتقد أن ستارمر لم يكن على علم بها حين الترحيب بوصول علاء.
تعرض السير كير ستارمر لانتقادات حادة لتصريحه بأنه "مسرور" بوصول علاء عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة يوم الجمعة، بعد ثلاثة أشهر من إطلاق سراح الناشط من سجن في مصر.
وكان هناك انتقادات خصوصاً من حزب المحافظين، وطالب بعض نواب حزب العمال بسحب جنسيته، وأعاد معارضون نشر تغريداته متهمين إياه بالدعوة إلى "قتل البيض" ووصف البريطانيين بـ"الكلاب والقرود".
وفي يوم الاثنين، وصف السير كير التغريدات التي ظهرت مجدداً بأنها "بغيضة للغاية"، وقال إن الحكومة "تتخذ خطوات لمراجعة أوجه القصور في المعلومات المتعلقة بهذه القضية".
وأضاف "مع تصاعد معاداة السامية، والهجمات المروعة الأخيرة، أعلم أن هذا قد زاد من معاناة الكثيرين من الجالية اليهودية في بريطانيا".
ورد وزير العدل في حكومة الظل المحافظة، روبرت جينريك، الذي قاد الانتقادات الموجهة لاستقبال السير كير للناشط علاء عبد الفتاح، سريعاً بتجديد دعوته لترحيل الناشط من المملكة المتحدة.
وفي مساء الاثنين، أعلنت حركة "إصلاح المملكة المتحدة" أنها ستعدل القانون لضمان إمكانية سحب الجنسية البريطانية من الناشط علاء عبد الفتاح وترحيله.
I’m delighted that Alaa Abd El-Fattah is back in the UK and has been reunited with his loved ones, who must be feeling profound relief.
— Keir Starmer (@Keir_Starmer) December 26, 2025
I want to pay tribute to Alaa’s family, and to all those that have worked and campaigned for this moment.
Alaa's case has been a top priority…
I’m delighted that Alaa Abd El-Fattah has arrived in the UK and is with his family.
— Yvette Cooper (@YvetteCooperMP) December 26, 2025
Alaa’s case has been a top priority for our Government and I welcome President Sisi’s granting of this pardon.
I pay tribute to Alaa’s family for their tireless determination to be reunited.
وفي رسالتها إلى لجنة الشؤون الخارجية، ذكرت كوبر أن العمل الذي بدأ خلال عطلة نهاية الأسبوع كشف أن وزراء خارجية ورؤساء وزراء سابقين أدلوا بتصريحات علنية بشأن قضية عبد الفتاح "دون الاطلاع على جميع المعلومات ذات الصلة".
وأضافت أن الوزراء الحاليين والسابقين "لم يُطلعوا قط على هذه التغريدات عندما تحدثوا علناً عن القضية"، وأن الموظفين المدنيين المسؤولين عن القضية "لم يكونوا على علم" بها أيضاً.
وقالت كوبر إنه من الواضح وجود "تقصير غير مقبول"، وأن إجراءات التحقق المتبعة منذ فترة طويلة كانت "غير كافية تماماً في هذه الحالة".
وأضافت وزيرة الخارجية أنها "قلقة للغاية" من أن إعادة ظهور هذه التغريدات، إلى جانب منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي رحبت بعودة الناشط علاء عبد الفتاح والتي نشرتها هي وأعضاء آخرون في الحكومة، قد "زادت من معاناة الجاليات اليهودية في المملكة المتحدة، وأنا آسفة جداً لذلك".
وأبلغت اللجنة أنها طلبت من كبير موظفي الخدمة المدنية في وزارة الخارجية مراجعة "الإخفاقات المعلوماتية الخطيرة في هذه القضية، والأنظمة الأوسع نطاقاً التي كانت موجودة في الوزارة لإجراء العناية الواجبة في القضايا القنصلية وقضايا حقوق الإنسان البارزة للتأكد من أنها تعمل بشكل صحيح وأن جميع الدروس اللازمة قد تم تعلمها".
Alaa Abd El-Fattah, a man who called for the murder of white people, fantasised about raping British women, called Britons “dogs and monkeys”, praised suicide bombings, and openly celebrated anti-Western terror is walking free in the UK with a British passport.
— Scott Lewis (@WarriorSpeech28) December 28, 2025
He got that… pic.twitter.com/PrNnIx5KjE
مطالبات بالترحيل
وبعد انتشار صور التدوينات المنسوبة لعلاء، تصاعدت المطالبات بسحب جنسيته وترحيله، حيث دعت زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوش ، بترحيل عبد الفتاح، قائلة: "لا أريد أشخاصً يكرهون بريطانيا أن يأتوا إلى بلدنا".
The Home Secretary should look at all possible options for Alaa Abd El-Fattah, including whether his citizenship can be revoked and he can be removed from Britain.
— Kemi Badenoch (@KemiBadenoch) December 29, 2025
British citizenship is more than a passport. It means subscribing to our values.
Britain is our home not a hotel.
كما طالب زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج السلطات بالنظر في إمكانية سحب الجنسية، مؤكدا أنه قام بالإبلاغ عن عبد الفتاح إلى شرطة مكافحة الإرهاب.
I have written to @ShabanaMahmood urging her to rescind the citizenship of Alaa Abd el-Fattah and deport him from the country. pic.twitter.com/MTrX7j0dNa
— Nigel Farage MP (@Nigel_Farage) December 28, 2025
بعض مستخدمي مواقع التواصل اعتبروا أن استقبال عبد الفتاح يتعارض مع المعايير المطبقة على مواطنين بريطانيين آخرين، مستشهدين بسجن الناشط اليميني سام ميليا، الذي تم سجنه بسبب إدانته في قضايا تتعلق بالتحريض على الكراهية.
Sam Melia was sentenced to 2 years in jail for making stickers saying ‘mass immigration is white genocide’. The top ministers are now celebrating this fellow’s release and coming to Britain as a highest priority accomplishment. pic.twitter.com/rOV8MpQ9md
— David Betz (@DavidBe31099196) December 27, 2025
كما علق رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك ساخرًا على وجوده في لندن.
Mass immigration of people that want to kill White people IS White genocide! https://t.co/V4XSMAmNKk
— Elon Musk (@elonmusk) December 27, 2025
تراجع في الدعم
أعرب بعض السياسيين البريطانيين عن ندمهم لدعمه سابقًا، قال السير إيان دنكان سميث، الذي وقع رسالة تطالب بالإفراج عنه، إنه لو علم بمضمون التغريدات لما وقعها.
I have campaigned for some time for the release of two British citizens, Jimmy Lai and Ryan Cornelius, who have been detained for years on trumped-up charges and denied a fair hearing. I have worked alongside others and called on the UK Government to demand their release.
— Iain Duncan Smith MP Chingford & Woodford Green (@MPIainDS) December 28, 2025
I do,…
وانتقدت رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس ما وصفته بتغلغل منظمات حقوق الإنسان في مؤسسات الدولة البريطانية، رغم أن حكومتها طالبت بالإفراج عنه بعد حصوله على الجنسية البريطانية في 2021.
The el-Fattah case shows the way that the human-rights/NGO industrial complex has completely captured the British state.
— Liz Truss (@trussliz) December 28, 2025
The ECHR/Human Rights Act is at the heart of this. The ideology is deep-rooted in the bureaucracy.
And we now have a Prime Minister who is part of this… pic.twitter.com/KEIaN1vcAE
وحصل عبد الفتاح تلقائيًا على الجنسية البريطانية بموجب قانون الهجرة الذي يسمح للأمهات بنقل الجنسية البريطانية لأطفالهن، حتى لو كانوا خارج المملكة المتحدة، حيث وُلدت والدته في لندن أثناء دراسة جدته في بريطانيا، لكن علاء تقدم بطلب الحصول على الجنسية منذ أعوام قليلة، ضمن محاولات إخلاء سبيله.
عبد الفتاح قال إنه تألم لرؤية بعض من دعموا الإفراج عنه يشعرون بالندم، مؤكّدًا أن التضامن مع شخص سُجن ظلمًا "موقف مشرّف"، حتى لو تغيّرت المواقف لاحقًا.
مصر
تباينت ردود الفعل على مواقع التواصل العربية، إذ رأى البعض أن توقيت تسريب التغريدات قد يكون مقصودًا لتغيير صورة عبد الفتاح كمناضل من أجل الحرية.
أبانا الذي في المخابرات مفتحش سرداب التغريدات القديمة ل #علاء_عبدالفتاح و هو في مصر عشان يقنعهم أنه ميستاهلش كل المجهود ده و بالتالي مصر هتفرج عنه و هيكون بطل في نظر دراويشه تحت ستار حرية الرأي ، استنى لحد ما وصل انجلترا و عليه فيونكة حمراء 🎀 و فتح السرداب عشان يلبس و يلبسوه و… pic.twitter.com/YU9WcuPyrL
— مــد(🇪🇬مـصـر🇪🇬)نــيــة (@QegSee61229) December 28, 2025
في المقابل، اعتبر آخرون أنه كان يجب أن يعتذر عما فعله داخل مصر وليس فقط أمام المجتمع البريطاني، حيث تضمنت إحدى صور التدوينات المنسوبة لعلاء تحريضا على العنف ضد ضباط الشرطة المصريين وعائلاتهم.
كل ده خوف من بريطانيا امال حرية التعبير راحت فين يا #علاء_عبدالفتاح pic.twitter.com/I7qB4XTbLo
— Sami 🇪🇬 KEMET (@SamiFadel_) December 29, 2025
كما شنّ إعلاميون مصريون هجومًا عليه، مطالبين بإسقاط الجنسية المصرية عنه.
أظن ان قرارا رئاسيا عاجلا بسحب الجنسية المصرية من المدعو علاء عبد الفتاح هو ضرورة ملحة .. لاكتسابه الجنسية "البريطانية " دون الحصول على موافقة من مصر .. المشهد في بريطانيا يدل على ان سحب الجنسية البريطانية منه مسألة وقت ! pic.twitter.com/ZzDadMGxuX
— Hamed Ezzeldin (@hamedezzeldin) December 28, 2025
سجنه في مصر
واجه عبد الفتاح على مدار سنوات اتهامات من السلطات المصرية، منها التحريض ضد الشرطة والجيش ونشر أخبار كاذبة، وهي اتهامات تقول أسرته ومنظمات حقوقية إنها ذات طابع سياسي.
وكان عبد الفتاح قد أمضى سنوات في السجن على خلفية قضايا تتعلق بالتحريض ونشر أخبار كاذبة، أوقف آخر مرة في 2019، وحُكم عليه في 2021 بالسجن خمس سنوات. وأوقف سابقًا في 2011 و2013 بتهم مشابهة.
وكان عبد الفتاح قد أُفرج عنه بعفو رئاسي مصري بعد إضراب طويل عن الطعام خاضته والدته الأكاديمية ليلى سويف، ما أثار مطالب حقوقية ودولية واسعة بالإفراج عنه.
وكانت الحكومة البريطانية، بما في ذلك رئيس الوزراء كير ستارمر وعدد من المسؤولين، من بين من طالب بإخلاء سبيله قبل الإفراج عنه.
- الناشط المصري علاء عبد الفتاح يقول لبي بي سي: "أتعلم كيفية الاندماج في الحياة مرة أخرى"
- الناشط المصري علاء عبد الفتاح يصل إلى بريطانيا بعد أشهر من العفو الرئاسي عنه
- علاء عبد الفتاح: الناشط المصري يتقاسم جائزة "بن بنتر" الأدبية مع الروائية الهندية أرونداتي روي























التعليقات