إيلاف من بيروت: تترقب الأسواق السورية بدء التداول الرسمي لليرة السورية الجديدة في بداية شهر يناير 2026، وذلك بعد الإعلان عن العملة الجديدة مساء أمس الاثنين في حفل حضره الرئيس السوري أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبدالقادر الحصرية.

وقررت سوريا طباعة عملة جديدة بعد نحو عام من سقوط النظام السابق، لتنهي حقبة بدأت عام 1971 مع وصول حافظ الأسد إلى حكم سوريا واستمرت مع حكم نجله بشار من عام 2000 وحتى سقوطه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

الليرة السورية القديمة كانت تحمل صور حافظ وبشار الأسد، ولكن العملة الجديدة تعبر عن مرحلة مختلفة في حياة السوريين لذا جاءت خالية من الصور والرموز التي تعبر عن سلطة أو فئة معينة.

فئات العملة ومعنى الصور
تضمنت الليرة السورية الجديدة ست فئات وهي: فئة الـ 10 ليرات سورية وتحمل في صورتها وردة شامية وفراشة، وفئة الـ 25 ليرة وتحمل صورة لشجر التوت الشامي وطائر السنونو، وفئة الـ 50 ليرة وترمز إلى الحمضيات.

بالإضافة إلى فئة الـ 100 ليرة وتحمل وردة القطن وغزال الريم، وفئة الـ 200 ليرة وتتجلى فيها بركة شجر الزيتون وأصالة الحصان العربي، وفئة الـ 500 ليرة وتحمل صورة عصفور الدوري مع سنابل القمح.

وقال الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال جلسة حوارية أقيمت ضمن حفل إطلاق العملة الجديدة، إن إطلاق العملة السورية الجديدة يشكل عنواناً لإقفال مرحلة سابقة لا مأسوف عليها وفتح أفق لمرحلة وطنية جديدة يطمح لها كل الشعب السوري، مشدداً على أن عملية التحول النقدي تُدار بهدوء ومسؤولية بما يحفظ الاستقرار النقدي ويعزز الثقة بالاقتصاد الوطني.

وأوضح أن موضوع استبدال العملة خضع لنقاشات طويلة حيث أشارت تجارب استبدال العملات عالمياً وحذف الأصفار إلى نجاح بعضها فيما لم ينجح الآخر، واصفاً العملية بأنها "جراحة دقيقة" في بنية النظام النقدي تتطلب إدارة حذرة وتدرجاً مدروساً.

وبيّن الشرع أن هناك الكثير من المفاهيم يجب أن تطرح خلال مرحلة تبديل العملة، فحذف صفرين من العملة لا يعني بحد ذاته تحسناً اقتصادياً أو في سعر الصرف، وإنما يهدف إلى تسهيل التعاملات اليومية للمواطنين، في ظل صعوبات حقيقية كانت تواجه عمليات البيع والشراء نتيجة انخفاض القيمة للفئات النقدية.

تحسين الاقتصاد وزيادة الإنتاج
وأضاف أن تحسين الاقتصاد يرتكز أساساً على زيادة الإنتاج وخفض معدلات البطالة، مبيناً أن تطوير القطاع المصرفي يُعد من الشروط الجوهرية لتحقيق النمو، باعتباره شرياناً رئيسياً للاقتصاد، وأن نجاح التحول النقدي مرتبط بسياسات مصرفية مدروسة تضبط آليات الطرح والسحب والتداول.

وأشار إلى الابتعاد عن الحالة النمطية من تقديس الأشخاص ووضع صورهم على العملة، والتركيز بدلاً من ذلك على رموز طبيعية واقتصادية تعبّر عن الجغرافيا السورية، موضحاً أن العملة الجديدة تحمل رموزاً للقمح والزيتون والقطن والحمضيات والورد الجوري، إضافة إلى طيور مثل السنونو والدوري وزخارف مستوحاة من الفن الإسلامي الدمشقي.

وأكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبدالقادر الحصرية أن فترة استبدال العملة تمتد 90 يوماً قابلة للتمديد، مع إشعار المواطنين قبل أي قرار بعدم التمديد بـ 30 يوماً، تليها مرحلة السحب التي ستستمر عبر مصرف سوريا المركزي، مؤكداً إلزامية التسعير بالعملتين في المحال التجارية ومكاتب الصرافة.

وشدد الحصرية على أن صدور الليرة الجديدة مسؤولية مشتركة، داعياً المواطنين إلى الاطمئنان وعدم الخوف على مدخراتهم أو قوتهم الشرائية، مؤكداً أن العملية لا تحمل أي مخاطر تضخمية أو ارتفاع في الأسعار.

كما دعا التجار والفعاليات الاقتصادية إلى الالتزام بالتسعير بالعملتين وعدم استغلال الظرف، وحث مكاتب الصرافة على العمل ضمن القوانين ومنع المضاربة. وأعلن الحصرية أنه سيتم استبدال العملة السورية عبر 66 شركة وألف منفذ مخصص لذلك.

حذف صفرين من القيمة الاسمية
وأوضح أن رؤية مصرف سوريا المركزي تقوم على أن يكون الركيزة الوطنية للاستقرار والثقة، مشيراً إلى أن عملية استبدال العملة هي عملية تقنية بحتة تعتمد على حذف صفرين من القيمة الاسمية دون أي تغيير في القيمة الحقيقية للعملة أو تأثير مباشر على سعر الصرف ولا يحمل أي أثر تضخمي، إضافة إلى طباعة عملة جديدة، بهدف تبسيط المعاملات المالية وتسهيل حياة المواطنين، إلى جانب القطيعة مع رموز وصور الماضي.

وقال الحصرية إن الاستقرار النقدي كان المعيار الأول في اتخاذ قرار حذف الأصفار، ولا سيما بعد تحسن الليرة السورية بنحو 30 بالمئة خلال عام 2025 منذ التحرير واستقرار سعر الصرف، إضافة إلى جاهزية المصرف المركزي والقطاع المصرفي والصرافة، وإقرار التعديلات التشريعية اللازمة لإصدار العملة الجديدة.