فيصل محمد المرزوقي


في المؤتمر لمنتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية الذي عقد بمملكة البحرين ظهر جليا أن موضوع المؤتمر وأهدافه، إضافة إلى الشخصيات المشاركة فيه تثير الكثير من الهواجس لدى البعض وبالتأكيد الأجهزة الأمنية لدول المنطقة!!
ما جعلني أتوجس بأنها قد تصل إلى شعارات الربيع العربي, ولكن مع ذلك أحسست أن الجميع ما إن يلامس حديثه عن السلطة أو رأس السلطة -والحديث في هذا المقام عن الأسر الحاكمة بمجلس التعاون- تجدهم حريصين على استخدام مفردات تليق بمكانة الأسر الحاكمة بالقول: laquo;نحترمهم ونقدرهم وهم على رؤوسناraquo; ويضع البعض يده على رأسه إشارة إلى المكانة التي هم عليها لدى شعوب المنطقة، ثم يستدرك بـ (ولكن)!!
وهذا واقع وليس من باب المجاملة، ولين الحديث في ذكر الأسر الحاكمة في هذا المقام إنما لإدراكهم بأنهم -الأسر الحاكمة- يشكلون ثقل التوازن في المجتمع واستقراره، وهناك إجماع مجتمعي على ذلك.
ثم بعد ذلك تأتي كلمة (ولكن) وهي المطالبات الشعبية المتعارف عليها من برلمانات منتخبة وحرية التعبير -بالمناسبة الدستور القطري خلا من عبارة حرية التعبير واكتفى بحرية الرأي مكفولة- وهناك من طالب في المؤتمر بأن تتولى الحكومة بما فيها رئاسة الحكومة!!
والحقيقة أن هذا السقف أجده عاليا وإن كان مشروعا، فلم يعرف في التاريخ هذا المستوى من التنازلات عن السلطة التي يتصور البعض أنه بالإمكان أن تأتي على طبق من الفضة!
(المال والنفوذ والسلطة) مغانم ليس من السهل على النفس التنازل عنها، كما أن من جهة أخرى المؤتمر حاليا ما زال تحت التأسيس، ومن حيث المبدأ لا يملك أي أداه للتنازع، بيد أنه إن ملك الشارع واستطاع تحريكه فإنه بلا شك ملك أداة قوية لن يكون من السهل تجاوزه، مع إدراك الجميع أن طبيعة الشعوب الخليجية بعيدة عن العنف ونزعة التصادم، إلا إذا كان الضغط أكبر من أن تتحمله!!
هي دعوة للتأمل بأن الأوضاع ليست كالسابق، وأن المخاطر الخارجية الشمالية على وجه التحديد (إيران والعراق) أصبحت تشكل عبء مزمن من التخويف، ولم يتلاشى كل ذلك رغم كل الاتفاقيات الأمنية!
بالمناسبة..
الحضور كان راقيا وحضاريا ويدعوا للتفاؤل، ليس بينهم غوغاء ولا متفلسفون ولا متنطعون ولا منظّرون، كان الحديث واقعيا وموضوعيا، ما عدا الدكتورة سميرة رجب التي أرادت أن تخوّف الجميع بضيق أفقها بالتشكيك بالربيع العربي والقول: laquo;إن وراءها مؤامرة لتفتيت العالم العربي إلى (52) دولة عربيةraquo;!
عتبت كثيرا على منظم المؤتمر أن يأتي بمثل هذه الشخصيات المريبة في مثل هذه المؤتمرات.