خالد السليمان


لنعترف أن إعدام القذافي دون محاكمة قد حرمنا من محاكمة كوميدية لا قبلها ولا بعدها، فمحاكمته كانت ستكون أشبه بالفصل الأخير من مسرحية حياته الهزلية المتعددة الفصول، لكن ستار الفصل الأخير أسدل قبل أن يقول نجمها الأوحد جملة واحدة!
أستطيع أن أتخيل أداء القذافي أثناء محاكمته فقد حفظ المشاهدون أسلوب تمثيله وإن كان لا يفاجئهم خروجه عن النص، كان سيردد نفس الهراء الذي لطالما أسمعنا إياه، لكنه هذه المرة كان سيلقيه على مسامعنا من قاع الأرض بعد أن كان دائما يلقيه على الآخرين من برجه العالي!
عندما أسر دكتاتور رومانيا نيكولاي شاوشيسكو وأخرج من المدرعة المصفحة ليواجه محاكمة على الرصيف انتهت بإعدامه فورا، ظل يردد أنه أبو الأمة الرومانية تعبيرا عن احتجاجه على أسلوب معاملته، وكذلك ظل صدام حسين يردد أثناء محاكمته أنه قائد الأمة، فالحكام المستبدون الذين يصلون إلى حالة من الوهم بأنهم هم الأمة وأن الشعوب ليسوا إلا العنصر المكمل لمكونات سلطتهم يصدقون تماما أن أي تمرد على سلطتهم ليس إلا جحودا ونكرانا لمعروف الدوس على رقابهم!
إنها حالة قد يفسرها لنا علماء النفس بمصطلحات ونظريات عديدة، لكن الأكيد أن الشعوب المسحوقة عندما تثور على الطغيان، لن تنتظر من أحد أن يبرر لها أحكامها التي تصدرها ضد الطغاة وتنفذها في نفس الشوارع التي ظنوا أنهم يملكونها!.