أمجد عرار

الحملة التي يشنّها وزير الخارجية ldquo;الإسرائيليrdquo; أفيغدور ليبرمان وغيره من قادة ldquo;إسرائيلrdquo; على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وآخرها الدعوة التي أطلقها ليبرمان علناً للتخلص منه، تعيد إنتاج حملة مشابهة طغت على المشهد ldquo;الإسرائيليrdquo; ضد الزعيم الراحل ياسر عرفات بعدما فشلت أمريكا وrdquo;إسرائيلrdquo; في فرض الاستسلام عليه في مفاوضات كامب ديفيد الثانية سنة 2000 .

كان عرفات قد حصل على جائزة نوبل للسلام لدوره في التوصّل إلى اتفاقيات أوسلو التي كان عرفات نفسه يعترف بأنها ldquo;مجحفةrdquo;، أي أنها تصبّ في مصلحة ldquo;إسرائيلrdquo;، لكنّه كان يأمل بأن تشكّل مقدّمة لإنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية، في حين عملت ldquo;إسرائيلrdquo;، عبر كل حكوماتها وأحزابها الرئيسة، لكي تجعل منها حلاً نهائياً يبقي فلسطين الوطن والأرض في قبضة المشروع الصهيوني، لينطلق منها كجسر تطبيع نحو العالم العربي وصولاً إلى ldquo;إسرائيل الكبرىrdquo; . وقد نجحت إلى حد ما في التغلغل في بعض الدول العربية على إيقاع ldquo;معزوفة السلامrdquo; التي سادت في تلك المرحلة، ومشاهد اللقاءات والمصافحات والصور التذكارية، قبل أن تعود العدوانية ldquo;الإسرائيليةrdquo; لتكشّر عن أنيابها وتعبّر عن نفسها بارتكاب المجازر في جنين ونابلس وغزة ولبنان، وتتنكّر لكل الاتفاقات الموقّعة .

ldquo;إسرائيلrdquo; واكبت تلك الحقبة وبثت سمومها في ثناياها، وكثّفت التحريض الإعلامي المرافق لحملات المستوى السياسي الذي رسم إزاء عرفات منحنى تصاعدياً بدأ بوصفه ldquo;غير ذي صلةrdquo;، ثم ldquo;ليس شريكاًrdquo;، قبل أن ترتفع النغمة عن دعمه لما يسمى ldquo;الإرهابrdquo; التي أتبعت بحصاره بعد تقليم المقاطعة والإبقاء على المكتب الخاص بالرئيس وغرفة نومه . نتذكّر حينها الكلام الذي نقل عن شاؤول موفاز عن ضرورة التخلص من عرفات، ونتذكّر نقاشاً بنفس العنوان بين رئيس حكومة ldquo;إسرائيلrdquo; وقتها أرييل شارون والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وصولاً إلى النهاية الدرامية المعروفة للزعيم الفلسطيني التاريخي، وقد تحدّث باحثون ldquo;إسرائيليونrdquo; عن مسؤولية ldquo;إسرائيلrdquo; في تلك النهاية المسمومة للرجل .

اليوم تكرر ldquo;إسرائيلrdquo; حملتها عبر ليبرمان الذي يخرج كل يوم وعبر وسائل إعلام مختلفة ومناسبات متنوعة، ليتّهم عباس بأنه ldquo;عقبة في طريق السلامrdquo;، وهذا كلام مفهوم بالنظر إلى ماهية السلام الذي يدور في ذهن زعيم حزب ترحيلي وصل إلى المنصب الدبلوماسي الأول في حكومة على مقاسه وأيديولوجيته ومرحلته التاريخية المتوائمة مع تواطؤ تشارك فيه جهات اقليمية ودولية كثيرة .

ليبرمان يقول إنه طالما عباس في منصبه فإنه لا يمكن التوصل إلى سلام . وهذا النص نفسه استخدم بحق الراحل عرفات . إذاً، هذه دعوة صريحة إلى التخلّص من الرجل، إذ يعرف ليبرمان وغيره في ldquo;إسرائيلrdquo; وما بعدها ووراءها، أن ldquo;إسرائيلrdquo; لا تستطيع أن تملي على الفلسطينيين من يقودهم أو يمثّلهم، وإذا لزم الأمر فإنهم يدافعون عن قيادتهم بكل السبل عندما يتعرّضون لحملة ldquo;إسرائيليةrdquo; عدوانية كهذه، وهذا ينطبق أيضاً على من يختلفون مع هذه القيادة وسياستها ويرفضون اتفاقاتها السياسية مع ldquo;إسرائيلrdquo;، لأن الاستهداف ldquo;الإسرائيليrdquo; يمس كرامة الشعب الفلسطيني الذي قدّم التضحيات وقاتل في كل الساحات لأجلها . ليس من أخلاقيات شعب مناضل حر أن يسمح للعدو بأن يستهدف قيادته مهما كان الاختلاف معها، والفلسطينيون قادرون على محاسبة أي كان بلا أي تدخّل، وبخاصة من ldquo;إسرائيلrdquo; .