خليل علي حيدر
ما إن أطيح بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي إثر الثورة الشعبية أو الانتفاضة الجماهيرية، حتى امتلأت الصحافة العربية ومنها الكويتية بمقالات لا تحصى، يعبر فيها الكثيرون، ومنهم الكتاب الإسلاميون، عن فرحتهم برحيل نظام القمع وتحرر الشعب التونسي، وصاروا فجأة يمجدون الديموقراطية وحرية الرأي والتعددية، ويهاجمون دولة الحزب الواحد!.
هل سيستمر حماس الإسلاميين للحرية والتعددية، حتى إن هيمنت الأحزاب الإسلامية على حياة تونس السياسية، وتم تطبيق القوانين المكبلة للحريات، وفرضت السياسات التعليمية والإعلامية laquo;المعروفةraquo;؟!
د.وليد الطبطبائي مثلا، الذي جمع بين الإيمان بالسلفية المتشددة، ونظام طالبان في أفغانستان، والديموقراطية الكويتية، كتب يؤيد الثورة ويهاجم طاغية تونس laquo;الذي لم يفهم شعبهraquo;.
قال، laquo;ما أغبى الحكومات التي لا تفهم شعوبها أو لا تريد أن تفهمهم. وما أغبى الحكومات التي تنشئ إعلاماً منافقاً يدبج لها الأكاذيب فإذا هي أول من يصدق أكاذيبها، وما أجهل الحكومات التي تظن أن وحش الفساد حليف لها وضمانة لها في الحكم، وما أحمق الحكومات التي تظن صمت الشعب قبولاً وولاء وأن صبره الطويل طاعة وتسليماraquo;.
واختتم laquo;لله دركم أحرار تونس، لقد ضربتم المثل وأرعبتم أنظمة الاستبداد في عالمنا العربي، فلا نامت أعين الطواغيتraquo;.
وهل طبق د.الطبطبائي مسطرته الديموقراطية على laquo;نظام طالبانraquo;، يوم خنق الأفغان، ومنع تعليم النساء، وصادر حرية كل التيارات، ولم نسمع بأي مجالس أو انتخابات أو صحافة أو دستور في كابل وقندهار؟!
ثم ألا تستحق جرائم طالبان منذ أن سقط نظامهم، وكل هذه التفجيرات وحرق مدارس البنات، واغتيال المدرسات والناظرات، وتشويه وجوه السيدات بالأحماض، وقتل الأبرياء، أي كلمة من كاتب صحافي ونائب في البرلمان ومناصر للدستور في الكويت وداعية للقيم السلفية؟!
الزميل الداعية laquo;نبيل العوضيraquo; كتب مقالاً عن ثورة تونس، الوطن 2011/1/16، ما كان للأديب الشهير فولتير أن يكتب أفضل منه في مآل الطغاة ومصير البغاة، قال laquo;الطغيان مهما علا وتجبر إلا أنه سينكسر يوما وسيوطأ بأقدام الشرفاء حتماً، والليل مهما طال فسينجلي بفجر صادق.. إن الشعوب الحرة قد يسكتها الطواغيت فترة من الزمن وقد يرهبها الجبابرة بالحديد والنار، ولكنها ستنطق بالحق يوماً وستقوم بدفع الظلم وستكون ردة الفعل متناسبة مع فترة القهر والظلم وشدته والشعب سيكسر القيد يوماً ولو طالraquo;، وسفّه الداعية من يظن laquo;أن الملوك دائمونraquo;، وأنهم على كراسيهم مخلدون.
وقال إن laquo;العالم اليوم تغير وباتت التكنولوجيا بيد الجميعraquo;، وانتقد المفاهيم السلفية المعروفة قائلا، laquo;هناك علماء ومشايخ سوء كانوا حول السلطة - في تونس- عقوداً من الزمن، يحلون لهم الحرام ويفتون بوجوب طاعتهم، زين العابدين هو ولي الأمر الذي لا تجوز معصيتهraquo;، ولكنه وهو الحريص على القرآن والسنة، لم يقل لنا ماذا نفعل بكل النصوص الدينية والأحاديث الصحيحة في دعم الموقف الشرعي لهؤلاء العلماء والمشايخ، فالداعية العوضي يريد أن يجمع بين الحكم الشرعي والحكم الثوري، دون أن يشرح للقارئ كيف ولماذا!.
يمجد الزميل العوضي التغيير وlaquo;أن العالم اليوم تغيرraquo;، وlaquo;أن التكنولوجيا باتت بيد الجميعraquo;.
هل سيتحمل الإسلاميون هذه المستجدات وثورة المعلومات وحرية الفكر والاعتراض والنقاش؟
لننتظر الأيام!










التعليقات