سالم بن أحمد سحاب
ويقولون إن بعض الاحزاب يتربصون بالسلطة يريدون انتزاعها والاحتفاظ بها إلى الأبد في كل من مصر و تونس. وثبت أن ذلك كله غير صحيح، فلا هم تربصوا بالسلطة، ولا هم حتى قاوموا الظلم الذي لحقهم بعنف أو قتال طوال 3 عقود أو أكثر.
في تونس، كانوا متفرجين يتأملون قدر الله يجري أمامهم على يد شاب اسمه محمد البوعزيزي. لم يسارعوا إلى محاولة استغلال الحدث، فاعترف احدهم من منفاه في بريطانيا بأنه لا ناقة لهم ولا جمل، وأن الشباب كانوا وقود الحرية وشعلة التغيير وقدر الله في أرضه لاقتلاع النظام البائد.
وفي القاهرة قالوا الشئ نفسه، فلا هم حرّكوا شارعا ولا أعلنوا احتجاجا، بل كانوا شباب 6 أبريل، وهؤلاء من الاحزاب والتيارات براء. ومع كل هذه المطالبات بتغيير النظام وإجراء انتخابات رئاسية خلال شهور قليلة، صرح قادة تلك الاحزاب أن لا نية لهم للمنافسة على الرئاسة، ولا حتى للمشاركة في وزارة.
هذه الاسطوانات المشروخة التي كانت ولا تزال ترددها بعض الأنظمة الجمهورية العربية انطلت على كثير من الطيبين، فآثروا عورات تلك الأنظمة البائسة بصفتها الخيار الأفضل مقارنة بأي نظام آخر قد يقوده تيار معتدل، مع أن أجندة كل التيارات المعتدلة كانت تندد بالاستبداد بصفته عدوهم الأول، وكانت ترى في محاربة الفساد هدفهم الأول.
كل التيارات المعتدلة ترى أن الأصل في العملية السياسية هو تداول السلطة تحت مظلة من التشريعات والقوانين التي تؤصل لمبادئ النزاهة والشفافية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، بعيدا عن التزوير والتلفيق والبلطجة. وهي بلا شك مطالب كل التيارات الصادقة المحبة لأوطانها المؤمنة بحق شعوبها في اختيار ممثليها ومسؤوليها.
وفي تركيا المسلمة، وصل نموذج للتيار المعتدل إلى سدة السلطة ومقعدي رئاسة الدولة والحكومة، ومع ذلك ما سمعنا عن عزم هذا النموذج على إلغاء العملية السياسية الديموقراطية، ولا رأيناه أقدم على تزوير الانتخابات. ولكنا سمعنا عن ثقة غالبية الشعب فيه لأنه قدم لهم ما لم تفعله حكومات سابقة على مدى 80 عاما أو تزيد.
التعليقات