صالح عبدالرحمن المانع

تحفل الصحف الإسرائيلية هذه الأيام بالحديث عن حرب مقبلة قد تتم في سبتمبر المقبل ضد إيران، عبر ضربات جوية متتالية على مواقع نووية إيرانية. وقد أشعل هذا النقاش الجنرال المتقاعد (مائير داغان)، رئيس الموساد السابق، الذي ذكر في تصريح له بأنه لا يثق برئيس الوزراء نتنياهو، وحليفه في السلطة، أيهود باراك. ووصل الأمر ببعض الصحافيين الإسرائيليين مثل (امير أورين) إلى كتابة مقال في صحيفة (هآارتس) يتحدث فيه عن قيام لجنة تحقيق إسرائيلية بعد انتهاء تلك الحرب، للتحقيق في مسبباتها ونتائجها.
وقد جاءت تصريحات داغان في أعقاب إحالة عدد من القادة العسكريين والأمنيين الإسرائيليين هذا العام إلى التقاعد، ومنهم رئيس الأركان السابق (جابي اشكنازي) ورئيس الشين بيت (شاباك) يوفال ديسكين. وهم حسبما يورده المعلقون الإسرائيليون قد وقفوا حجر عثرة في وجه نتنياهو لعدم قيامه بحرب أحادية ضد المنشآت النووية الإيرانية، إلا بموافقة ومباركة أمريكية وأوروبية. وهي الموافقة التي لم تتحقق للإسرائيليين حتى الآن.
ويذهب رئيس الموساد السابق إلى أن الطريقة المثلى للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني هو القيام بأعمال تخريبية ضد هذا البرنامج، مثل زرع البرامج التجسسية والفيروسات في أجهزة الحاسب المشغلة لهذه المنشآت، واستهداف علماء الذرة الإيرانيين، وغيرها من الأعمال التخريبية ضد الأهداف الاستراتيجية الإيرانية.
لذلك، فإن طهران تحاول جاهدة إشعار إسرائيل بأنها يمكن أن تفتح جبهة جنوبية عسكرية ضدها، إن هي أقدمت على ضرب مفاعلات طهران.
لذا، فليس من المستغرب إرسال إيران ثلاث غواصات إلى البحر الأحمر لاستعراض قواتها البحرية التي تدعي أنها قد أصبحت قوة زرقاء عابرة للبحار الإقليمية المحيطة بها.
وبالرغم من كل ملامح التوتر القادم بين طهران وتل أبيب، إلا أن هناك خطوطا خلفية للتفاهم بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني. ولن يكون مقتل المليونير الإسرائيلي (سامي عوفر) كافيا لوقف مثل هذا التعاون السري. فعوفر وغيره قد استفادوا من الحظر الاقتصادي المفروض على إيران، وقاموا عبر وسطاء وقنوات متعددة مثل سنغافورة وغيرها ببيع إيران بعضا من السفن وناقلات النفط.
ولقد جاءت فضيحة (عوفر جيت) بعد مرور حوالى خمسة وعشرين عاما على حدوث (إيران جيت). وفي كلتا الحالتين، حاولت إيران أن تمد يدها إلى وسطاء وشركات إسرائيلية مقابل أرباح طائلة لهذه الشركات، وأن تخترق الحظر المفروض عليها من قبل الدول الكبرى.
منطق الحرب ومنطق التجارة في صراع دائم، وفي الحالة الإسرائيلية يتغلب معظم الأحيان منطق الحرب على منطق التجارة.