laquo;مجلس الشعب الذي سيقرّه لا يمثل الأطياف السورية ولا يمتلك في معظم مكوّناته الشرعيةraquo;

دمشق - جانبلات شكاي
انتقد المفكر والسياسي المعارض طيب تيزيني مشروع قانون الأحزاب الذي أقرته الحكومة السورية، ليل أول من أمس، معتبرا أنه laquo;لن يحظى بقبول الجميع لأنه لم يوضع بناء على مشاركة فاعلة من كل الأطراف السياسية والقانونية والثقافية في سوريةraquo;، مشككا في الوقت نفسه laquo;بمشروعيةraquo; مجلس الشعب الذي سيقر هذا القانون وغيره لاحقا.
وعبر في لقاء خاص مع laquo;الرايraquo; عن تمنيه laquo;بتوفر الفرصة لتغليب الحل السياسي على الأمنيraquo;. وقال laquo;ثمة بعض إشارات إلى هذا الأمر لكن استمرار الحل الأمني يحول دون استكمال فكرة التفاؤلraquo;، مشددا على أنه لن يشارك في مؤتمر الحوار الوطني إذا لم يتم وقف الرصاص والعنف وإطلاق كل المعتلقين السياسيين والرأي والضمير، كما أنه لن يشارك في مؤتمر للمعارضة على غرار laquo;مؤتمر سميراميسraquo; لأنه laquo;لم يكن موفقا هذا وكان حالة غير راقية وغير ناضجةraquo;. وفي ما يلي نص اللقاء:
bull; ما أبرز ملاحظاتك على مشروع قانون الأحزاب الذي أقرته الحكومة السورية؟
- هذا القانون الذي صدر أتى من دون تحقيق الشروط الأساسية أي من دون تحقيق وجود لجنة سياسية قانونية تضع مثل هذا الأمر بعد التشاور في شأنه وحوله وحول شروطه ومن هم الذين سيكونون منضوين تحت لوائه. إن قانونا للأحزاب لا يمكن أن يتم ويقبل به الجميع إلا إذا كان مر: أولا بالمشاركة الفاعلة من كل الأطراف السياسية والقانونية والثقافية في سورية بالنظر فيه. وثانيا فإن القانون الذي على مجلس الشعب الحالي أن يوافق أو لا يوافق عليه هو مجلس لا يمثل الأطياف السياسية في سورية ولا يمثل معظمها بل إن معظم أعضاء المجلس في ظني لا يمتلكون الشرعية لأن بعضهم وصلوا إلى المجلس ليس عن طريق قانوني سياسي ديموقراطي.
bull; ألا يمكن لمؤتمر الحوار الوطني أن يعيد النظر بقوانين الإعلام والأحزاب والانتخابات وحتى الدستور كما أعلن الرئيس بشار الأسد سابقا؟
- أنا انطلق من مفهوم المصداقية السياسية والمجلس المذكور لا يملك في معظم مكوناته هذه الشرعية السياسية والقانونية، لأني أعرف شخصيا كثيرين منه أتوا من دون أن يمتلكوا مثل هذه الشرعية، وثانيا فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون من كل الأطياف، فلماذا تنوط الأمور باثنين أو ثلاثة أو مؤسسة واحدة والآخرون موجودون، فعقلنة العمل وتحويله إلى حالة علمية ذات شفافية خالصة يجب أن يكون نتيجة عمل مكثف وخاضع لرؤية ديموقراطية نقدية وهذا ليس فقط إقلالا من الوقت الذي سيهدر وإنما ضبط لآليات العمل وشروطه من قبل من هم معنيون بذلك.
bull; ألا تعتقد إذا انه توجد فرصة لإعادة النظر بهذا القانون وغيره في مؤتمر الحوار في حال مشاركتكم فيه؟
- ربما، لكن مؤتمر الحوار الذي سيأتي ليس معنيا بالضبط بهذه القوانين التي تحتاج وجود اختصاصين، وأرى أن الحديث عن قانون للأحزاب وآخر للإعلام لا يحتاج فقط إلى مجموعات موجودة الآن وإنما يحتاج إلى مجموعة قائمة على شرطين أولا التخصص العميق الدقيق في ما هو قائم وثانيا الشفافية السياسية والأخلاقية، وهذا إن وجد سيقوم بالخطوة الأولى وهو طرح مشروع لهذه القوانين المفترضة التي ستناقش لاحقا في مثل ذلك المؤتمر. أي هناك ضوابط لايمكن الخروج عنها وهي تمثل جزءا من المادة المعنية نفسها فلا يأتي واحد من خارج السرب والآخرون المعنيون خارج العمل، فمن أجل أن يكون العمل دقيقا وخاليا من أخطاء كبرى يجب من البدء أن يكون الجميع وهنا تكمن المصداقية.
bull; هل تعتقد أن إقرار الحكومة لمشروع قانون الأحزاب هو أحد ثمار اللقاء التشاوري؟
- هذا اللقاء الذي تم هو بالأصل ليس قانونيا بمعنى أنه أنجز المسألة ودفع بها إلى التنفيذ ثم إلى الإقرار الدستوري، وإنما كان حوارا بين أطراف غير مكتملين، وطرف السلطة كان هو الأساس والمهيمن إضافة إلى آخرين موجدين، وبالتالي فإن إقرار الحكومة لمشروع قانون الأحزاب افتقد أولا الإجماع الوطني، وثانيا ما حور فيه حول هذا القانون إنما كان بدايات أولية تقتضي توسعا وتعمقا في دراسته بالاعتبارين القانوني والسياسي، وهذا ما لم يتم بعد، ويمكن سحب هذه الفكرة على كل القوانين التي ينبغي إعادة النظر بها مثل قانون الإعلام فالأمر لا يأتي من مجموعة أو أخرى غالبيتها في السلطة بل وأحيانا كلها، ولهذا لابد من إعادة النظر بالمسألة من حيث هي.
لقد قلت في اللقاء التشاوري أن أول خطوة في سبيل إخراج مثل هذه القوانين تتأسس على تأسيس لجان شرعية بصورة دقيقة تناط بها هذه المهمات، وشرعية اللجان تعني أن تكون لجنة محايدة لا طرف يهيمن فيها على الأطراف الأخرى ويكون تأسيسها قائما على أيدي متعددة أو قائما على نشاط كل من يعنيهم الأمر في سورية أي بمشاركة كل الفرقاء الوطنيون الذي يجب أن يكونوا ضمن تشكيل اللجنة وثانيا في مناقشتها وثالثا في استنباط نتائجها وتحويلها إلى حالة قابلة للتنفيذ.
bull; كيف تقييم ما حدث وما نتج عن اللقاء التشاوري؟
- إنها بداية قد تكون مناسبة للدخول في مناقشات جديدة مكثفة ومخصصة ينتقل منها إلى مجالات أخرى يشترك فيها مختصون بالدراسات الاجتماعية والسياسية والقانونية والاقتصادية وغير ذلك، وبالتالي فإن ما خرج به اللقاء هو جانب منه ليس بالقليل إيجابي ولكنه يظل بداية للموقف.
bull; ماذا عن اللقاءات التي جمعت بين نائب الرئيس فاروق الشرع وعدد من المثقفين المعارضين منهم أنت شخصيا وميشال كيلو وعارف دليلة وغيرهم كما ذكرت صحيفة laquo;الوطنraquo;؟
- للأسف بعدما التقيت الأستاذ النائب في سياق أعمال النائب لم ألتقيه لاحقا إلا بصورة متوسطة، يعني لم يكن لقاء مباشرا ومخصصا لمناقشة مجموعة من المسائل مع الإشارة إلى أن مواعيد أخرى ربما تكون الآن جاهزة لتؤسس لمثل هذا اللقاءات، وبالتالي فإن ما نشرته صحيفة laquo;الوطنraquo; ليس دقيقا كثيرا بل هناك شيء من هذا القبيل لكنه ظل طرفا لم يوضع في سياق المسألة كلها.
bull; هل ستشارك في مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده لاحقا؟
- إنه مؤتمر يراد له أن يأخذ صيغة محددة هي التالية: المؤتمر الدائم للحوار الوطني الديموقراطي، وهذه الصيغة حين أعلن عنها في سياق اللقاء التشاوري السابق أعلنت بشكل واضح أني لن أشارك في مؤتمر آخر إذا لم تتحقق شروط أولية وهي: أولا أن يتوقف استخدام العنف والرصاص بصورة مطلقة في سورية لأن الرصاص حرام على كل سوري، ولقد قدمت هذا الاقتراح ولم يؤخذ به. والشرط الثاني كان أن تأتي اللجنة الجديدة نتيجة لكل جهود المعنيين بالحوار الوطني الديموقراطي، أي أن لا يكون هناك طرف واحد كائنا من كان مهيمنا على اللجنة. والشرط الثالث أن تتم بث كل ما يجري في المؤتمر على الهواء مباشرة كي يتعرف الشعب ما يحدث في ردهات هذا المؤتمر، والحقيقة بث جزء من اللقاء التشاوري (الجلسة الافتتاحية) ولكن الجسم الأعظم مما قدم لم يجر بثه. اما الشرط الرابع فهو أنه لا يمكن لأي حوار أن يتم من دون الإفراج عن كل السجناء من الاتجاهات الثلاثة السياسيين والرأي والضمير وهذا لم يبدأ تحقيقه حتى الآن على الأقل ولا أدري إن كان ذلك سيأتي لاحقا على الأقل، حيث إنني في تلك اللحظة سأشارك وربما سيشارك آخرون كثيرون مثلي، أما من دون الأخذ بتلك المسائل فأجد نفسي غير معني بما سيأتي.
bull; هناك حديث عن مؤتمر ثاني للمعارضة حصرا على غرار ما تم في فندق سميراميس، هل ستشارك فيه؟
كما حدث في صيغته السابقة لم يكن موفقا هذا المؤتمر وكان حالة غير راقية وغير ناضجة لمؤتمر وطني ديموقراطي يتم بأجندات واضحة ودقيقة ومعدة من قبل الأطرف كلها، وبالتالي كان غير موفق وأنا لا أتمنى أن يأتي مؤتمر آخر على هذه الشاكلة، وذلك لا يعني ألا أدعو إلى مؤتمرات المعارضة وإنما أدعو في الداخل قبل الخارج مع أن السلطة للأسف تحول غالبا من دون تحقيق ذلك.
bull; ماذا عن تصريحك السابق بعد انتهاء أعمال اللقاء التشاوري، بأنك تمنح مدة زمنية محددة (3 أيام) لترى إن كانت نتائج اللقاء جدية أم لا؟
- حتى الآن لا أرى جديدا منذ انتهاء هذا المؤتمر ولكني أسمع أقوالا بإمكانية صدور مشاريع قوانين أو قوانين الآن أو في فترة أخرى ولكن على الأرض لا أجد شيئا وإنما استمرار ما طالبت بإنهائه بالتزامن مع بداية اللقاء التشاوري أي وقف العنف المسلح، فلا هذا حدث ولا خطوات أخرى حدثت.
bull; هل تعتقد أن الفرصة مازالت موجودة لتغليب الحلي السياسي على الأمني؟
- أتمنى أن يكون ذلك محتملا، وثمة هناك بعض إشارات إلى هذا الأمر ولكن استمرار الحل الأمني يحول دون استكمال فكرة التفاؤل وحتى الآن هناك مظاهر مسلحة كالدبابات ثم بعض الأعمال العنفية التي تتم هنا وهناك بما يحول دون السير بهدوء ورصانة وشفافية في الطريق إلى الحل السلمي، وكنت أتمنى أن يكون هناك من يدرك خطورة ذلك في سورية وربما افترض أن هنالك حلين الامني والسياسي وكلاهما يدافع عنه فريق ولا أدري إن كان هذا الافتراض صحيحا أم أن ذلك يأتي في صيغة الاضطراب القائم حاليا في البلد.