جهاد الخازن

تخوض حكومة إسرائيل الفاشستية حرباً ضد إيران في الولايات المتحدة، وثمة حملة منظمة حسنة التمويل يقودها لوبي إسرائيل والمحافظون الجدد ومواقع الليكوديين الأميركيين لدفع الولايات المتحدة نحو حرب مع بلد يبعد عنها عشرة آلاف كيلومتر، ولا خلاف بينهما على أرض محتلة أو بئر نفط متنازع عليها. والاستخبارات الأميركية زعمت قبل أيام أن إيران قد تقف وراء عمليات إرهابية في الخارج ربما كان بعضها داخل الولايات المتحدة نفسها.

إذا عجزت عصابة إسرائيل في واشنطن عن دفع الولايات المتحدة إلى حرب أسبابها من مستوى تزييف أسباب غزو العراق، فهي قد تهاجم بنفسها المنشآت النووية الإيرانية، وفي تقديرها أن الأضرار من رد الفعل الإيراني ستكون محدودة ولا تقاس شيئاً بخطر امتلاك إيران القنبلة النووية. والمرشد آية الله خامنئي يهدد برد مزلزل ثم أننا نسمع عن ضربة إسرائيلية في الربيع ويدا باراك أوباما مكبلتان بسبب الانتخابات الأميركية فلا يستطيع معارضة شيء تفعله إسرائيل بل قد يؤيده علناً دفعاً لشر اللوبي إياه.

حرب إسرائيل على إيران تظل الخيار الثاني، فمجرمو الحرب الأميركيون الذين لم يحاسَبوا على قتل ألوف من شباب أميركا في حروب أسبابها إسرائيلية ونفطية، لا يزالون يفضلون أن يضحّوا بشباب أميركا في حروب إسرائيل، والبليونير شيلدون ادلسون الذي صنع ثروته في كازينوات القمار يموّل جماعات متطرفة تهاجم معارضي الحرب، وتتهمهم باللاسامية لمجرد أن يقولوا عن دعاة الحرب أنهم من أتباع laquo;إسرائيل أولاًraquo;.

هي أولاً وأخيراً للمشترعين الأميركيين الذين اشتراهم لوبي إسرائيل (اقرأوا رأي توماس فريدمان في مقال نشرته laquo;نيويورك تايمزraquo; في 13/12/2011 عنوانه laquo;نيوت، مِيت، بيبي وفلاديميرraquo;)، والانتصار لها شعار المرشحين الجمهوريين للرئاسة الأميركية باستثناء الطبيب رون بول. وكان ادلسون أنقذ حملة نيوت غينغريتش بضخ بلايين الدولارات فيها بعد أن قال هذا المرشح الفضيحة أن الشعب الفلسطيني laquo;مختَرَعraquo;، وادلسون الآن وراء دعاة حرب أميركية على إيران نيابة عن إسرائيل، والى درجة أن laquo;هآرتزraquo; الإسرائيلية شكت في مقال لها هذا الأسبوع من أضرار تأييد إسرائيل بلا قيد أو شرط.

أرجّح أن يرفض الرئيس باراك أوباما إقحام بلاده في حرب مع إيران، فهو لو فعل لخسر ما بقي من القاعدة التي جاءت به إلى الحكم، والإسرائيليون يعرفون هذا لذلك يواصلون الحملات عليه على رغم تصريحاته المتكررة عن laquo;العلاقة التي لا تُفصمraquo; مع إسرائيل.

حكومة إسرائيل بدأت تعد الأجواء لتبرير ضرب المنشآت النووية الإيرانية مع أن لا دليل إطلاقاً على أن إيران تملك القدرة لإنتاج قنبلة نووية، أو تسعى إلى ذلك فعلاً. وتقرير مفتشي الأمم المتحدة الذين زاروا المنشآت النووية الإيرانية الأسبوع الماضي لم يحسم الموضوع والجدال حوله، لذلك اتهموا في الغرب فوراً بالفشل.

سمعت وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك يحذر في دافوس من خطر قنبلة نووية إيرانية على استقرار العالم كله. وهو كان قال لراديو إسرائيل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن الحرب ليست نزهة، ولكن إذا اضطرت إسرائيل إليها فالنتائج يمكن تحملها ولن يُقتل مئة ألف إسرائيلي، أو عشرة آلاف، أو حتى ألف، في المواجهة.

ونقل ايثان برونر، مراسل laquo;نيويورك تايمزraquo; عن مسؤولين إسرائيليين آخرين، وعن دُور بحث، معلومات تقلل من خطر الحرب. ومثلاً نشر مركز بيغن ndash; السادات دراسة تقول إن عند إيران 400 صاروخ، وحزب الله أطلق أربعة آلاف صاروخ في حرب صيف 2006 أوقعت أضراراً بسيطة.

أقول إننا في 2012، ورئيس الاستخبارات المصرية السابق عمر سليمان قال لي إن الأميركيين والإسرائيليين يقولون للمصريين إن عند حزب الله حوالى 20 ألف صاروخ مداها كذا وكذا. وشكك اللواء سليمان في هذه المعلومات وقال إنه قد يكون في حوزة حزب الله 30 ألف صاروخ أو أكثر، وقد يكون مداها أبعد. وأقول أنا إن حزب الله قادر على ضرب مصفاة حيفا والوصول إلى ديمونا، ولا دفاع ضد صواريخه لقرب المسافة التي يجتازها الصاروخ في ثوانٍ. وأزيد أن حزب الله سيضرب إسرائيل قبل أن تصل الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها بعد أول غارة لها داخل إيران، ثم أسجل أن عصابة الحرب في الحكومة الإسرائيلية، وكلها عصابة جريمة، أصلاً تعرف هذه المعلومات جيداً.

هي تعرف أيضاً أن الحرب ستفيض عن حدود إيران إلى المنطقة كلها، وقد يُغلق مضيق هرمز الذي يمر منه 90 في المئة من نفط الخليج والذي هددت إيران بإغلاقه من دون حرب، لذلك فحكومة إسرائيل ومجرمو الحرب من أنصارها في الولايات المتحدة يريدون أن تدفع أميركا فاتورة جرائم إسرائيل.

أين العرب من كل هذا؟ لم أذكرهم لأنهم ليسوا في العير ولا في النفير، وهي عبارة تراثية يعرفونها لأنهم عادوا ليعيشوا في عصور الظلام بعد أن أناروا العالم يوماً.