تنتشر ظاهرة التحرش الجنسي العلني بالنساء في مصر إلى درجة حضّت الشباب المصري إلى حراسة النساء في المرافق العامة، ودفعت كاتبًا مصريًا إلى الدعوة لتوسّل الجرأة في معالجتها، من خلال إتاحة ممارسة الجنس.


إيلاف:
بينت دراسة ميدانية أجريت في مصر في العام 2010 انتشار آفة التحرّش الجنسي العلني بالنساء، إذ قالت 84 في المئة من النساء المشاركات في الدراسة إنهن تعرضن للتحرّش الجنسي في الشارع، وأعلنت 46 في المئة منهن أنهن يتعرضن للتحرّش كل يوم، بينما اعترف ثلثا الرجال الذين طالهم المسح أنّهم تحرّشوا بالنساء.
وإلى هذه الآفة تحديداً يردّ تسفي برئيل، المحلل السياسي الإسرائيلي، المتخصص في الشؤون المصرية في صحيفة هآرتس، القلق في الشارع المصري، وليس إلى السعي الدؤوب إلى تحصيل لقمة العيش أو إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الأسواق المصرية، وذلك في مقالة له في صحيفة القدس العربي اللندنية.
وقد أتى رأي برئيل في إشارته إلى مقالة كتبها مجدي جلاد، محرر صحيفة الوطن المصرية الجديدة، تناول فيها قصة زوجة صديق له عانت كثيراً من تعرّضها للتحرّش الجنسي.
رسالة إلى الرئيس
ويروي الجلاد في مقالته ما ورد على لسان المرأة: quot;الموضوع أكبر بكثير من مجرد التقدّم بشكوى قضائية. فالدولة مسؤولة عن شرف المواطن. والتحرّش الجنسي ليس أمرًا جديدًا في مصر، والكل يعرف بأن هذه الآفة تتفشى سريعاً وتتزايد. فهل فعل أحد ما شيئًا؟ هل عرض الرئيس الجديد علينا ماذا يوشك أن يفعله بالجريمة التي يقتل فيها شرف البنات في الشوارع؟quot;.
وتابعت المرأة تقول: quot;أريد أن تصل رسالتي الى محمد مرسي. أنت يا سيدي الرئيس مسؤولٌ عنا جميعًا أمام الله. أنا وكل مواطنة مصرية في مقام ابنتك شيماء. احمِ شيماء من كلاب الشارع وإلا فاننا جميعًا سنكره مصر. سنأتي الى القصر الرئاسي ونهتف عاليًا أمام محمد مرسي: لماذا لا تحمينا كما تحمي ابنتك؟quot;.
وكانت الأجهزة الأمنية المصرية شنت حملات تفتيش واسعة لمواجهة ظاهرة التعرض للإناث خلال أيام عيد الفطر المنصرم. واستهدفت الحملات مواجهة ظاهرة التعرض للإناث في مناطق التجمعات والمتنزهات، وذلك في إطار خطة معدة سلفًا للتصدي لهذه الظاهرة، أسفرت عن ضبط 24 واقعة في أول أيام العيد، و78 واقعة في اليوم الثاني، و32 واقعة في اليوم الثالث. كما تشهد مصر اليوم ظاهرة مثيرة للاهتمام، إذ يقوم شبان بتنظيم دوريات حراسة في محطات المترو وحافلات النقل العام لحماية النساء من التحرش الجنسي. وتقول نهال زغلول من جمعية (بسمة) إن quot;الوضع وصل الى أن نصف الجمهور المصري، أي النساء، يخشى النصف الثاني، الرجالquot;.
طقس اجتماعي
وفي رحلة البحث عن حلول مجتمعية جذرية لهذه الظاهرة، دعا أحمد سمير في مقالة له منشورة في المصري اليوم الى توسّل بعض الجرأة في معالجة هذه المسألة، كوقف الشباب عن التحرّش... من خلال إتاحة حق ممارسة الجنس، قائلًا إن هذه الممارسة quot;طقس اجتماعي يتم بين الذكر والأنثى، يؤكد من مارسوه أنه ممتعquot;.
ويستذكر سمير إعلان حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1948 الذي يقول إن الرجال والنساء الذين يتجاوزون سن البلوغ لهم كل الحق في التزاوج وتكوين الأسر دون أي منع خارجي أو إجبار. كما يذكّر بأنّ ممارسة الجنس في الاسلام تعدّ تقرّبًا إلى الله، موردًا الحديث الشريف: quot;قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ، قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزْرٌ، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرquot;.
وفي مقالته، يقسم سمير المجتمعات الانسانية إلى ثلاثة: مجتمعات تمارس الجنس داخل إطار مؤسسة الزواج، ومجتمعات تمارسه خارج إطار مؤسسة الزواج، ومجتمعات لا تمارسه أصلًا. يقول: quot;وهذه الأخيرة هي مجتمعاتنا نحنquot;. لذا، يرى الحل كامنًا في quot;إتاحة الحق البشري الطبيعي، طالما أننا نعتبر الشباب خطرًا علينا لأنهم يتحرّشون بفتياتنا، ونعتبر البنات مصدر قلق لأنهن يبحثن عن حقهن في السكن والائتناس إلى ولدquot;. ومثلما سادت قبل قرن فكرة الزواج المبكر وكانت الفتاة المصرية التي تتجاوز العشرين دون زواج تعد عانسًا، فإن في دول متقدمة اليوم، كالولايات المتحدة وأوروبا، تستقل الفتاة عن أسرتها وتمارس الجنس بشكل طبيعي بعد حفلة التخرج من المدرسة وهي في السادسة عشرة.
حجاب غير شرعي
على الضفة الأخرى من المجتمع المصري، ينتقد الكاتب علي صلاح افكار العلمانيين الذين يرون أن التحرش لا يفرق بين محجبة وسافرة. يقول: quot;هو بهتان كبير، خصوصًا أن الكثير من الفتيات اللواتي يعتبرهن العلمانيون محجبات هن أبعد ما يكنّ عن الحجاب الصحيح؛ فارتداء الملابس الضيقة حتى لو غطت الجسم كله، ووضع مساحيق التجميل على الوجه وظهور أجزاء من شعر الرأس، كما هو حال الكثير من الفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش، ليس حجابًا شرعيًاquot;.
وفي هذا السياق، يشير برئيل إلى أن quot;ثلثي الرجال الذين يتحرشون بالنساء في مصر اعترفوا بأنهم يفعلون ذلك بسبب ملابس النساء المثيرةquot;.
والجدير ذكره هنا أن تداعيات التحرش الجنسي في مصر دعت الدكتور محمد البرادعي إلى الاعتذار علناً باسم الشعب من نساء مصر، على خلفية اعتداء مجهولين على نساء كن يشاركن في مسيرة في ميدان التحرير للتنديد بالتحرش الجنسي.