Andrew Hammond

بعد أسابيع من المشاحنات الحزبية، صادق الكونغرس في مرحلة متأخرة على اتفاق محدود يسمح للولايات المتحدة بتجنب quot;الهاوية الماليةquot;.
ينص ذلك الاتفاق التشريعي على تخفيض معظم الزيادات الضريبية الأميركية وتأخير التخفيضات في الوكالات الحكومية والوزارات الأميركية مثل البنتاغون اعتباراً من هذا الأسبوع. إنه انتصار جزئي للرئيس باراك أوباما، ولكن طبيعة المفاوضات الصعبة كانت بمنزلة تحذير أولي له: يبدو أن ولايته الرئاسية الثانية ستشهد تصاعد الانقسام السياسي وترسخ حالة الجمود في واشنطن.
سيحقق أوباما رغم ذلك بعض النجاحات الإضافية في سياسته الداخلية خلال السنوات الأربع المقبلة، لكن ستتراجع فرص تحقيق سلسلة من الانتصارات التشريعية الكبرى. يحافظ الجمهوريون الذين عارضوا أجندة أوباما خلال ولايته الأولى على سيطرتهم في مجلس النواب ولديهم أقلية مهمة في مجلس الشيوخ. إن تراجع إنتاجية أوباما خلال ولايته الثانية على مستوى السياسة الداخلية هو أمر مألوف بالنسبة إلى الرؤساء الذين يُعاد انتخابهم. خلال أول أربع سنوات في البيت الأبيض، ينجح الرؤساء في العادة في تحقيق جزء من أولوياتهم الأساسية (حقق أوباما النجاح في ملف إصلاح الرعاية الصحية ومشروع التحفيز المالي في عام 2009)، ولكنهم يُغفلون عن ذكر البنود الأساسية التي يفشلون في حشد الدعم لها.
تتعدد العوامل الرئيسة التي تفسر السبب الذي يصعب على الرؤساء الحصول على موافقة تشريعية لفرض تدابير مهمة جديدة خلال ولايتهم الثانية. أولاً، غالباً ما يكون الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض في موقع الفريق الأضعف في الكونغرس خلال الولاية الرئاسية الثانية. فقد أُعيد انتخاب دوايت أيزنهاور في عام 1956، وريتشارد نيكسون في عام 1972، وبيل كلينتون في عام 1996، بينما كان خصومهم الحزبيون يسيطرون على مجلس النواب ومجلس الشيوخ معاً.
ثانياً، يمكن أن تتأثر إنتاجية الرئيس خلال الولاية الثانية بسبب تغيير كبار الشخصيات، إذ لا يسهل دوماً تعيين شخصيات لها مكانة مرموقة مثل الشخصيات السابقة، وقد يحتاج فريق العمل الجديد إلى الوقت كي يواكب الوضع القائم.
ثالثاً، غالباً ما تواجه الإدارة في ولايتها الثانية فضائح عدة (مع أن الأحداث التي تؤدي إلى تلك الفضائح قد تقع خلال الولاية الأولى)، كما حصل في فضيحة quot;ووترغيتquot; وصفقة quot;إيرانndash; كونتراquot; وفضيحة quot;مونيكا لوينكسيquot;.
يجب أن ننتظر كي نرى ما إذا كانت إدارة أوباما ستشهد فضائح كبرى مماثلة، لكن يمارس بعض الجمهوريين في الكونغرس الضغوط على أوباما منذ الآن بسبب ما يعتبرونه quot;تستّرquot; فريقه على الأحداث المحيطة بمقتل المواطنين الأميركيين الأربعة في ليبيا، بمن فيهم السفير الأميركي، في شهر سبتمبر. حتى لو تجنب أوباما وإدارته الفضائح الكبرى، فهو لن يتمكن من تجنب عامل quot;الضعفquot; مع اقتراب نهاية عهده. بما أن الرئيس لا يستطيع الحكم لأكثر من ولايتين، سيتحول التركيز السياسي مجدداً على أمور لا تشمل شخص الرئيس، لا سيما بعد انتخابات الكونغرس في عام 2014، حين تبدأ الحملة الرئاسية لعام 2016.
يعني هذا السياق العام للسياسة المحلية أن أوباما، كأي رئيس آخر خلال ولايته الثانية في حقبة ما بعد الحرب، سيحوّل تركيزه نحو السياسة الخارجية. هذا الأمر محتمل جداً إذا تسارع التعافي الاقتصادي الأميركي في الأشهر المقبلة.


قد تصبح السياسة الخارجية نقطة تركيز قوية بالنسبة إلى أوباما بعد الانتخابات الإسرائيلية في 22 يناير، إذا أُعيد انتخاب بنيامين نتنياهو في منصب رئيس الوزراء وإذا صعد لهجته في الملف الإيراني. تبقى الضربة الصاروخية من تل أبيب، مع أو من دون دعم الولايات المتحدة، احتمالاً واقعياً. قد تطرح هذه المسألة مشاكل كبرى في وجه أوباما وقد تتطلب منه مهارة خاصة لإدارة الحكم نظراً إلى علاقته المتوترة مع نتنياهو.
سيتضح تركيز أوباما على السياسة الخارجية من خلال رغبته في إنشاء إرث مهم. لطالما اعتبر الرؤساء السابقون الذين أُعيد انتخابهم أن المبادرات الدولية أساسية لترسيخ ذلك الإرث، فقد حاول كلينتون مثلاً ضمان عقد اتفاق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. بعد 20 عاماً تقريباً، ومع استمرار الأزمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، من المتوقع أن يركز إرث أوباما على مناطق أخرى من العالم.
غداة انسحاب القوات الأميركية من العراق وخطة سحب الجنود من أفغانستان، يتابع أوباما توجيه سياسته نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
اتّضحت هذه النزعة، بعد أيام من إعادة انتخابه، حين قام برحلة إلى بورما وكمبوديا وتايلاند.
تشمل المخاطر الأساسية التي تلوح في الأفق وتهدد هذا التوجه السياسي الجديد احتمال تنفيذ اعتداءات إرهابية إضافية ضد الولايات المتحدة من جانب quot;القاعدةquot;، وارتفاع منسوب التوتر في الشرق الأوسط (قد يحصل ذلك نتيجة الصراع الإسرائيلي الإيراني)، وانهيار سورية. إذا تحقق أيٌّ من هذه السيناريوهات، سيتسع تركيز أوباما على السياسة الخارجية في السنوات المقبلة.