الياس الديري


تعددت الآراء والاستنتاجات التي قيلت في الخطاب الأخير للرئيس السوري بشار الأسد. إلا أن جميع الذين أدلوا بدلائهم وأفكارهم وتحليلاتهم، التقوا عند نقطة واحدة: عدم وجود خطة جديّة، أو قرار نهائي لدى الأسد بوضع حدّ فوري لهذا الجحيم.
أيّاً تكن التفسيرات والاجتهادات في هذا الصدد، فإن الخطاب بمجمله، وبأجوائه، لا يوحي أن البلد الذي تحوّل ساحات للقتل الجماعي والدمار الكارثي ذاهب في المدى المنظور إلى تفاهمات، أو توافقات، أو حلول سياسيّة توفّر المناخ والأجواء والأسباب المطلوبة لانتقال سوريا إلى نظام وحكم جديدين، ونقيضين للحكم القائم منذ ما يقارب نصف قرن.
والذي تنظر إليه الشرعية الدولية والمجتمع الدولي النظرة ذاتها التي أولتها للأنظمة المماثلة والحكام المشابهين الذين ذهب بهم quot;الربيع العربيquot; إلى حيث يعلم القاصي والداني.
حتى المجتمع الدولي الذي يتابع، إنما بارتباك وتردّد وأسف وقلق وصمت، ما تتعرّض له سوريا وشعبها على امتداد هذه الأشهر القاسية، يرى أنّ الوضع السوري انعطف في اتجاه من الصعب أو المستحيل الرجوع من رواسبه وذيوله بأساليب عاديّة.
وفي رأي آخر أن الرئيس السوري لا يزال يراهن على أمور غير واضحة، أو على خطط قد يجد عبرها مخرجاً معيّناً يبدّل الوضع الراهن ويعيد عقارب الزمن والأحداث إلى الوراء...
إزاء هذه البلبلة، وهذه العشوائيّة، وهذا الارتباك الدولي الصريح والفاقع، لا يتردّد مسؤولون كبار في الغرب والشرق في المجاهرة بالقول إن الثورة على النظام قد تواجه في الأيام المقبلة المزيد من الضغوط القتالية جواً وبراً، مما يشرّع الأبواب والحدود لدفعات متزايدة من النزوح هرباً من هذا الجحيم.
حتى في هذا المجال، ليس من السهل استباق الحركة الدوليّة التي قد تسلك أكثر من درب، وتلجأ إلى أكثر من وسيلة. فالخطاب الذي جاء بعد ستّة أشهر من الصمت، لم يكن مختلفاً عمّا سبقه من خطب مماثلة، لا في الجوهر، ولا في quot;برنامج الحلquot; الذي أصبح بعيداً جداً مما بلغته المعارك على مختلف الصعد.
صحيح أن بعض المراسلين والمتابعين قال بعد انتهاء الخطاب وداعاً للحلول السياسية، ولكل المساعي التي حملها الابرهيمي بخطوات متردّدة، إلا أنه لن يكون من اليسير التوغّل بعيداً في هذه المواجهة التي نادراً ما شهد الرأي العام الدولي أو المحلي ما يشبهها من حيث الخطورة، وجسامة النتائج، وفداحة الخسائر البشرية والمادية، ووطأة الدم الذي صبغ خريطة quot;بوابة التاريخquot; بحبر لا يُمحى.