شملان يوسف العيسى

يعقد مجلس الأمة الكويتي يوم الخميس المقبل جلسة خاصة لمناقشة quot;الخطر الإيرانيquot; على منطقة الخليج عموماً والكويت بشكل خاص في ضوء استمرار البرنامج النووي الإيراني والتهديدات الناجمة عن مفاعل بوشهر، فضلاً عن الحكم الصادر عن محكمة التمييز في قضية شبكة التجسس الإيرانية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض أعضاء مجلس الأمة والصحافة شنوا حملة ضد إيران مطالبين بقطع العلاقات معها.

مع كل احترامنا وتقديرنا للمجهود الطيب الذي يبذله أعضاء مجلس الأمة في جلستهم الخاصة بإيران، فإن المتغيرات في المنطقة والعالم جعلت من الصعب، أو من المستحيل الحد من تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة ما لم تتفق دول الخليج على استراتيجية موحدة لكيفية التعامل مع طهران، فدول الخليج حتى الآن غير متفقة على رؤية موحدة تجاه إيران.. فدولة قطر وسلطنة عمان لديهما رؤيتهما الخاصة بالنسبة للعلاقة مع إيران.. فيما دول الخليج الأخرى لديها تصور مختلف عن أشقائه.

ماذا يمكن لعرب الخليج فعله للحدِّ من تزايد النفوذ الإيراني، أو وضع حد للتحالفات الجديدة في المنطقة؟

علينا في الخليج أن نعي أن طهران قد نجحت في تطوير برامجها النووية وطورت قدرتها الصاروخية والتسلحية، على رغم كل العقوبات والعزلة الدولية عليها. وقد استخدمت طهران بمهارة فائقة دول الخليج كورقة مساومة مع الدول الغربية وأداة ضغط للضغط عليها، من خلال ابتزاز تلك الدول توطئة لحملها على إقناع الغرب بضرورة تغيير سياساته التصعيدية حيال إيران.

هنالك متغيرات جديدة لم يراعها مجلس الأمة ولا دول الخليج ولم تدرس أبعادها الاستراتيجية، وهي أن القوى السياسية الجديدة في دول quot;الربيع العربيquot; وتحديداً في مصر وتونس وليبيا، ليست ذات نزعة عربية قومية يمكن أن تدافع عن دول الخليج من منطلق عروبي قومي. القوى السياسية الجديدة في دول quot;الربيع العربيquot; وبعض دول الخليج، وتحديداً البحرين والكويت، لديها أجندات وأولويات إسلامية وليست عربية، فمغازلة القيادة المصرية لطهران وسكوت quot;إخوانquot; مصر عما يحدث في سويا لا يصب في النهاية في مصلحة دول الخليج.. دول quot;الربيع العربيquot; تريد توثيق علاقتها مع الدول الإسلامية غير العربية في الإقليم، وهي تحديداً تركيا وإيران.. لقد أصبحت طهران لاعباً أساسياً في النظام الإقليمي الجديد، واستطاعت تعزيز نفوذها في العراق وسوريا وquot;حزب اللهquot; في لبنان وحركة quot;حماسquot; في غزة في اتخاذها سياسة التشدد والممانعة ورفض التعامل مع إسرائيل، وبذلك أصبحت طهران لاعباً أساسياً إقليمياً قوياً يتحكم في قضية الحرب والسلام في المنطقة.

ماذا عن المستقبل وعلاقتنا مع إيران؟ إن الحرب الأهلية الدامية في سوريا حولت الصراع من صراع حول الديمقراطية والإصلاح والتغيير إلى صراع طائفي (سني - شيعي) وهذا خلق لنا مشاكل جديدة لم تعهدها المنطقة العربية.. ما حول المنطقة إلى تحالفات جديدة ذات محورين أساسيين، المحور الأول يضم تركيا السنية ومعها دول الخليج وبعض دول شمال أفريقيا، في مواجهة إيران وتتحالف معها سوريا والعراق وquot;حزب اللهquot; في لبنان وquot;حماسquot; في قطاع غزة.

الدعوة الأميركية- الروسية لعقد مؤتمر دولي حول سوريا دولت قضايا العرب ولم نعد نحن عرب الخليج نلعب الدور الرئيسي، فالولايات المتحدة ومعها الدول الغربية سوف تتحالف مع تركيا.. لكن تبقى طهران تملك نفوذاً متزايداً في تقرير مستقبل سوريا والمنطقة.